تضطلع دولة الإمارات بدور فاعل في تعزيز الابتكار والاستثمار ضمن قطاعي الاستدامة والطاقة النظيفة لدعم الجهود الدولية في مواجهة التغير المناخي، كما تعمل من خلال مشاريعها المحلية والدولية على تطوير التقنيات المستدامة ونشرها على نطاق واسع للمساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة.
وتحظى الإمارات بمكانة رائدة في الاستثمار العالمي في مجالات الطاقة المتجددة والنظيفة، حيث تصدرت إقليمياً وحلت في مرتبة متقدمة ضمن أكبر دول العالم استثماراً في مشاريع الطاقة النظيفة، إذ استثمرت دولة الإمارات أكثر من 50 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة في 70 دولة وتعهدت باستثمار 50 مليار دولار أخرى في مشاريع الطاقة النظيفة في الداخل والخارج على مدى العقد المقبل، كما قدمت أكثر من 1.5 مليار دولار مساعدات وقروض ميسرة لمشاريع الطاقة المتجددة على مستوى العالم منها مشاريع الطاقة المتجددة في 30 دولة جزرية نامية.
وتبنت دولة الإمارات أحدث الأساليب لتعزيز الابتكار في التقنيات النظيفة من خلال بناء القدرات، ونشر المعرفة، والاستثمار في ابتكارات الطاقة المتجددة، لتوفير طاقة نظيفة ومستدامة.
وتنسجم هذه الجهود الوطنية مع محور «الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي» ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها أخيراً، تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28» الذي يعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
وتهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً لمجتمع واعٍ بيئياً.
خفض الانبعاثات
وتقود دولة الإمارات الجهود العالمية في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة من خلال استراتيجياتها واستثماراتها في هذا المجال، حيث تتبع الدولة نهجاً طويل الأمد للتخطيط لمستقبل الطاقة وخفض الانبعاثات الصادرة منها، وجاء تحديث استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 بهدف رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بـ42 إلى 45 % مقارنة بسنة 2019، ورفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 3 أضعاف بحلول 2030، ورفع مساهمة القدرة المركبة للطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة بحلول 2030 إلى 30 %، إضافة إلى تحقيق توفير مالي يصل إلى 100 مليار درهم بحلول العام ذاته، واستثمارات وطنية بين 150 إلى 200 مليار درهم حتى عام 2030 لضمان تلبية الطلب على الطاقة واستدامة النمو في اقتصاد دولة الإمارات.
وتمتلك دولة الإمارات القدرة على إنتاج الطاقة الشمسية الأقل تكلفة في العالم، وهي أول دولة في المنطقة تستخدم الطاقة النووية السلمية لتوليد الكهرباء، كما تركز الإمارات على زيادة استثماراتها في مصادر الطاقة المتجددة المبتكرة، مثل الهيدروجين من خلال بناء أول مشروع للهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي في المنطقة، والذي تم إطلاقه في شهر مايو 2021، إلى جانب التوسع في إنتاج الهيدروجين الأزرق لدعم جهود خلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة.
ويبلغ عدد مشاريع الطاقة الكبرى الصديقة للبيئة في الإمارات المنجزة والجاري إنشاؤها 11 مشروعاً بقيمة 159 مليار درهم، وذلك بنهاية العام 2022.
جهود رائدة
وتواصل الإمارات جهودها الرائدة عالمياً بالتعاون مع شركائها حول العالم في تعزيز أمن الطاقة ونشر تطبيقات التكنولوجيا النظيفة، حيث اتفقت دولة الإمارات وكوريا الجنوبية في يناير الماضي على إقامة شراكة استراتيجية شاملة للطاقة توفر منصة مشتركة لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة مثل إنتاج واستخدام الهيدروجين والأمونيا، واستخدام البنية التحتية للطاقة النظيفة، وتطوير النظم الإيكولوجية الصناعية للطاقة المتجددة.
كما وقعت الإمارات مع فرنسا في يوليو 2022 اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة في مجال الطاقة تشمل الاستثمار المباشر في مشروعات أمن وكفاءة الطاقة والتقنيات النظيفة والتحول في قطاع الطاقة.
