اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2722 بتأييد 11 عضوا وامتناع 4 عن التصويت. يدين القرارالهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التجارية وسفن النقل في البحر الأحمر ويطالب بالوقف الفوري لجميع هذه الهجمات.
في مستهل اجتماع المجلس، الذي عقد بعد مشاورات مغلقة استمرت ساعات، اقترحت روسيا 3 تعديلات على مشروع القرار المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. لكن التعديلات لم تحصل على التأييد المطلوب من أعضاء المجلس الخمسة عشر.
واعتمد القرار بعد أن صوتت لصالحه غالبية الأعضاء فيما امتنعت روسيا والصين والجزائر وموزامبيق عن التصويت.
القرار
يدين القرار بأشد العبارات الهجمات التي شنها الحوثيون- والتي زاد عددها عن العشرين- على السفن التجارية وسفن النقل منذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر. ويطالب بأن يكف الحوثيون فورا عن جميع هذه الهجمات التي تعيق التجارة العالمية وتقوض الحقوق والحريات الملاحية والسلم والأمن الإقليميين. كما يطالب بالإفراج فورا عن السفينة غالاكسي ليدر وطاقمها.
ويؤكد القرار وجوب احترام ممارسة السفن التجارية وسفن النقل للحقوق والحريات الملاحية وفقا للقانون الدولي، ويحيط علما بحق الدول الأعضاء في الدفاع عن سفنها ضد الهجمات بما في ذلك التي تقوض تلك الحقوق.
ويثني القرار على الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء- في إطار المنظمة البحرية الدولية- لتعزيز سلامة السفن التجارية وسفن النقل من جميع الدول ومروها بأمان عبر البحر الأحمر. ويشجع أيضا مواصلة الدول الأعضاء بناء وتعزيز قدراتها، ودعمها لبناء قدرات الدول الساحلية ودول الموانئ في البحر الأحمر وباب المندب بهدف تعزيز الأمن البحري.
ويشدد على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية، بما في ذلك النزاعات التي تسهم في التوترات الإقليمية والإخلال بالأمن البحري، من أجل ضمان الاستجابة بسرعة وبكفاءة وفعالية، ويكرر التأكيد في هذا الصدد على ضرورة أن تتقيّد جميع الدول الأعضاء بالتزاماتها، بما في ذلك حظر الأسلحة المحدد الأهداف الوارد في قرار المجلس 2216 وتصنيف الحوثيين جماعة يسري عليها حظر توريد الأسلحة، وفق القرار رقم 2624.
روسيا
قبل التصويت على التعديلات التي اقترحها على مشروع القرار، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن بلاده تولي اهتماما جديا لمسائل أمن الشحن الدولي، وكانت قد أدانت الهجمات على السفن المدنية في البحر الأحمر في مناسبات عديدة.
إلا أنه أكد أن الأهداف الحقيقية للقرار ليست ضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، بل هي "محاولة لإضفاء الشرعية على الإجراءات الحالية للتحالف الذي شكلته الولايات المتحدة وحلفاؤها بعد وقوعها وتحقيق مباركة مفتوحة لها في مجلس الأمن".
وقال السيد نيبينزيا إن القرار يتطرق إلى حق الدول في الدفاع عن سفنها من الهجمات، الأمر الذي لا وجود له في القانون الدولي على حد قوله. وأضاف: "هذا الابتكار مريب وخطير من وجهة نظر قانونية وسياسية".
ولمعالجة الاعتراضات الروسية على القرار، اقترح الوفد الروسي إضافة فقرة إلى مسودة القرار تؤكد على أن جميع أحكامه "لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها تخلق سابقة أو معايير جديدة للقانون الدولي". كما اقترح استبدال جملة "الإحاطة علما بحق الدول في الدفاع عن سفنها ضد الهجمات" بعبارة تشير إلى "الحقوق المطبقة للدول الأعضاء وفقا للقانون الدولي".
وقال السفير الروسي إن استعادة الهدوء في البحر الأحمر، تتطلب حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني "ووضع حد للمذبحة في غزة". وكان قد اقترح إضافة إشارة محددة للصراع في قطاع غزة، بدلا من الإشارة فقط وبشكل عام إلى "النزاعات التي تسهم في التوترات الإقليمية والإخلال بالأمن البحري" كما جاء في القرار المُعتمد اليوم.
