التقى الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، اليوم في أرض المعارض بأبوظبي رؤساء الوفود المشاركين بمؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب السادس والأربعين الذي يحتفل بيوبيله الذهبي ومرور (50) عاماً على انطلاق هذا المؤتمر العربي الذي عقد لأول مرة في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1972 حين استضافت مدينة العين باكورة اجتماعات قادة الشرطة العرب، معلنين انطلاق هذا المؤتمر الذي يشكل نقطة التقاء وتنسيق عربي مشترك حول القضايا والتحديات الأمنية والشرطية التي تواجه المنطقة والعالم.
ورحب سموه بقادة الشرطة العرب ونفل لهم تحيات قيادة الإمارات وحكومتها وشعبها وتمنياتهم لهذا الاجتماع بالنجاح والتوفيق لتحقيق مسعاهم وأهدافهم الاستراتيجية بما يخدم تطلعات ورؤى أصحاب الجلالة والسمو والفخامة قادة الدول العربية في الرخاء والتقدم والازدهار، مؤكداً أن مسيرة التعاون العربي والتنسيق المشترك مستمرة في سبيل تعزيز أمن واستقرار المجتمعات العربية.
وتجول سموه في المعرض المصاحب لمؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب والذي يضم أهم التقنيات الحديثة والمشاريع الاستراتيجية التي تعزز مسيرة الأمن والأمان.
كان المؤتمر قد انطلقت أعماله اليوم في أبوظبي من خلال افتتاح رسمي تحدث فيه اللواء الركن خليفة حارب الخييلي وكيل وزارة الداخلية والرئيس الحالي للمؤتمر ومعالي الدكتور محمد علي بن كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، والدكتور عبدالمجيد بن عبدالله البنيان رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، واللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي مفتش عام وزارة الداخلية رئيس منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، ويورجن شتوك الأمين العام لمنظمة الشرطة الدولية "الإنتربول" وعدد من المسؤولين المشاركين.
تضمن حفل الافتتاح عروضاً مرئية تظهر جانباً من منجزات مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب عبر مسيرته في الخمسين عاماً الماضية، وعرضاً آخر لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ودورها في تعزيز العمل العربي والارتقاء بالعمل في المجالات الأمنية والشرطية.
وفي الكلمة الافتتاحية، رحب اللواء الركن خليفة حارب الخييلي وكيل وزارة الداخلية بالحضور الكريم، مشيراً إلى مرور خمسين عاماً على أول مؤتمر جمع قادة الشرطة والأمن في الوطن العربي الكبير منذ أن استضافت مدينة العين المؤتمر الأول عام 1972 وهي خمسون عاماً من العمل والتنسيق المشترك الذي أثمر عن تحقيق نجاحات متميزة ضمن جهود دولنا ومسعاها في تعزيز الأمن والاستقرار.
وقال: "اليوم نلتقي من جديد على أرض زايد الخير والعطاء، ونحتفل جميعاً باليوبيل الذهبي لهذا المؤتمر العربي المهم، وكلنا أمل وثقة بأن تستمر مسيرة العطاء العربي والتنسيق والعمل التكاملي المشترك لتعزيز المنجزات ومسيرة الريادة والتميز، وستبقى الجهود متواصلة في سبيل تعزيز التعاون مع كافة الشعوب والمنظمات العالمية للإسهام في تعزيز الأمن والاستقرار ونشر قيم المحبة والسلام في شتى أنحاء المعمورة.
وانطلقت أعمال مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب بمشاركة كبار المسؤولين الأمنيين في مختلف الدول العربية من مديري الأمن العام وممثلي عدد من المنظمات والهيئات الشرطية الإقليمية والعالمية.
ناقش المؤتمر نتائج تطبيق توصيات المؤتمر الـ (45) لقادة الشرطة والأمن العرب، وعدداً من القضايا الملحة من بينها الموضوع المحوري "جرائم غسل الأموال"، وأهمية دور المتحدث الرسمي الأمني إلى جانب نتائج أعمال اجتماع اللجنة المعنية بإعادة صياغة مشروع الاستراتيجية العربية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر والأعضاء البشرية، ونتائج أعمال الاجتماع التنسيقي لممثلي الجهات المعنية في الدول العربية للنظر في سبل تعزيز التعاون بينها في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتوصيات مؤتمرات رؤساء القطاعات الأمنية واجتماعات اللجان المنعقدة في نطاق الأمانة العامة خلال عام 2022.
