رغم أن "مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل" الذي عقدت نسخته الثامنة في ديسمبر 2023، ليس بالملتقى الأمني، إلا أن "رئاسة أمن الدولة" في السعودية كانت إحدى الجهات المشاركة في المهرجان، ضمن جناحٍئ مكونٍ من ثمانية أقسامٍ، ضم مجموعة من المقتنيات والمضبوطات، كما اللوحات التي توثق عدداً من الأحداث التي مرت بها المملكة، فضلاً عن مجموعة من الأعمال التشكيلية واليدوية التي أنجزها نزلاء سجون "المباحث العامة"، والتي قدم شرحاً حولها مجموعة من منتسبي "الرئاسة".
أكثر من ذلك، شهد المهرجان الظهور الأول للناطق باسم "رئاسة أمن الدولة"، العقيد تركي الحربي، الذي عُين حديثاً في أكتوبر 2023، حيث اعتبر أن مشاركة "الرئاسة" في "مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل"، تأتي "إيماناً منها برسالتها ودورها كجزء حيوي وفاعل في دعم المجالات الثقافية والتنموية"، وذلك "تحقيقاً لمبدأ التواصل مع المجتمع وما تقدمه من إرساء للأمن وخدمات للمواطنين"، كما تعزيز "مفهوم التكامل"، وفق ما جاء في حديثه لقناة "الإخبارية" السعودية.
اللافتُ أن "رئاسة أمن الدولة" اختارت لمتحدثها الرسمي أن يكون ظهوره الأول في مهرجانٍ اجتماعي – تراثي، وليس في مناسبة أمنية، وفي ذلك رسالة إلى أن العلاقة مع المجتمع لا ترتبط بـ"الأحداث الأمنية" وحسب، بل هي كما قال العقيد الحربي جزء من "التكامل"، وهذا التكامل يتم من خلال مجالات عدة، وعبر التواصل المباشر مع الجمهور العام في المناسبات المتنوعة، وإطلاعه على ما تم من مشاريع، والحديث مع الزوار والنقاش معهم حول الأفكار الجديدة، كي لا تكون هنالك حواجز بين مؤسسات الدولة والمواطنين.
يناير 2024، شاركت "رئاسة أمن الدولة" بجناح كبير في النسخة الثالثة من "مؤتمر ومعرض خدمات الحج والعمرة"، الذي شهد حضوراً واسعاً لأكثر من 200 جهة، ووقعت فيه اتفاقيات مع أزيد من 80 دولة!
"الرئاسة" أبانت عبر جناحها جانباً من القدرات الأمنية التي توفرها لتأمين سلامة زوار المشاعر المقدسة وحجاج بيت الله الحرام، ودور "قوات الأمن الخاصة" على مدار العام. فيما قدم المستشار في "الرئاسة" اللواء بسام عطية، عرضاً تفصيلياً في هذا الصدد، إضافة لورشة عمل قدمها اللواء سليم الهذلي حول تكامل قطاعات "أمن الدولة" مع الجهات المشاركة في موسم الحج والعمرة.
الأمن في الحجِ لم يعد ينظر له من خلال المنظور "التقليدي"، وإنما هنالك رؤية حديثة، بحسب المتحدث باسم "رئاسة أمن الدولة" العقيد تركي الحربي، الذي قال في تصريحٍ لقناة "MBC"، إن "رؤيتنا للأمن تنطلق من مدخلات رؤية 2030، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن"، مضيفاً "نسعى لأن تستوعب أعمالنا مستهدفات هذه البرامج"، ولذا "أصبحنا نعزز بشكل كبير مفهوم الأمن الناعم"، وهو الأمر الذي سيساعد الحجاج والمعتمرين على تأدية مناسكهم وتلبية احتياجاتهم براحة ودون قلق أو مشكلات تحول دون ذلك.
إشارة العقيد الحربي إلى "رؤية المملكة 2030" تعتبر مفتاحاً رئيساً لفهم آلية عمل "رئاسة أمن الدولة"، حيث إن جهودها في حفظ الأمن من جهة والتواصل مع الجمهور العام من جهة أخرى، تأتي تحقيقاً لمستهدفات "رؤية 2030" في عملية الإصلاح والتطوير الواسعة التي تشهدها المملكة، و"الرئاسة" هي جزء من هذا التطوير الشامل، وتعمل على ذلك عبر مستويات عدة: التشريعات، الإدارة، التقنية، الشفافية، التواصلية، والتكامل مع المؤسسات المختلفة.
من هنا نجد أن "رئاسة أمن الدولة" أتت ضمن "أعلى نتائج الجهات الحكومية السعودية في قياس التحول الرقمي 2023"، حيث حققت معدل 87.42% في "مؤشر قياس التحول الرقمي" والذي تصدره "هيئة الحكومة الرقمية".
التطور الرقمي هذا، واكبه عقد وتوقيع تفاهمات وتعاون مع جهات محلية عدة، منها على سبيل المثال محضر تنسيقي وُقعَ بين "اللجنة الدائمة لمكافحة الإرهاب" و"المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي"، في يناير الجاري، وقبلها في ديسمبر 2023 تم توقيع مذكرة تفاهم بين "رئاسة أمن الدولة" و"جامعة القصيم"، ما يسهل تبادل الخبرات وتوفير الخدمات التي تحتاجها مختلف الجهات.
هنالك أيضا ركيزتان في رؤية "رئاسة أمن الدولة"، وهما: الإنسان والقانون. فجميع هذه الإجراءات والتدابير الوقائية تتم من أجل خدمة الإنسان وحفظ أمنه وصونِ كرامته، لأنه دون أمن لن تكون هنالك بيئة مواتية للرفاهية والتنمية التي ينشدها المواطنون. وهذا الأمن لا يتحقق إلا من خلال القانون الذي يحترمه الجميع وله يحتكمون.
ما سبق يمكنُ الوقوفُ عليه في تعليق للمتحدث الرسمي باسم "رئاسة أمن الدولة" العقيد تركي الحربي، الذي قال لقناة "العربية" إن "تجربة ريادة المملكة في مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، تجربة متفردة على مستوى العالم، جوهرها حياة الإنسان"، مبيناً أن المملكة تتعامل "وفق مبادئ ثابتة وواضحة، أساسها القانون"، وذلك أثناء مشاركة المملكة في ورشة العمل الإقليمية "التعاون والتنسيق الدولي المناط بتقييم الدول"، التي عقدت في البحرين.
إذن، الأمن في السعودية جزء من "رؤية المملكة 2030"، وهو ضمن نطاق مستهدفاتها، لأن تحول المملكة لبيئة تنموية تتحقق فيها المشاريع الكبرى، تُمكن الكفاءات الوطنية الشابة، وتجذب المستثمرين الدوليين، وتضمن ديمومة النمو الاقتصادي، والاستقرار الاجتماعي، كل ذلك لا يتم دون بيئة آمنة بعيدة عن التطرف والإرهاب والعنف، وذلك في مقدمة أهداف "أمن الدولة" التي تعتقد أنها مسؤولية مشتركة بين الجميع.
