تحل اليوم الخميس ذكرى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية الثانية والأربعين، وهي تحمل في طياتها تاريخاً ثرياً وتعاوناً استراتيجياً بين دول المجلس قطعت خلالها الدول الأعضاء خطوات كبيرة في تحقيق الأهداف التي حددها النظام الأساسي للمجلس من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي والتنمية الإقليمية بين هذه الدول وتوثيق الروابط بين شعوبها.
حيث حفلت مسيرة المجلس بالعديد من التحولات والقرارات الاستراتيجية التي عملت على تلبية تطلعات أبنائه الذين تجمعهم عوامل كثيرة من الوحدة والتآخي.
استطاع مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ قمته الأولى التي انعقدت في أبوظبي في مايو عام 1981 أن يثبت أنه من أهم التجمعات الإقليمية في المنطقة والعالم، حيث حقق آمال الشعوب الخليجية في الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار، ونجح في تطوير آليات عمله طيلة هذه السنوات حتى يمكنه التفاعل بإيجابية مع المستجدات والمتغيرات الداخلية والخارجية.
وأثبت أن إرادة التعاون والتكامل بين دوله قويّة وعميقة، ويظل مجلس التعاون الخليجي رافداً مهماً للعمل العربي المشترك باعتباره أحد نماذج التعاون بين الدول الأعضاء بما يؤدي إلى مزيد من توثيق العلاقات بين الدول العربية، وظل شاهداً على قوة كيانه وصلابة قاعدته.
تأتي الذكرى السنوية هذا العام وجهود تنفيذ الخطط التنموية الطموحة في كل دولة من دول المجلس تمضي قدماً لتحقيق مستهدفات التنمية الشاملة والمستدامة، والتي ارتكزت على المواطن الخليجي كمحور للتنمية وهدفها الرئيسي ومحركها الأساسي، والتي عكست مؤشراتها المتقدمة عالمياً المكانة الاقتصادية لدول المجلس، والتي أصبحت نموذجاً رائداً ليس على المستوى الوطني فحسب.
بل وعلى المستوى الإقليمي والعالمي كونها أنجح تجربة تكاملية في المنطقة، أضحت ركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوتاً للحكمة والاتزان، ونموذجاً فريداً للحياة الكريمة حيث حافظت على المكتسبات وتحقيق التكامل كأنجح تجربة تكاملية.
السوق الخليجية
من أبرز محطات مسيرة مجلس التعاون، إنشاء السوق الخليجية المشتركة، التي توفر فوائد عديدة منها ضمان انسياب السلع بين دول مجلس التعاون بما يؤدي إلى زيادة التنافس بين المؤسسات الخليجية لصالح المستهلك، كما أنشأت دول مجلس التعاون «منطقة التجارة الحرة، التي تتميز بشكل رئيسي بإعفاء منتجات دول مجلس التعاون الصناعية والزراعية ومنتجات الثروات الطبيعية من الرسوم الجمركية.
وقد دخلت منطقة التجارة الحرة حيز التنفيذ في مارس 1983، واستمرت نحو عشرين عاماً إلى نهاية عام 2002 حين حل محلها الاتحاد الجمركي لدول المجلس.
ولعل إقرار دول مجلس التعاون اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك خلال قمة المنامة في ديسمبر عام 2000 يعد خطوة استراتيجية في مسيرة التعاون العسكري الخليجي إذ مهدت هذه الاتفاقية لظهور هياكل التعاون العسكري الكبرى كوضع الرؤية الدفاعية الموحدة.
وفي تصريح بهذه المناسبة، قال جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إن الاحتفال بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيس مجلس التعاون هو احتفال بهذا الكيان ومسيرته المباركة منذ عام 1981م، حيث تأسست هذه المنظومة بحكمة الآباء القادة المؤسسين، طيب الله ثراهم، لما أولوه لمسيرة مجلس التعاون من دعم وثقة لا محدودة بشعوبهم، وتقديم المساندة الدائمة، والرعاية الكريمة، وهم من وضعوا لبنة الأساس المتين لهذا الصرح المبارك، مضيفاً: «تمضي مسيرة مجلس التعاون قدماً لتحقيق أهداف وطموحات أبنائه، وترجمة واقع يهدف للحفاظ على ما تحقق من المكتسبات، والبناء للمستقبل بكل ثقة وعزيمة واقتدار».
العمل العربي المشترك
من جهته أكد رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، الدور المهم الذي يقوم به مجلس التعاون الخليجي باعتباره رافداً أساسياً من روافد تعزيز العمل العربي المشترك، انطلاقاً من الدور الكبير الذي يقوم به المجلس في دعم وترسيخ آلية التشاور والتنسيق بين الدول الأعضاء تجاه القضايا محل الاهتمام المشترك، على نحو يخدم مصالح الشعوب العربية ويحقق تطلعاتها في الأمن والتنمية والاستقرار.
وثمن العسومي، المنجزات التي حققها المجلس والتي جعلته من أهم التجمعات الإقليمية في المنطقة والعالم كونه يمثل صرحاً إقليمياً عربياً شامخاً صمد أمام الكثير من التحديات التي واجهته منذ نشأته، وحائط الصد القوي لمواجهة أي تحديات قد تؤثر في أمن واستقرار المنطقة وخاصة في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من متغيرات وتطورات متلاحقة.
وأكد العسومي أن المجلس أثبت قدرته على تحقيق الكثير من تطلعات شعوب دوله، مثمناً في الوقت ذاته جهود جاسم البديوي منذ توليه منصب الأمين العام لمجلس التعاون، ودوره المتميز في تعزيز العمل الخليجي المشترك، وإسهامه في تطوير منظومة العمل الخليجي.