خلال الأيام الماضية طفحت حسابات ميلشيات الحوثي على مواقع التواصل الاجتماعي، السب والقذف على النساء اليمنيات اللاتي خرجن للاحتفال بالذكرى الـ 61 لثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962، ضمن منهجية الميلشيات في استهداف النساء وحالة القمع التي تمارس ضد اليمنيات منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
لم تكن الحملة ضد النساء اليمنيات من الذباب الالكتروني للميلشيات فقط، بل كانت من أبرز القيادات الإعلامية للحوثيين، الذي يتعمدون الإهانة للنساء اليمنيات وتشويهها وخاصة وأن الاحتفال بثورة 26 سبتمبر المجيدة كانت المناسبة المتزامنة مع خروجهن للتعبير عن مواجهة الكهنوت الجديد.
نفذ الحوثيون حفلة شتيمة وسباب ضد النساء في حملة إرهاب ضدهن وتستدعي العادات بأسلوب انتهازي في الوقت الذي تقدح في عرض نساء وشابات لمجرد أنهن لوحن بالعلم الوطني وخرجن على متن المركبات يصرخن "جمهورية جمهورية"، في استهداف ممنهج للنساء وللنسيج المجتمعي المتنوع.
لم تكن النساء في معزل عن الجريمة والقتل والإرهاب، وخلال السنوات الماضية وراح ضحية هذه الانتهاكات المباشرة والمستمرة آلاف النساء والأطفال، فضلاً عن ضحايا الانتهاكات غير المباشر نتيجة الجرائم الحوثية بحق الآباء والأزواج والأقارب، ما أفقد كثير من الأسر عائلها أو قريبها وحمّل النساء والأطفال أعباء الإعالة والتشرّد.
القذف والشتيمة
سلوى شابة يمنية في صنعاء، كانت من ضمن الفتيات اللاتي خرجن للاحتفاء بثورة 26 سبتمبر، وقالت "نحن خرجن بكامل حشمتنا للاحتفال بالثورة التي يقول الحوثيين كذباً أنه لا مشكلة مع الثورة، لكن الحوثيين مشكلتهم مع من يختلف معهم في الأساس سواء، وإذا كنا في فعالية تابعه لهم لن يقولوا شيئاً سيقولون عنا مؤمنات مجاهدات".
وأضافت في حديث لـ"الصحوة نت"، "حالة الخوف التي تعيشيها الجماعة من الشعب جعلتهم يعتقدون أن أي احتفال هو ضدهم ويتحدثون عن مؤامرة خارجية، بشكل مثير للسخرية ويستدعون النموذج الإيراني بشكل غبي لم يعد أحد يصدقهم".
وقالت سلوى "شتمونا بكل الاوصاف القبيحة بوسائل اعلامهم، وهذا حلال بالنسبة للجماعة التي تدعي انها تلتزم بالدين، هذا يكشف تناقض وحالة خلل أخلاقية، فهل يمكن أن نفهم ان الخروج للاحتفال حرام، والقذف وانتهاك الاعراض بالشتيمة حلال، وهذا نهج الجماعة المشوهة".
وقال وزير الاعلام معمر الارياني إن حملات التشويه التي شنتها قيادات سياسية واعلامية تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية، بحق النساء اليمنيات الماجدات اللاتي خرجن في شوارع العاصمة المختطفة صنعاء، رافعات الاعلام ومرددات الشعارات الوطنية، يكشف الوجه الحقيقي والقبيح للمليشيا وتنصلها من كل القيم والعادات والتقاليد اليمنية".
ووصلت ميلشيات الحوثي إلى مرحلة من الانحطاط الأخلاقي، في تجييش وسائل اعلامها للشتيمة وقذف النساء اليمنيات، في سابقة من الانتهاكات والإرهاب الموجة ضد المجتمع، وهدفها منع أي احتجاج ضدها.
المرأة وانتهاكات الحرب
وخلال الحرب كانت المرأة اليمنية عرضة للكثير من الانتهاكات حيث قتلت أكثر من 2300 امرأة وأُصيبت أكثر من 2700 خلال ثمانية سنوات وفق تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وكشف تقرير حقوقي نشر في ديسمبر 2022، عن ارتكاب الميليشيات الحوثية أكثر من 1893 واقعة اختطاف وتعذيب واغتصاب ضد النساء منذ ديسمبر 2017 وحتى أكتوبر، بينهن قاصرات بسجون المباحث الجنائية التي تسيطر عليها الميليشيا، إضافة إلى سجون الأمن والمخابرات.
