بلغ عدد أفراد فئة "كبار السن" في السعودية نحو 861 ألف نسمة في تعداد العام المنصرم، سواءً للسعوديين وغيرهم، حسبما كشف مجلس شؤون الأسرة، فيما نالت منطقة مكة المكرمة النسبة الأكبر من فئة المسنين، بواقع أكثر من 250 ألف، وبعدها جاءت الرياض بنحو مئتي ألف من فئة المسنين، يليها منطقة الشرقية، بنحو مئة ألف مسن.
ونوهت الدكتورة ميمونة آل خليل، الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة، في حوار مع "العربية.نت" بمبادرات المجلس من أجل ربط جيل الشباب بفئة كبار السن لتقليل الفجوة الثقافية والمعرفية بينهم.
وفي المقابل، أكدت أن المجلس المعني بقضايا الأسرة يُعد حالياً دراسة للمؤشر الوطني للطلاق، إذ يجري التنسيق في الوقت الراهن مع وزارة العدل والهيئة العامة للإحصاء لحساب المؤشر.
وبشأن عدم توافر لجنة معنية بقضايا الرجل على غرار لجان الطفولة والمرأة وكبار السن، ألمحت الدكتورة ميمونة آل خليل أن تلك اللجان المذكورة تتطلب مزيداً من الجهود للبحث في قضايا هذه الفئات المعينة، فضلاً عن دراسة حالاتها، واقتراح الخطط والمشروعات الخاصة بها، وإطلاق البرامج المساندة لها. ولفتت إلى أن الرجل والمرأة يتمتعان باهتمام لافت في ظل "رؤية السعودية 2030" التي تركز على الشباب السعودي الواعد من الجنسين.
إليكم نص الحوار:
ما أهم المشروعات التي خلصتم إليها أخيرًا من أجل تعزيز دور الأسرة؟
يعمل المجلس على تعزيز دور ومكانة الأسرة، وفق مستهدفاته ومسارات عمله، ولدينا العديد من البرامج والمبادرات التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية للأسرة، وتستهدف أفراد الأسرة كافة. ومن تلك البرامج التي عمل المجلس مؤخرًا عليها: الدليل الإرشادي "يتربى بعزكم" لتمكين الأسرة من اكتشاف مهارات الطفل وتحديد أي صعوبات في النمو سواء كانت جسدية أو عقلية أو نفسية. ويسهم هذا الدليل في توفير التوعية اللازمة للوالدين حول تقييم الطفل، وتثقيفهما بالمهارات اللازمة، وتوعيتهما بالصعوبات أو التحديات التي تؤثر على سلامة نمو الطفل في مراحل الطفولة المبكرة، وإرشادهم في حال وجود تحديات صحية أو نفسية لدى الطفل بضرورة التوجه للجهات الصحية المختصة.
كما عمل المجلس على تطوير دليل إرشادي بعنوان "طفلي بأمان في كل مكان"، وقد تم إعداده ليتضمن الإرشادات المتعلقة بأفضل الممارسات، بشأن كيفية توفير بيئة آمنة وسليمة للأطفال وحمايتهم من الحوادث والمخاطر (المنزلية، المرورية، وغيرها) على مستوى العائلات والمؤسسات ذات الصلة.
ومن البرامج التي أطلقها المجلس أيضاً حملة "الوالدية الفاعلة" لتعزيز الأثر التربوي وإكساب الوالدين المفاهيم التربوية البنّاءة، كما استهدفت الحملة تغيير المفاهيم التربوية، ورفع الوعي حول أهمية فهم مراحل نمو الأبناء لتلبية احتياجاتهم المختلفة، إضافةً إلى تمكين الأسر من توفير الحماية الاجتماعية، وإمدادهم بممكّنات التفاعل الإيجابي مع أبنائهم لبناء أسرٍ مترابطة.