ويستمع المجتمعون إلى تقرير عن أعمال الاتحاد الرياضي العربي للشرطة لعام 2022، إلى جانب تحديد موعد ومكان وجدول أعمال المؤتمر الـ (47) لقادة الشرطة والأمن، وعرض لعدد من التجارب الأمنية العربية المتميزة.
ويتضمن المؤتمر معارض مصاحبة لأهم التقنيات والمشاريع والمبادرات التي تقدمها وزارة الداخلية الإماراتية في سبيل تعزيز الأمن والأمان، إلى جانب عرض للزي الشرطي خلال عقود ومعرض أقامته جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية يستعرض مسيرتها ومخرجاتها الأكاديمية والبحثية والتدريبية وأبرز إنجازاتها خلال العقود الماضية في تطوير الأجهزة الأمنية العربية ورفع قدرات منسوبيها في مجالات الأمن بمفهومه الشامل.
وجرى في نهاية اليوم الأول الإعلان عن الفائزين بجوائز الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب والتي تقدمها سنوياً.
وقدم معالي الدكتور محمد علي كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الشكر والتقدير لقيادة الإمارات على جهودها لدعم العمل العربي المشترك وخدمة القضايا العربية العادلة ودعمها لمجلس وزراء الداخلية العرب ومسيرة التعاون العربي المشترك.
وقال: "نجتمع اليوم في الذكرى الخمسين لانعقاد أول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب عام 1972 على هذه الأرض الطيبة المعطاء التي ندين لها بكل الإنجازات الأمنية الرائدة التي تحققت منذ ذلك التاريخ.. خمسون عاماً كانت حافلة بالعطاء مفعمة بالألفة والمودة بين الأمة العربية، خمسون عاماً أبرمت خلالها الاتفاقيات وسنت القوانين النموذجية ووضعت الاستراتيجيات والخطط التنفيذية، وعقدت المؤتمرات والاجتماعات وحددت أطر التعاون، وأنشئت هياكله وطورت وسائله وأدواته، حتى غدا التعاون الأمني العربي في نطاق مجلس وزراء الداخلية العرب مثلاً يحتذى على الصعيدين العربي والإقليمي.
وأضاف: "اليوم نقف وقفة إجلال وتقدير لأولئك الآباء المؤسسين الذي ثبتوا ركائز العمل الأمني العربي المشترك ونقلوه من دفاع اجتماعي ضد الجريمة إلى عمل أمني متخصص يستهدف تحقيق رسالته النبيلة بأحدث الأساليب التي ابتكرها العقل البشري.
وأكد أنه رغم الإنجازات التي تحققت فإن قادة الشرطة والأمن العرب عازمون على المضي قدماً على درب تطوير مسيرة العمل الأمني العربي المشترك في إطار مقاربة شاملة للأمن تسير في اتجاهات عدة ترتكز على استخدام التقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون الإجرائي الميداني بين الدول الأعضاء، وتوظيف الأمن لخدمة قضايا التنمية ورفاهية الإنسان، وانفتاح منظومة الأمن العربي على آليات التنسيق الأمني الإقليمي والدولي.
وقال إنه وعلى صعيد استخدام التقنيات الحديثة تشاء الأقدار أن يتزامن احتفالنا باليوبيل الذهبي لمؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب، مع وضعنا للمسات الأخيرة على مشروع تطوير نظام الشيخ زايد للاتصالات العصري بين أجهزة مجلس وزراء الداخلية العرب، الذي حرصت وزارة الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة مشكورة بتوجيه من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على أن يتم إنجازه وفق آخر التطورات التقنية، وهو ما سيسمح لنا بإطلاق قاعدة البيانات الجنائية وإتاحتها للدول الأعضاء، مما سيمكن من تسريع الملاحقة الجنائية وإصدار طلبات التوقيف المؤقت بصورة آلية، فضلاً عن تغذية قواعد البيانات الأخرى مثل قاعدة بيانات المقاتلين الإرهابيين والقائمة العربية السوداء لمديري ومنفذي ومولي الأعمال الإرهابية.. وحتى لا يظل التعاون الأمني العربي على مستوى التنظير والعمل في نطاق المجلس.