الولايات المتحدة
ليندا توماس غرينفيلد السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة قالت إن التعديلات الروسية على مشروع القرار قُدمت في اللحظات الأخيرة وبسوء نية وتبتعد كل البعد عن الواقع حسب تعبيرها.
ورفضت ما تضمنه أحد التعديلات عن أن النزاع في غزة هو أساس الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر. وقالت إن هذا التعديل كان سيقوي الحوثيين ويخلق سابقة خطيرة يُشرّع فيها المجلس هذه الانتهاكات للقانون الدولي.
وقالت إن القرار يعترف بأن الديناميات الإقليمية- بما في ذلك توفير إيران الأسلحة المتقدمة التي مكنت الحوثيين من استهداف السفن- قد ساهمت في هذا الوضع. وذكرت أن الأمر لا يتعلق بنزاع محدد وإنما بمبدأ الحفاظ على حرية الملاحة في ممر بحري مهم للتدفق الحر للتجارة الدولية.
وأكدت السفير الأمريكية على حق الدول في الدفاع عن السفن التجارية من الهجمات، وذكرت أن هذا ما فعلته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة- أمس الثلاثاء- عندما تعرضت سفنهما لهجمات من الحوثيين. وأضافت: "إذا استمرت هجمات الحوثيين، فستكون هناك عواقب".
الجزائر
بعد امتناعه عن التصويت أعرب عمار بن جامع السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة عن الأسف لعدم الأخذ بعين الاعتبار عنصرين مهمين في مشروع القرار أعربت الجزائر عن القلق بشأنهما.
وأوضح قائلا: "أولا نؤمن بأن أي تدخل عسكري في المنطقة، وخاصة في اليمن، يجب أن يتم التعامل معه بأقصى درجات الحيطة. مثل هذا التدخل قد يحمل مخاطر تقويض الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة في السابق من كل الوكالات وخاصة من المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ".
وقال بن جامع إن المفاوضات الأخيرة بين السعودية والحوثيين ولدت قدرا كبيرا من الأمل في المنطقة بشأن احتمال حل الصراع في اليمن.
وفي سياق حديثه عن النقطة الثانية التي تثير قلق بلاده في القرار، قال بن جامع إن الوفد الجزائري عمل مع مقدمَي مشروع القرار كي يتسنى للمجلس- عندما ينظر في مسألة الأمن البحري في البحر الأحمر- عدم تجاهل الرابط الواضح الذي يراه الجميع بين هجمات الحوثيين على السفن التجارية وما يحدث منذ 3 أشهر في غزة.
وأكد ضرورة ألا يتجاهل مجلس الأمن المشاعر التي أثيرت في العالمين العربي والإسلامي بسبب القصف العشوائي للسكان المدنيين الأبرياء. وقال: "فضلنا الامتناع عن التصويت لأننا لا يمكن أن نرتبط بنص يتجاهل 23 ألف شخص لقوا مصرعهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في غزة".
اقرأ أيضا: أمام مجلس الأمن، الأمم المتحدة تدعو لوقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر
وكان المجلس قد عقد اجتماعا في الثالث من الشهر الحالي حول الوضع في منطقة البحر الأحمر، استمع خلاله إلى إحاطتين من الأمانة العامة للأمم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية.
وفي ذلك الاجتماع حذر خالد خياري مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ من العواقب السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية الوخيمة للتصعيد في البحر الأحمر وخطر تفاقم التوترات الإقليمية.
وقال خياري إن استمرار التهديدات من قبل الحوثيين للملاحة البحرية بالإضافة إلى خطر حدوث مزيد من التصعيد العسكري، يثيران القلق البالغ وقد يؤثران على الملايين في اليمن والمنطقة والعالم.
وقد قررت نحو 18 شركة تغيير مسار سفنها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح لتجنب تعرضها للهجمات والآثار المتوقعة على البحارة. ووفق المنظمة البحرية الدولية يضيف ذلك 10 أيام على تلك الرحلات البحرية ويزيد أسعار الشحن.