وفيما يخص فئة كبار السن، فقد أطلق المجلس حملة توعوية بعنوان "كبيرنا عزيز" للتأكيد على مكانة كبار السن في المجتمع، وتعزيز الإيجابية لدى كبار السن، أي الحفاظ على الاتجاه الإيجابي تجاه التقدم في السن. وقد تضمنت الحملة مجموعة ورش عمل، أُقيمت في مناطق المملكة المختلفة، للمساهمة في تعزيز الروح الإيجابية لدى كبار السن في المجتمع، ورفع الوعي حول أهمية الحرص على صحة كبار السن البدنية والنفسية، وتوعيتهم والمحيطين بهم من حولهم بأهم ممارسات الصحة النفسية والبدنية.
كذلك دشّن المجلس "الإطار الوطني لسلامة الأطفال على الإنترنت"، الذي يهدف إلى حماية الأطفال من الأذى عبر الإنترنت، وتوفير فضاء إلكتروني آمن وصديق للطفل، يحميهم من المحتوى غير المناسب، ومن المخاطر التي قد يتعرضون لها عبر الإنترنت، مستهدفين تعزيز وعي الأسر والأطفال تجاه تقنين الاستخدام المبالغ فيه للإنترنت، ورفع أي حواجز مجتمعية تنشأ بفعل استخدامهم الإنترنت. وقد تم تدشينه ضمن "منتدى الأسرة السعودية 2023" بحضور وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ووزير الصحة، ووزير الإعلام؛ والمدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف في الخليج، لتمكين الأطفال من الصمود في مواجهة الأذى، والتخفيف من تعرضهم له، وضمان اتباع طرق فعالة لتعزيز التعافي، بالإضافة إلى ضمان اتباع النُّهج الفعالة والقائمة على الأدلة في تقييم التدخلات.
الملاحظ أن مجلس شؤون الأسرة يتمتع بتوافر لجان معنية بالأسرة، والطفل، وكبار السن، فضلاً عن المرأة، لماذا لا توجد لجنة معنية بالرجل؟
نص تنظيم مجلس شؤون الأسرة على أن يشكل "ما يلزم من لجان فنية دائمة أو مؤقتة على أن يكون من بينها (لجنة الطفولة، ولجنة كبار السن، ولجنة المرأة)"، حيث إن هذه الفئات تتطلب مزيدًا من الجهود للبحث في قضاياها، ودراسة حالاتها، واقتراح الخطط والمشروعات الخاصة بها، وإطلاق البرامج الداعمة والمساندة لها. ويعمل المجلس ممثلًا بلجنة كبار السن على دعم كبار السن من الجنسين (الرجال والنساء). هذا يأتي إضافةً إلى ما يتمتع به الرجل والمرأة من اهتمام وعناية بالغة في ظل "رؤية السعودية 2030" التي تركز بشكل كبير على الشباب السعودي الواعد من الجنسين، حيث أطلقت الجهات العامة العديد من المشروعات والبرامج والمبادرات الهادفة لدعم هذه الفئة، وزيادة مشاركتها في سوق العمل، كما أن تمكين الشباب هو أحد أهم أولويات الحكومة الرشيدة لتحقيق التوازن، وزيادة فرص النمو الاقتصادي.
حدثينا عن أبرز الإحصاءات والمواصفات الخاصة مثلًا في الأسرة السعودية؟
وفقًا للإحصاءات الأخيرة الصادرة من "الهيئة العامة للإحصاء"، فقد بلغت نسبة الأسر المعيشية السعودية 50.8%. وبناء على مراجعة البيانات الإحصائية من المسوحات المختلفة، فإنه يمكن استخلاص مواصفات عامة للأسر في المملكة، تتلخص بتفاوت حجم الأسرة من منطقة لأخرى، حيث يمتلك ما يقارب 59% من "الأسرة متعددة الأجيال" علاقات قوية مع العائلة الممتدة أو ما يسمى بالعشيرة أو القبيلة. ولقُرابة 10% من الأسرة عامل أو عاملة أجنبية يعيشون بوصفهم جزءًا منها. ويغلب على الأسر في المملكة أنها أسر شابة، حيث إن قرابة 45% من السعوديين تقل أعمارهم عن 29 عامًا، و66% من السعوديين يتزوجون في سن 24 أو قبل ذلك.
