كشفت مصادر أميركية مطلعة قصة قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بتوجيه ضربات عسكرية دقيقة على الميلشيات الحوثية في اليمن.
وأوضحت المصادر أنه كانت هناك مجموعة من الخيارات العسكرية القوية، لكن بايدن حدد الخطوة الأولى كإنذار لتجاوز الحوثيين الخطوط الحمراء، وكان الرئيس بايدن في إجازته في سانت كروا عندما تحدث مع فريق الأمن القومي الخاص به في صباح اليوم الأول من عام 2024. وكان الحوثيون قد شنوا هجومًا آخر على ممرات الشحن الدولي في البحر الأحمر، ما جعل الرئيس مستعدا لمناقشة إمكانية الرد العسكري.
وبحسب التفاصيل التي أوردها موقع "بوليتكو"، كانت توجيهات الرئيس ذات شقين: الأول هو الجبهة الدبلوماسية حيث وجه فريقه إلى بذل المزيد من الجهد من أجل إصدار قرار من الأمم المتحدة لإدانة الهجمات. وعلى الجانب العسكري، أمر البنتاغون بتطوير خيارات للرد على الحوثيين.
وأدى اجتماع يوم رأس السنة في نهاية المطاف إلى قيام الولايات المتحدة وحلفائها بشن هجوم واسع النطاق على أهداف الحوثيين في اليمن بعد 10 أيام، ليل الخميس، رداً على الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار المتكررة التي شنتها الجماعة على السفن التجارية في المياه الدولية منذ نوفمبر.
وقصفت الطائرات المقاتلة الأميركية والبريطانية، إلى جانب السفن الحربية والغواصات الأميركية، مواقع عسكرية للحوثيين في جميع أنحاء اليمن، مع التركيز على مواقع إطلاق وتخزين الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية.
ومن بين السفن المشاركة كانت "يو إس إس فلوريدا"، وهي غواصة مزودة بصواريخ موجهة تطلق صواريخ توماهوك كروز، وفقًا لمصدر مطلع. وشاركت أيضًا طائرات F-18 في الهجمات، وأقلعت من حاملة الطائرات "يو إس إس أيزنهاور".
وأوضحت المصادر أن بايدن لم يأمر بشن ضربات انتقامية لأكثر من أسبوع بعد أن وجه فريقه برسم الخيارات العسكرية، بما يتماشى مع رغبته المعروفة في استنفاد الخيارات الدبلوماسية وتجنب جر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، لكن الرئيس أوضح في بيان صدر مساء الخميس أن الهجمات الأخيرة تجاوزت الخط الأحمر.
وتستند هذه الرواية إلى تعليقات أدلى بها مسؤول كبير في الإدارة ومسؤول عسكري كبير في الإدارة الأميركية.
وأنهت ضربات الخميس أسابيع من الضغوط المتزايدة على بايدن للرد عسكريا على هجمات الحوثيين.
وكان الجيش الأميركي قد وضع خيارات أكثر قوة في وقت مبكر من الأسبوع الأول من ديسمبر، ولكن في تلك المرحلة، اتفق كبار مسؤولي بايدن على أن ضرب الحوثيين بشكل مباشر لم يكن المسار الأفضل.
وكان المسؤولون الأميركيون يشعرون بالقلق من أن ضرب الحوثيين، الذين يقولون إن الهجمات على السفن التجارية هي دليل على الدعم للفلسطينيين، من شأنه أن يخاطر بتوسيع الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي.
وخلال اجتماع الأول من يناير/كانون الثاني، وجه بايدن فريقه لإصدار بيان تحذير نهائي مع الشركاء الدوليين، قبل القيام بعمل عسكري.
ودون علم قادة الأمن القومي الآخرين، كان وزير الدفاع لويد أوستن قد خضع للتو لعملية جراحية لعلاج سرطان البروستاتا قبل 10 أيام. وفي وقت لاحق من مطلع يناير، تم نقله في سيارة إسعاف إلى مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني بسبب مضاعفات هذا الإجراء. وخلص أطباء إلى أن أعراض أوستن ناجمة عن التهاب في المسالك البولية، ونقلوه إلى وحدة العناية المركزة لمزيد من العلاج.
وفي الفترة من 2 يناير حتى 5 يناير، كانت نائبة أوستن، كاثلين هيكس، مسؤولة فعليًا عن البنتاغون أثناء إجازتها في بورتوريكو.
ولم يتم إبلاغ بقية أعضاء فريق الأمن القومي التابع لبايدن بدخول أوستن إلى المستشفى حتى يوم الخميس. ومنذ استئناف مهامه الكاملة في 5 يناير، واصل أوستن الدعوة لحضور الاجتماعات من سريره في المستشفى.
وفي 3 يناير/كانون الثاني، أصدرت الولايات المتحدة و13 دولة أخرى بياناً حذرت فيه من أن الحوثيين سيتحملون "العواقب" الكاملة لأي هجمات أخرى ضد السفن التجارية، لكن ذلك لم يفعل الكثير لردع الحوثيين.
ويوم الثلاثاء، شن الحوثيون أكبر هجوم لهم، ما مثل نقطة تحول بالنسبة للمسؤولين الأميركيين. وأطلقت المجموعة وابلاً من الطائرات بدون طيار والصواريخ التي استهدفت السفن التجارية والعسكرية الأميركية.
وأسقطت القوات البحرية الأميركية والبريطانية ما يقرب من 20 طائرة بدون طيار وثلاثة صواريخ، ما حال دون وقوع أضرار جسيمة من هجمات الحوثيين.
وفي أعقاب الهجوم، دعا بايدن فريق الأمن القومي الخاص به لعقد اجتماع آخر في ذلك اليوم. وبعد أن كان في البيت الأبيض دون أي التزامات عامة على جدول أعماله، عُرضت على بايدن مرة أخرى خيارات عسكرية. وفي نهاية الاجتماع، قرر بايدن أن الوقت قد حان للمضي قدمًا وأصدر تعليماته لأوستن، الذي كان لا يزال يعمل من المستشفى، بتنفيذ الضربات.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع إن العملية استغرقت وقتًا للتنسيق لأن الدول الأخرى المشاركة أرادت فهم الأساس القانوني للضربات، إلى جانب ما طلبت الولايات المتحدة منهم المساهمة به على وجه التحديد.
وأفاد المسؤولون الأميركيون أنهم لم يروا بعد رداً للحوثيين على الهجمات، ولكن حسب ما قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: "لن نتفاجأ برؤية أي نوع من رد الحوثيين".