شددت دولة الإمارات على ضرورة حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني في غزة التي تشهد قصفاً جوياً إسرائيلياً غير مسبوق، مستنكرة شن هجمات على العاملين والمدنيين، ومرافق تابعة للأمم المتحدة، مجددة دعوتها لوقف إطلاق النار.
وفي بيان للدولة أمام المناقشة العامة للجنة الرابعة حول «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى»، نشرته البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، أمس، عبّر الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، مستشار دبلوماسي، عن تقدير الدولة وامتنانها العميق للتضحيات التي يقدمها موظفو (أونروا) خلال تأدية مهامهم النبيلة في هذه الظروف الصعبة، وقدم تعازي الإمارات إزاء مقتل 89 شخصاً من الوكالة منذ اندلاع الحرب، وهو أكبر عدد يقتل من موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة في نزاع خلال هذه الفترة القصيرة. وعبّر البيان عن خالص تعازي الإمارات للشعب الفلسطيني جراء مقتل قرابة 10 آلاف فلسطيني، 70 % منهم نساء وأطفال.
وقال البيان: «يؤسفنا منع إدخال المواد الغذائية عن شعب بات يتضور جوعاً، وغيرها من المواد الأساسية، منها: المساعدات الطبية، باستثناء بعض شحنات المعونة القليلة، ما تسبب بانهيار القطاع الصحي، وتدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستويات كارثية، في وقت قطعت الاتصالات عن قطاع غزة للمرة الثالثة خلال 10 أيام، الأمر الذي يتسبب بتعتيم إعلامي، يمنع السكان من التواصل مع الطواقم الطبية، ويعرقل عمل الجهات الإنسانية، والصحية، من الاستجابة للأوضاع على الأرض».
وجدد البيان الدعوة إلى الوقف الفوري للحرب؛ حقناً للدماء، ومنع توسع رقعة النزاع في المنطقة، مع ضمان إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع على نحو عاجل، وآمن، ومستدام، دون عوائق. وتابع بيان الدولة: أصبح الدور المهم لـ «أونروا» في مساعدة ودعم لاجئي فلسطين، ملحاً الآن أكثر من أي وقت مضى، في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، التي تشهد تصاعداً حاداً في العنف، قتل على إثره 136 فلسطينياً، إلى جانب الجهود المهمة للوكالة في الأردن ولبنان وسوريا، الأمر الذي يقتضي من المجتمع الدولي مواصلة الدعم لها.
وأكمل: انطلاقاً من نهج الإمارات الثابت، القائم على مبادئ الإنسانية، قدمت منذ وقت اندلاع الحرب في غزة 20 مليون دولار للوكالة؛ لدعم استجابتها الإنسانية للمتضررين، إلى جانب تقديم 35 مليون دولار لها العام الجاري؛ لمساعدتها على الاستجابة لاحتياجات الفلسطينيين.
وتابع: وجهت القيادة الرشيدة للإمارات، أخيراً، بإطلاق عملية إنسانية باسم (الفارس الشهم 3)؛ لدعم الشعب الفلسطيني، والتوجيه بمبادرة لعلاج 1000 طفل من غزة في مستشفيات الدولة، إلى جانب إطلاق حملة (تراحم من أجل غزة)؛ لدعم المتضررين، مع إنشاء جسر جوي، نقل حتى الآن 200 طن من مساعدات الإمارات والأمم المتحدة إلى مصر، تجهيزاً لنقلها لغزة.
كما أكد البيان موقف دولة الإمارات، الراسخ، والتاريخي، والإنساني، في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق، وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل للاجئين الفلسطينيين، يضمن حقهم في العودة.
جهود الإمارات
إلى ذلك، شددت السفيرة لانا زكي نسيبة، مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، والمندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، خلال لقاء مع الصحافة عقب اجتماع مجلس الأمن بشأن هجمات إسرائيل المستمرة على الأعيان المدنية في غزة، على الحاجة الملحة لزيادة المساعدات الإنسانية، معربةً عن قلقها إزاء الثغرات القائمة نظراً لحجم الاحتياجات على الأرض.
وفي بيان حول الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، أكدت مريم السركال ملحق دبلوماسي، أن غزة تعاني حالياً من حربٍ دامية يعاني ويلاتها المدنيون، مضيفة: إن العامين الماضيين كانا الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ قرابة عقدين، وهذا إلى جانب الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى.
وأشار البيان إلى أن استمرار الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني يقوّض جهود السلام وحل الدولتين ويطيل أمد هذا النزاع، فضلاً عن تسببه في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتردية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وشدد دولة الإمارات على ضرورة خفض التصعيد الراهن، وفي مقدمته القصف الإسرائيلي المستمر على غزة، وفرض حصار كامل على القطاع، في ظل النقص الحاد في مقومات الحياة الأساسية من مياه وطعام، وانهيار القطاع الصحي، وقطع الكهرباء والوقود عن القطاع، وفي ظل عدم وجود مكان آمن، بعد استهداف مخيمات اللاجئين والمدارس، والمساجد، والكنائس، والمستشفيات ومرافق الأمم المتحدة.
وجددت الإمارات في بيانها المطالبة بالوقف الفوري لهذه الحرب وسياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية وضمان إدخال المساعدات الإنسانية. وأعربت عن بالغ قلقها إزاء استمرار عمليات هدم الممتلكات الفلسطينية ومصادرة أراضيهم، محذرة من أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بشكلٍ قسري، ما قد يؤدي إلى نكبة جديدة.
وشددت كذلك على ضرورة أن تتحمل إسرائيل مسؤولياتها وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وأن توقف اعتداءاتها على المدن والقرى الفلسطينية، وأن تَكُف عن بناء وتوسيع المستوطنات. ونجدد التأكيد على ضرورة وقف عنف المستوطنين، واتخاذ إجراءات عاجلة خاصة خلال موسم قطف الزيتون في فلسطين الذي يشهد عادةً تصاعد هجمات المستوطنين.
كما شدد بيان الدولة على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس ومقدساتها، واحترام دور الأردن في رعاية المقدسات والأوقاف في المدينة، وتوفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى من الاقتحامات المتواصلة من قبل المتطرفين، وأعضاء في الحكومة الإسرائيلية.
وأكد البيان أهمية مضاعفة الجهود لإعادة خلق أفق سياسي، يمهد الطريق نحو استئناف عملية مفاوضات جدية، تفضي إلى حل الدولتين.