ما الذي استجد في إنشاء قاعدة بيانات وطنية للأسرة؟
"إعداد قاعدة معلومات بشؤون الأسرة" من اختصاصات المجلس بحسب تنظيمه، وهو مشروع مجدول للتنفيذ ونتطلع للفوائد المتعددة التي ستنتج عن هذه القاعدة في دعم الأسر في المملكة.
ماذا عن الطفل وهمومه بالنسبة للمجلس؟
يقدم مجلس شؤون الأسرة ممثلًا بلجنة الطفولة البرامج التوعوية الشاملة للنهضة بجودة حياة الطفل بما في ذلك التوعية بحقوق الطفل والتعريف بها، واقتراح ودراسة الأنظمة واللوائح والخطط والمشروعات المتعلقة بالطفولة، بالإضافة إلى العمل على تلبية متطلبات الطفل من خلال إنشاء المبادرات التي توضح الدور الذي يتوجب على الأسرة والمجتمع بأكمله تجاه الطفل.
هل هناك نسبة معينة لتعرض الأطفال للإيذاء والعنف في المملكة؟
بحسب التقارير السنوية الصادرة عن برنامج الأمان الأسري الوطني بلغت نسبة الاتصالات الواردة لخط مساندة الطفل تحت تصنيف "الإساءة والعنف" 29% من الاتصالات التي استقبلها الخط في عام 2022، كما بلغت نسبة حالات العنف والإيذاء ضد الأطفال في السجل الوطني لتسجيل حالات العنف والإيذاء 46% من الحالات المسجلة عامةً (أي ضد الأطفال والبالغين) لعام 2022. لذا، حماية الأطفال وضمان سلامتهم من العنف والإيذاء قضية هامة تحرص عليها المملكة حرصًا بالغًا، فـ"السلامة والأمن" إحدى ركائز الاستراتيجية الوطنية للأسرة، وعدد من المبادرات المذكورة في بداية الحوار ركزت على تحقق الأسر من سلامة الطفل في محيطه المباشر الفعلي والرقمي.
ماهي احتياجات الطفولة في المجتمع وفقًا للمتغيرات الاجتماعية اليوم؟
من بين أهم احتياجات الطفولة توفير بيئة مشجعة على التعلم لتنمية مهارات الأطفال الذهنية والاجتماعية، بالإضافة إلى الرعاية العاطفية والاجتماعية، حيث يحتاج الأطفال إلى بيئة داعمة تعزز الاتصال العاطفي، كما يحتاج الأطفال كذلك إلى توفير محيط آمن وحمايتهم من كل المهددات والأخطار الجسدية والعاطفية والاجتماعية، وكذلك حمايتهم من مهددات العالم الرقمي الذي يتعرض له الأطفال اليوم في معظم أوقاتهم، مما يحتم على الأسر مراقبة تلك المحتويات الرقمية، وتوجيه أطفالهم للآليات الآمنة للتعامل معها. وأيضًا يحتاج الأطفال إلى فرص للتواصل والتفاعل مع الآخرين، والمشاركة في القرارات المؤثرة في حياتهم، ومن هنا يبرز دور الأسرة في دعم هذا الاحتياج لدى أطفالهم، ومنحهم الفرصة للتفاعل في المنزل والمدرسة ومع المجتمع.