وأضاف أنه تم إيلاء اهتمام خاص بالتعاون الإجرائي الميداني بإيجاد الآليات التي تسمح بالتبادل الفوري للمعلومات بين الدول العربية، وفي هذا السياق يأتي إنشاء فريق الخبراء العرب المعني برصد وتبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية وتحليلها ليشكل وسيلة فعالة لتعزيز التعاون الميداني بين الدول العربية في مجال مواجهة التهديدات الإرهابية.
وقال إن الهدف النهائي للعمل الشرطي هو الإنسان، وكرامته وأمانه ورفاهيته والحفاظ على قيمه الثقافية والاجتماعية وديمومة موارده ونمط عيشه، فإن قسطاً كبيراً من عملنا الأمني في الوطن العربي موجه إلى احترام حقوق الإنسان والنهوض بالفئات الهشة في المجتمع وتمكين المرأة، وتعزيز التنمية المستدامة بالحفاظ على البيئة وتجدد الموارد الطبيعية، ودعوني أذكر هنا أن المجلس كان سباقاً منذ عام 2002 إلى وضع قانون نموذجي لحماية البيئة وتنميتها حتى يوفر الإطار التشريعي الملائم لمواجهة الجرائم الماسة بسلامة البيئة، وتعمل الآن في ظل توجهات المجلس على تعزيز هذا النهج الأمني.
وأضاف: "نؤمن بالطبيعة العابرة للحدود التي تتميز بها الجريمة وتقديراً للتحديات الأمنية التي يشترك فيها الوطن العربي مع دول الجوار نعمل على تعزيز التعاون الأمني مع التجمعات والمنظمات الإقليمية والدولية، وإن الحضور المكثف لشركائنا الإقليميين والدوليين الذين نحيي التزامهم بتعزيز هذا التعاون الخير دليل على ما يربطنا بتلك التجمعات والمنظمات من علاقات متينة".
وتوجه اللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي مفتش عام وزارة الداخلية رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" بالشكر لفريق العمل في مجلس وزراء الداخلية العرب، ونوّه بالجهود المتميزة والمتواصلة التي بذلتها وزارة الداخلية الإماراتية بالتعاون مع الأمانة العامة للمجلس، برئاسة معالي الدكتور محمد بن علي كومان، لتنظيم المؤتمر السادس والأربعين لقادة الشرطة والأمن العرب.
وقال: "لقد شهدت منظمة الإنتربول تغييرات واسعة منذ تأسيسها، لكن الهدف الرئيس لوجودها –وهو التعاون– لا يزال أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى، واليوم منظمة الإنتربول هي أكبر منظمة شرطية في العالم، ولنهجها في مكافحة الجرائم بكافة أشكالها تأثيرات كبيرة على جميع سلطات إنفاذ القانون".
وأضاف:" لدينا اعتقاد راسخ بأن تعزيز تبادل المعلومات والخبرات سيعود بالنفع على جميع البلدان الأعضاء، ولهذا السبب، نسعى إلى تمتين التعاون والتنسيق مع شركائنا من هيئات الشرطة المحلية والإقليمية، وفي هذا المقام " و نوه بأهمية التعاون بين منظمة الإنتربول ومجلس وزراء الداخلية العرب، والتي تكللت مؤخراً بتوقيع اتفاقية بين الأمانة العامة للمجلس والأمانة العامة للإنتربول على هامش الاجتماع السادس لقادة الشرطة والأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ليون بشهر سبتمبر الماضي، بهدف تعزيز التعاون والتنسيق بين المجلس في مجال الأمن ومكافحة الجريمة، وضمان تنسيق الجهود وتفادي الازدواجية، ووضع الآليات اللازمة لتبادل البيانات والمعلومات بين الجانبين.
