قال المحلل السياسي المصري يسري عبيد إن الأزمة في السودان أعقد مما يتخيل البعض نظرا لتعارض مصالح بعض الأطراف الإقليمية والدولية.
وأضاف في تصريحات أن الصراع بالنسبة للجانب المصري في السودان يمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومي المصري، خاصة إذا خرجت الأمور عن السيطرة وتحول النزاع لحرب أهلية حقيقية تهدد وجود الدولة السودانية نفسها.
وتابع: "بالتالي أسوأ سيناريو ممكن أن يحدث ويمثل أزمة بالنسبة للقاهرة هو تكرار السيناريو الليبي في السودان وتتحول السودان لحالة اللادولة تكون فيه تحت سيطرة أطراف مختلفة تخضع لسيطرة وتأثير قوى مناوئة للقاهرة، وتكون السودان معرضة لتقسيم آخر بعد انفصال جنوب السودان منذ 10 سنوات"
ونوه عبيد بأن القاهرة تري في السودان دولة مهمة لأمنها القومي خاصة مع ظهور أزمة سد النهضة في إثيوبيا، الذي تعتبره مهددا لأمنها المائي، والاستقرار في السودان يساعد القاهرة في اتخاذ جميع الخيارات والتعامل مع الملف من جميع جوانبه.
وأشار المحلل السياسي المصري إلى أنه من هنا يجب الانتباه جيدا لكلاموزير الخارجية المصري الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى بأن بعض المصالح العربية قد تتعارض مع المصالح المصرية الأكثر عمقا في السودان، وكذلك الحال في إفريقيا، حيث طالب بوقفة صريحة وجريئة، إذ أن مصالحنا الحيوية في تلك المنطقة بأسرها أصبحت مهددة وعلى المحك.
ونوه بأن الاتصالات بين مصر والإمارات بدأت تأخذ وتيرة متسارعة بخصوص الملف السوداني، بداية من التعاون لعودة الجنود المصريين واتصال الرئيس السيسي برئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد لناقشة الأزمة ومحاولة تهدئة الأوضاع في السودان ووقف التصعيد، حيث طالب الجانبان بعودة للحوار واستعادة المسار السياسي في ضوء دعم مصر والإمارات للشعب السوداني في جهوده لتحقيق تطلعاته نحو تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في البلاد.
وتابع الخبير المصري: "لذلك أرى أن وجود سودان مستقر مزدهر هو ضرورة للامن القومي العربي ولمصالح كل من مصر والإمارات، وعلي الجامعة العربية التحرك بشكل اسرع حيث لم تقم سوى بإجراءاتها الروتينية، التي اعتادت عليها مع كل أزمة، تندلع في أي بلد عربي، إذ عقدت اجتماعا طارئا الأحد 16 إبريل، بناء على دعوة من كل من السعودية ومصر، لمناقشة الوضع في السودان".
وأكد أن القاهرة وأبوظبي تعتبران فاعلين كبيرين في الملف السوداني منذ الإطاحة بعمر البشير، حيث تعتبر مصر أحد الضامنين للاتفاق السياسي في 2019 بين المدنيين والجيش، كما أيدت القاهرة الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش في 2021، ولكنها لم تكن جزءا من الجهود الدولية في إطار اللجنة الرباعية (السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا) للوصول لتسوية سياسية عبر الاتفاق الإطاري الموقع بالفعل في الخامس من ديسمبر2022، بل شددت على ضرورة توسيع الاتفاق، واستضاف جهاز المخابرات المصري إثر ذلك مجموعة كبيرة من الأحزاب والتكتلات التي لم يشملها الاتفاق الإطاري.
وقال عبيد إنه يبرز دور الإمارات في أنها عضو فاعل في الآلية الرباعية الدولية، وتتمتع بعلاقة جيدة مع قائد الدعم السريع، وحاولت الإمارات في أبريل 2021 لعب دور في التهدئة بين السودان وإثيوبيا من واقع علاقاتها الجيدة بأديس أبابا حين تفاقمت أزمة الحدود بين البلدين، وذلك عبر طرح مبادرة اقترحت عودة الجيش السوداني إلى نقاط ارتكازه قبل نوفمبر 2020 موعد بدء التوترات، وتقسيم المساحات الزراعية بين أبو ظبي وأديس أبابا والخرطوم لتكون أراضي استثمارية، كما استضافت أبو ظبي مشاورات غير رسمية لدفع التحول المدني الديمقراطي في السودان، والحد من تمدد الإسلاميين، كما أبدت الإمارات تأييدها المبكر للاتفاق الإطاري الممهد لنقل السلطة إلى حكومة مدنية.
وأكد في النهاية أنه بناء على هذا كله أعتقد أن مصر والإمارات من اهم الدول الفاعلة في الملف السوداني وعليها مسؤولية كبيرة في محاولة إنهاء النزاع فى أسرع وقت ممكن لما لكل منهما من نفوذ وتأثير وعلاقات مع أطراف الصراع في السودان ربما تتعارض في بعض الأحيان إلا أن الدولتين لديهما علاقات متينة قوية تستطيع التغلب على بعض الخلافات فى وجهات النظر تجاه بعض الملفات في المنطقة وهذا موجود دائما في علاقات جميع الدول.