برأيك، ما هي المشكلات التي تواجه الأسر السعودية؟
تواجه الأسر السعودية -كغيرها من الأسر حول العالم- تحديات متنوعة في ظل المتغيرات المعاصرة حيث تتسبب ضغوط الحياة اليومية بتحديات اقتصادية واجتماعية وصحية، إضافة إلى صعوبة تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، إلى جانب التحديات التربوية مع الأبناء، فالأسر بحاجة للتوعية في أساليب التوجيه المقنع لجيل اليوم، بحيث يتم التأكيد على أهمية المبادئ الإسلامية، وقيمة الموروث الثقافي، وآليات التعاطي مع المستجدات الفكرية والاجتماعية والتكنولوجية، كما أن هناك تحديات صحية وعاطفية يعاني منها بعض أفراد الأسرة وخصوصًا كبار السن حيث يعاني معظمهم من ظروف صحية غير مستقرة، تؤثر على صحتهم النفسية واستقرارهم العاطفي.
يُعد ادخار الأسر عاملًا مهمًّا في التنمية الاقتصادية، فكيف تقيمين دور الأسرة في هذا الإطار؟
مع زيادة تكاليف المعيشة، ومحدودية ممارسات الادخار المتاحة ومنتجاتها، من المهم أن تلتفت الأسر للتخطيط للادخار، ففي الاستراتيجية الوطنية للأسرة مبادرة "ادخاري ثقافة" لدعم أولياء الأمور، وتقديم التوعية المالية للأسرة وأفرادها بالشراكة مع المؤسسات ذات العلاقة.
بكم تقدر نسب الطلاق في السعودية، وما تفاصيل إطلاق قاعدة بيانات جديدة للطلاق؟
بحسب آخر قراءة معلنة لعام 2020 من الهيئة العامة للإحصاء كان معدل الطلاق العام لإجمالي السكان في المملكة (15 سنة فأكثر) 2.18 لكل ألف من السكان، وبلغ 3.64 حالة لكل 1000 من السكان السعوديين، ولم يُعلن بعد عن النسب الحديثة لمعدل الطلاق، وقد عمل المجلس على دراسة "المؤشر الوطني للطلاق" ويجري التنسيق حالياً مع وزارة العدل ومع الهيئة العامة للإحصاء لحساب المؤشر.
عدد من المبادرات والمشاريع تهدف إلى ربط جيل الشباب مع الآباء والأجداد وسد الفجوة بين الأجيال، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مبادرة "كما ربياني" لنشر الوعي حول الممارسات الصحيحة للحد من العزلة الاجتماعية التي يواجهها كبار السن من خلال برامج تدريبية وزيارات أسرية لتقديم خدمات تطوعية.
كما نفذ المجلس مشروع نوعي ومهم تحت مسمى "الإدماج الرقمي لكبار السن - هاكاثون التقنية" وهو موجه للشباب والشابات بهدف طرح الأفكار والبرامج والمبادرات التي تخدم كبار السن في تخطي التحديات التقنية التي يواجهونها وتم خلال مراحل المشروع تقديم أفكار إبداعية وخلاّقة تخدم كبار السن.
وامتداداً لحرص المجلس على تعزيز مبدأ التواصل مع كبار السن عملنا على "مسابقة أفضل خدمة تطوعية" وهي عبارة عن برامج يقدمها الشباب والشابات في مجال الخدمة التطوعية في عدة مجالات لصالح كبار السن تشمل المجال الصحي والاجتماعي والترويحي والرياضي ويتم تقييمها من قبل فريق مختص.
كذلك أصدر المجلس دليلاً إرشادياً لكيفية التعامل الأمثل مع كبار السن داخل وخارج المنزل، حيث حدد الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من أفراد الأسرة تجاه كبير السن.
ما هي أكثر مناطق المملكة التي تستحوذ أعلى نسب كبار السن؟
فيما يختص بأعداد كبار السن وتوزيعهم الجغرافي وفق التعداد السكاني للعام 2022، فقد بلغ عدد كبار السن في المملكة 861849 نسمة. أما بالنسبة للمناطق التي سجلت أعلى عدد لكبار السن -من السعوديين، وغير السعوديين- فهي على الترتيب: منطقة مكة المكرمة، وقد بلغ عددهم 252977 نسمة، يليها منطقة الرياض (مع 191130 من كبار السن)، بينما سجلت المنطقة الشرقية ما يقارب 107323 من كبار السن.