الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - اخبار اليمن و الخليج - "التقنية الحيوية" تمنح السعوديين الأمل بحياة أفضل وعمر أطول

"التقنية الحيوية" تمنح السعوديين الأمل بحياة أفضل وعمر أطول

الساعة 12:32 مساءً

 

بدوافع رغبة التكامل في مفهوم الرعاية الصحية، بدا لافتاً ما شهده السعوديون خلال اليومين الماضيين منذ إطلاق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية، من أجل تحسين الصحة الوطنية، ورفع مستوى جودة الحياة، فضلاً عن حماية البيئة، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي.

 

ويلمس السعوديون عبر الاستراتيجية الخاصة بالتقنية الحيوية الأمل في حياة أفضل، إذ تمنحهم معطيات لافتة على غرار فرصة الحياة لعمر أطول نتيجة تعزيز الاستجابة السريعة للأمراض المعدية الناشئة، فضلاً عن التحصين ضد الأمراض، بجانب اكتشاف الأدوية، والمعالجة الدقيقة للمكونات الفيروسية أو البكتيريا.

 

وثمة إمكانية للتقنية الحيوية في تطوير لقاحات جديدة، كما تتمتع التقنية، التي باتت بعض الحكومات تعتبرها أولوية استراتيجية، بقدرة على التنبؤ بأدوية أكثر دقة للأمراض فضلاً عن معالجتها للجينات أو استبدال تلك المعيبة بأخرى صحية.

 

وتعالج الاستراتيجية التي أطلقت أخيراً التحديات لتصبح السعودية مركزاً عالمياً للتقنية الحيوية بحلول عام 2040، فيما تسهم في العام ذاته بنسبة 3% في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، بإجمالي كلّي يبلغ 130 مليار ريال.

 

ماذا تعني التقنية الحيوية؟

يمزج المفهوم العلمي التقنية بعلوم الأحياء لابتكار الحلول، لإنتاج تقنيات حديثة واسعة، تستخدم بعضها أعضاء حيوية أو أجزاء منها لإنتاج منتجات، مثل الأدوية، والمركبات الغذائية، والمواد الكيميائية الصديقة للبيئة، فيما تتخلص من المواد الكيميائية والسامة، لحل مشكلات البيئة.

 

إن أردنا التعرف أكثر حول كيفية عمل التقنية الحيوية، فإننا نستحضر فترة جائحة كورونا، حيث ساهمت التقنية في معرفة مدى انتشار شدة المرض، عبر توظيفها مع مجالات الأتمتة الروبوتية، وأجهزة الاستشعار في المختبرات لتقدير طبيعة المرض، وبعدئذ تطويرها اللقاحات البشرية، وممارسة المراقبة الجينومية لمتحور كوفيد -19.

 

كيف تنعكس "التقنية الحيوية" على صحة المواطن السعودي؟

سألت "العربية.نت" الدكتور ياسر العبيداء، الرئيس التنفيذي لشركة سدير للأدوية، ما انعكاسات الاستراتيجية على صحة المواطن السعودي؟ قال إن الاستراتيجية الجديدة تحسن الصحة عبر الاستفادة من علم الجينوم والطب الدقيق والعلاجات المتقدمة لتعزيز الصحة وتعظيم سبل الوقاية، فضلاً عن تطوير حلول دوائية مبتكرة نتيجة تطبيقات مجالات الرعايـة الصحيـة، والزراعـة، والاسـتدامة البيئيــة، والتصنيــع.

 

وأضاف أن الاستراتيجية تنشئ قاعدة معرفية لفهم الجينوم المحلي، وتحفيز سبل الوقاية الصحية، وتعزيز الابتكار، للاستفادة من هذا العلم في قطاع الرعاية الصحية عبر الوصول إلى تشخيصات دقيقة وفعّالة.

 

ولفت إلى أن التقنية الحيوية تتصدى للتحديات الصحية العالمية وتواجه الأمراض حول العالــم، إذ تشــير الدراســات إلى الأثر الإيجابي لاســتثمارات البحث والتطوير في مجال التقنيـة الحيويـة لدفـع عجلـة التنميـة للرعاية الصحية والاستدامة البيئية.

 

ويتايع الدكتور العبيداء: "التقنية الحيوية تعزز إمكانيات التصنيع المتكاملة للقاحات لتحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج المستحضرات والمتشابهات الحيوية التي توفر بدورها زيادة في الصادرات النوعية".

 

وفي سياق متصل، يؤكد أن السعودية ما تزال تعمل في مشروع الاستثمار في مجال التقنيات الحيوية، إذ شهدت أخيراً توقيع الاتفاقية الأولية لتوطين الأنسولين، من أجل توفير احتياجات مرضى السكري، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

وأشار العبيداء إلى أن السعودية تسعى منذ عامين لخلق فرص استثمارية في صناعة اللقاحات والأدوية والتقنية الحيوية ومشتقات البلازما بقيمة تصل لـ 3.4 مليارات دولار، وأتت هذه الفرص بعد إعلان إنشاء لجنة صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية لجعل السعودية مركزاً مهماً لهذه الصناعة الواعدة لتحقيق رؤيتها في الأمن الدوائي والصحي.