ورصد تحالف النساء من أجل السلام في اليمن، اختطاف 504 نساء في السجن المركزي بصنعاء، و204 فتيات قاصرات بين سن الـ 12 والـ 18 عاماً، و283 حالة إخفاء قسري في سجون سرية تابعة لجماعة الحوثي، وصدور 193 حكماً غير قانوني بتهم التجسس والخيانة وتكوين شبكات دعارة والحرب الناعمة.
قالت المحامية والحقوقية هدى الصراري، إن" المرأة اليمنية لم تتعرض في تاريخ الصراعات اليمنية مثلما تعرضت له من جرائم وانتهاكات منذ دخول الحوثيين صنعاء وسيطرتهم على مؤسسات الدولة" ولفتت أن "المرأة اليمنية استهدفت بشكل ممنهج".
وعن أنواع الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة اليمنية، قالت الصراري في تصريح لـ"الصحوة نت"، "صودر حقها في الحياة والسلامة الجسدية، واعتقلت تعسفًا، وتم تعذيبها واغتصابها خلال الاعتقال أو الإخفاء القسري". كما تعرضت للتهجير والتسرب من التعليم والزواج القسري، ومنعت من ممارسة الأنشطة العامة في الجامعات والأحزاب".
وأضافت "كما منعت أيضاً من السفر إلا بمحرم، ومن العمل في المنظمات الدولية ما أعاق وصول المساعدات الإنسانية للنساء الريفيات والقاطنات في المناطق الوعرة"، ولفتت إلى "إقدام المليشيا الحوثية على مصادرة حق المرأة في الحريات العامة كتحديد النسل، حيث تم منع إعطاء النساء وسائل تحديد الحمل في المستوصفات والمستشفيات".
مضايقات وخنق يومي
وفي مارس 2023، طالبت 122 منظمة مجتمعية ومدنية بإدانة الممارسات الإجرامية التي تتعرض لها النساء في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وممارسة ضغط حقيقي على قيادات الميليشيا لإجبارها على وقف انتهاكاتها الجسيمة ضد المرأة واتخاذ اجراءات رادعة بحقهم.
وقالت بيان مشترك "تبنت الميلشيات مقاربة تمييزية تجاه مكانة المرأة بهدف خنق النساء والفتيات ومحوهن من المجال العام ووصفتهن بأنهن كيانات غير مكتملة أو بشرية وأنهن يجلبن العار والشر لدرجة أن المليشيا صادرت العارضات البلاستيكية التي تعرض الملابس في المحلات التجارية، ومارست غير ذلك من القيود على الحريات الشخصية مثل أدوات التجميل والغناء في حفلات الزفاف واقتناء الهواتف الذكية".
وقال الحقوقية هدى الصراري، "أن الميلشيات أصدرت رزمة قرارات تستهدف النساء بذريعة عدم الاختلاط في الجامعات، والفصل العنصري بين الجنسين، وإعطاء أوامر لمحلات العبايات بعدم تفصيل أي عبايات ملونة إلا باللون الأسود".
وأوضحت " مارست القمع بما يسمّى بـ"الزينبيات" وهي تشكيلات نسائية مسلحة لهن المليشيا الحوثية مهمة اعتقال النساء وفرض رقابة مشددة عليهن في الأماكن العامة والمجتمع المدني والجامعات. وأكدت "ضلوع الزينبيات ممارسة أبشع الانتهاكات والتعذيب ضد المرأة في السجون الحوثية".
محاكمة جائرة
وتواصل ميلشيات الحوثي اختطاف الناشطات في المجتمع المدني، وفي أغسطس/آب 2022، تم اختطاف الناشطة، فاطمة العرولي في تعز ونقلتها إلى صنعاء، وتعرضت لسلسلة من الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان على يد جهاز الأمن والمخابرات، بما في ذلك إخفاؤها قسرًا، واحتجازها بمعزل عن العالم الخارجي، واحتجازها الاحتياطي المطول. وفق منظمة العفو الدولية.
وقالت غراتسيا كاريتشيا، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية – في بيان في الأسبوع الماضي 26 سبتمبر الفائت – " تُحتجز العرولي منذ أكثر من سنة، في أوضاع مروعة في غرفة تحت الأرض وتُحرم من الزيارات العائلية. وتشكل قضيتها تذكيرًا صارخًا آخر بكيفية استغلال الحوثيين للمحكمة الجزائية المتخصصة كأداة للقمع فيما يشكّل استهزاء بالعدالة".
وأبلغت فاطمة العرولي القاضي أنها تُحتجز في أوضاع مزرية في غرفة تحت الأرض ولم تر الشمس منذ أكثر من سنة. وطلبت أيضًا رؤية أولادها. وقال المحامي إنه طلب من المحكمة تسجيل هذا التصريح في تقرير الجلسة، لكن القاضي رفض. وفقا للعفو الدولية.