وفي نوفمبر 2022 تم إطلاق الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة لاستثمار 100 مليار دولار، لتنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 جيجاوات في أنحاء العالم بحلول عام 2035.
مشاريع مستدامة
وتمتلك إمارة أبوظبي العديد من مشاريع إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، وقد بلغت قيمة الاستثمارات في قطاع توليد الطاقة الكهربائية في الإمارة لعام 2021 نحو 18 مليار درهم في مصادر الطاقة المتنوعة، ومن المتوقع وصول حجم الاستثمارات حتى عام 2025 إلى 50 مليار درهم، كما تستهدف أبوظبي مضاعفة حجم الاستثمارات لتصل إلى نحو 80 مليار درهم حتى عام 2050، حيث تشكل الاستثمارات في الطاقة النظيفة والمتجددة أكثر من ثلثي إجمالي الاستثمارات في القطاع.
وتعد شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) اليوم واحدة من أسرع شركات الطاقة المتجددة نمواً في العالم، حيث تنشط حالياً في أكثر من 40 دولة موزعة في ست قارات، وتستثمر الشركة في مشاريع حول العالم تتجاوز قيمتها الإجمالية 30 مليار دولار.
وعقد مكتب أبوظبي للاستثمار خلال العام الماضي شراكة مع شركة «سيمنس للطاقة أيه جي» بهدف تسريع مسيرة التحول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية على مستوى الدولة والعالم. وستحصل شركة «سيمنس للطاقة أيه جي»، بموجب الاتفاقية، على دعم مكتب أبوظبي للاستثمار لتأسيس مركز ابتكار الشرق الأوسط في إمارة أبوظبي.
وتماشياً مع سعي دولة الإمارات لدعم الحلول المبتكرة في مجال الطاقة النظيفة، جاء إنشاء مركز الظفرة للابتكار الواقع ضمن محطة شمس للطاقة الشمسية ليعزز الجهود الريادية لدولة الإمارات ودورها المؤثر كمحفز لمشاريع الطاقة المتجددة وتطبيق أحدث التقنيات المبتكرة وتعريف الجمهور بمدى أهمية وتأثير مشاريع الاستدامة الرائدة في الدولة.
وتم تصميم المركز بحيث يوفر للطلبة والباحثين والمسؤولين والمجتمع المحلي معلومات قيمة بأسلوب تفاعلي حول مشروع محطة «شمس» وغيره من المشاريع المستدامة في دولة الإمارات. ويبرز المركز الدور الريادي لدولة الإمارات في ابتكارات الطاقة ويعمل على تثقيف الزوار حول تقنيات الطاقة المتجددة بمختلف أنواعها وتحلية المياه بالاعتماد على الطاقة المتجددة ومعالجة النفايات والحد من التلوث، بالإضافة إلى الابتكارات الصناعية التي تعزز الاقتصاد الدائري وتسليط الضوء على تكنولوجيا ومشاريع الطاقة المتجددة المحلية والعالمية.
ويتألف المركز من 9 أقسام تثقيفية بالإضافة إلى منطقة عرض خارجية تتيح للزوار الاطلاع على مواد ونماذج تفاعلية تركز على أهمية وتأثير مشاريع الاستدامة الرائدة في الدولة والمساهمة في تحفيز الأجيال الشابة على المشاركة بدور فاعل في بناء مستقبل أكثر استدامة.
وتعد دبي من المدن الرائدة في تطوير قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة، والسباقة في ابتكار طرق وأساليب حديثة لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية وإيجاد حلول بديلة عن الطاقة التقليدية، بما يدعم التنمية المستدامة في الإمارة.
وتوفر دبي إطاراً تنظيمياً واضحاً لتشجيع القطاع الخاص والمستثمرين والمطورين العالميين على المشاركة في مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة والمياه المحلاة بنظام المنتج المستقل للطاقة والمياه (IPWP)، وقد استقطبت هيئة كهرباء ومياه دبي استثمارات بنحو 43 مليار درهم من خلال نظام المنتج المستقل، مما يشجع على إقامة شراكات ذات قيمة مضافة بين القطاعين العام والخاص.