 

"تطوير اللقاحات ركيزة أساسية للتأهب"

من جهته، يقول د.نايف الحربي، عالم الفيروسات واللقاحات الطبية مدير طوارئ الصحة العامة في مركز مكافحة الأمراض الخليجي، إن التقنية الحيوية تعد جسراً يربط بين الابتكارات الأكاديمية والبحثية ومراحل التصنيع والاعتماد سواءً كانت دوائية أو تشخيصية أو لقاحات، كما تأخذ بعين الاعتبار الاستثمار والدعم المادي لهذه العملية.

 

ويؤكد الحربي لـ "العربية.نت" أن تطوير اللقاحات ركيزة أساسية للتأهب والاستعداد للجوائح والأوبئة، مشيراً إلى أن البلاد تتمتع بتوافر مختبرات بحثية رائدة في مجال تطوير اللقاحات مثل مراكز الأبحاث في الشؤون الصحية بالحرس الوطني، وجامعة الملك عبد العزيز، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، غير أنها تظل جهوداً أكاديمية.

 

ويضيف: "الاستراتيجية تعد قفزة كبيرة لنقل الجهود البحثية والأكاديمية من مراكز الأبحاث إلى الحاضنات والمسرّعات والشركات لتصل إلى مراحل التصنيع الصيدلاني، والاعتمادات اللازمة لتصبح منتجا يلامس حاجة المريض، ما يرفع مستوى جودة الحياة ويحسن الخدمات الصحية، ويدعم التأهب والاستعداد للأوبئة والطوارئ الصحية محلياً ودولياً".

 

توجهات استراتيجية

وتركز الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية على 4 توجهات: اللقاحات لتوطين صناعتها وتصديرها وقيادة الابتكار فيها، والتصنيع الحيوي والتوطين لزيادة استهلاك الأدوية الحيوية وتوطينها وتصديرها، وكذلك الجينوم للريادة في أبحاث علم الجينوم والعلاج الجيني، وأخيراً تحسين زراعة النباتات لتعزيز الاكتفاء الذاتي، وقيادة الابتكار في مجال البذور المحسّنة.

 

إلى ذلك، تُسهل الاستراتيجية المتطلبات التنظيمية للصناعة المحلية في التقنية الحيوية، وتوفير البنية التحتية المناسبة والتمويل، فضلاً عن التحفيز بمُبادراتها العديدة لإيجاد الفرص لمُستثمري القطاع الخاص، بما يتسق مع إمكانات السعودية التنافسية، إذ أنها أكبر سوق إقليمي في مجال الأدوية واللقاحات.

 

بجانب دعمها لتأهيل الكوادر الوطنية وتدريبها في مجالات البحث والتطوير والابتكار، فضلًا عن تمكينها للبيئة التنظيمية والبنية التحتية التنافسية والرقمية، كما يوفر التنوع الجيني في المملكة ومناخها الجغرافي ظروفًا مثالية لإجراء الدراسات والأبحاث المعقدة.

 

إلى ذلك، تستحوذ السعودية والإمارات على أكبر حصة من سوق التقنية الحيوية، فيما يقدر حجم السوق بحوالي 31 مليار دولار في العام 2022، من المتوقع نموه بمعدل نمو سنوي يصل لـ 14% حتى 2030، حسب ما خلص إليه تقرير لشركة وادي الرياض الذراع الاستثماري لجامعة الملك سعود في مجالات الاقتصاد المعرفي ومشاريع الجامعة الاستراتيجية.

 

ونوه التقرير إلى أن نمو التقنية الحيوية في الشرق الأوسط مدفوع بعوامل عدة مثل زيادة الاستثمارات الحكومية في البحث والتطوير، وزيادة الطلب على حلول الرعاية الصحية، والشراكة الاستراتيجية مع شركات التقنية الحيوية الدولية.

 

وخلص التقرير أيضاً إلى وجود عوامل تمكين رئيسة تدعم نمو سوق التقنية الحيوية السعودية على غرار الاستثمارات في البحث والتسويق، وتكثيف الاهتمام في رأس المال البشري من المهارات والمعرفة عبر إطلاق برنامج تنمية القدرات البشرية.

 

وورد في تقرير لـ شركة "Strategy& Middle East" أن السعودية تتمتع بالإمكانات التي تمنحها فرصة التحول إلى مركز عالمي رائد في مجال البحث وتطوير التقنيات الحيوية وتصنيع المستحضرات الدوائية، خاصة وأن السعودية تنفذ استثمارات بنحو 4 مليارات دولار في مجال بحث وتطوير التقنيات الحيوية منذ عام 2021.