منذ أربعينيات القرن الماضي، خططت مصر لتنويع تسلحها واتجهت لاقتناء كميات هامة من الأسلحة الثقيلة من تشيكوسلوفاكيا التي وجدت نفسها ضمن دول المعسكر الشرقي عقب نهاية الحرب العالمية الثانية. وما بين عامي 1947 و1948، أبرمت مصر اتفاقية أولى مع تشيكوسلوفاكيا. وبسبب حرب 1948، توقفت عملية إرسال الأسلحة للجانب المصري تنفيذا لقرار حظر بيع الأسلحة نحو المنطقة الذي أقرته الأمم المتحدة.
وخلال العام 1951، أبرمت مصر وتشيكوسلوفاكيا اتفاقا آخر يقضي بتزويد القاهرة بنحو 200 دبابة و200 عربة مدرعة إضافة لحوالي 100 طائرة ميغ 15. وبسبب جملة من العراقيل، تعطلت هذه الصفقة قبل أن تلغى بشكل كامل.
صفقة سلاح مع أميركا
بعد مضي عام واحد عن فشل هذه الصفقة، عاشت مصر على وقع ثورة الضباط الأحرار التي أطاحت بحكم الملك فاروق. وعلى إثر ذلك، اتجهت القيادة المصرية الجديدة لإنشاء جيش قوي ومعاصر بفترة ما بعد الاستعمار البريطاني. وأواخر العام 1952، اتجه عدد من المسؤولين المصريين نحو واشنطن للحصول على عقود صفقات أسلحة حديثة.
صورة للقائد السوفيتي نيكيتا خروتشوفصورة للقائد السوفيتي نيكيتا خروتشوف
وبواشنطن، عرض الأميركيون على المصريين صفقة أسلحة خفيفة لحماية مصالحهم الداخلية. وفي الآن ذاته، طالب الأميركيون بالحصول على المبالغ المالية المخصصة لهذه الصفقة بأقرب وقت ممكن. من جهة ثانية، أبدت إدارة الرئيس الأميركي أيزنهاور قلقها من إمكانية تسليح مصر بسبب إيواء الأخيرة للفدائيين الفلسطينيين وخطابات جمال عبد الناصر المناهضة لإسرائيل.
صفقة سلاح مع الاتحاد السوفيتي
وأمام تلكؤ الأميركيين في تسليم الأسلحة وإبرام الصفقة، قرر جمال عبد الناصر التوجه نحو الاتحاد السوفيتي لتسليح بلاده. وفي الآن ذاته، أبدى القائد السوفيتي نيكيتا خروتشوف رغبته في تزويد مصر بجميع حاجياتها من الأسلحة أملا في الحصول على حليف وموطئ قدم بالشرق الأوسط في خضم الحرب الباردة.
خلال شهر حزيران/يونيو 1955، توجهت بعثة مصرية للعاصمة التشيكوسلوفاكية براغ لمناقشة عقد تسلح مع الجانب السوفيتي. ومقابل ما يزيد عن 80 مليون دولار أميركي، لبى السوفييت مطالب المصريين ووافقوا على منحهم نحو 100 دبابة من نوع إي اس 3 (IS-3) وتي 34 إضافة لنحو 80 طائرة حربية ميغ 15 وقاذفات قنابل من نوع إليوشين إل 25 (Ilyushin Il-28). أيضا، حصل المصريون بفضل هذه الصفقة على أعداد كبيرة من المدافع والعربات المدرعة والذخائر.
بهذا العام.. اغتالت إسرائيل أهم عالم نووي لدى صدام حسين
الأخيرة
قصص تاريخيةبهذا العام.. اغتالت إسرائيل أهم عالم نووي لدى صدام حسين
أواخر أيلول/سبتمبر 1955، أعلن جمال عبد الناصر رسميا وبشكل علني عن نجاح صفقة الأسلحة مثيرا بذلك قلق دول المعسكر الغربي التي تشاءمت من بداية تزايد النفوذ السوفيتي بالمنطقة. وما بين أواخر العام 1955 ومطلع العام 1956، اتجهت مصر لمناقشة عقد تسلح آخر بالمجال البحري مع الاتحاد السوفيتي بهدف الحصول على سفن حربية وتدريب البحارة المصريين.
مثلت صفقة الأسلحة السوفيتية المصرية نقطة تحول هامة بالحرب الباردة حيث حصل السوفييت بتلك الفترة على حليف جديد بالشرق الأوسط. وحسب العديد من المؤرخين، لعبت صفقة الأسلحة المصرية السوفيتية دورا كبيرا في إقناع المسؤولين الإسرائيليين بضرورة توجيه ضربة مباغتة للجيش المصري بهدف الحد من قدراته العسكرية.