وأكد أن لهذه الشراكات دورا بارزا في عمل الإنتربول وتفعيل آلياته.. ففي عام 2022 وحده، قامت المنظمة بتنفيذ أكثر من 40 عملية، تمكن من خلالها أفراد الشرطة في أنحاء العالم من ضبط مخدرات وأسلحة نارية ومنتجات غير مشروعة وأموال نقدية، ووظفوا بيانات الاستخبارات الواردة من بلدٍ لاعتقال مجرمين في بلدٍ آخر، واستطاعوا وضع حد لمعاناة الضحايا وإنصافهم.. مشيراً إلى أن البلدان الأعضاء في العالم العربي كان لها مساهمات فاعلة في نجاح عمليات نوعية.
وبهذه المناسبة، وبالنيابة عن منظمة الإنتربول، تقدم الريسي بالشكر لجميع الشركاء الذين ساهموا في إنجاح العمليات المشتركة والجهود المبذولة والتنسيق الدولي والحرص على تعزيز الشراكات في سبيل حماية أمن المجتمعات العالمية واستقرارها.
وقال: "نواجه اليوم أساليب وأشكالا جديدة للجريمة المنظمة بالغة الخطورة على أمن المجتمعات، فلم تعد الأساليب التقليدية لمكافحة الجريمة كافية في ظل الطبيعة المترابطة للعالم، وتتصدر الجرائم الإلكترونية مشهد الأنشطة الإجرامية، ولهذا لا يمكن لأي دولة أن تواجه هذه المشكلة بمفردها لتأمين الحماية اللازمة لمواطنيها فمن المتوقع أن تزيد قيمة الخسائر الناتجة عن الجرائم الإلكترونية بنسبة 15% سنوياً خلال السنوات القليلة القادمة، ليصل إلى 10.5 تريليون دولار في عام 2025.
وأضاف أن هذه الخسائر تمثل أكبر تحول للثروة الاقتصادية في التاريخ، وهي أضخم بكثير من الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية خلال عام كامل.. كما أن هذه الجرائم ستدر على مرتكبيها أرباحاً أكبر من الحجم العالمي لتجارة جميع أشكال المخدرات المحظورة، واستجابة لهذه المعطيات، قامت منظمة الإنتربول العام الماضي بتعزيز استخدام قواعد البيانات الـ 19 الخاصة بها بين جميع الدول الأعضاء، حيث تلعب هذه البيانات دوراً مهماً في تحديد هوية المجرمين لمكافحة الجريمة المنظمة بكافة أشكالها، وعلى رأسها الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، والجرائم المالية وغسيل الأموال والاحتيال المالي.. ونذكر هنا أن قاعدة بيانات الإنتربول الدولية للاستغلال الجنسي للأطفال ساهمت في مساعدة المحققين حول العالم على تحديد 7 ضحايا اعتداء على الأطفال يومياً في المتوسط.. وتم حتى الآن تحديد 30 ألف ضحية في جميع أنحاء العالم.
وقال: "حرصت المنظمة على أن تكون الدول الأعضاء مجهزة بالشكل المناسب لمواكبة التهديدات الناشئة، والتعامل معها بصورة استباقية، انطلاقاً من حقيقة أن العالم اليوم يعيش في قرية صغيرة، حيث يقف مؤشر قوة الإنتربول كشبكة واحدة عند مستوى قدرات أضعف الدول الأعضاء –خاصة بالنسبة للجريمة العابرة للحدود والجرائم الإلكترونية– ولهذا تطلب الأمر تعزيز التعاون والشراكات وتبادل المعلومات لتحسين استجابة أجهزة إنفاذ القانون، من أجل بيئة أكثر أماناً واستقراراً لجميع الأفراد والمجتمعات.
من جهته أكد معالي رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور عبدالمجيد البنيان، أن أول اجتماع لقادة الشرطة والأمن العرب في مدينة العين عام 1972م له مكانة خاصة في ذاكرة جامعة نايف فمنه انطلقت فكرة إنشاء الجامعة التي أسهمت منذ تأسيسها في تنمية القدرات البشرية العربية عبر الفعاليات العلمية والدورات التدريبية و استفاد من أنشطتها وفعالياتها عشرات الآلاف من منسوبي الأجهزة الأمنية العربية على مدى العقود الماضية، كما خرَّجت أكثر من 7 آلاف متخصص في مجالات العلوم الأمنية في برامج الدكتوراه والماجستير والدبلوم العالي، بالإضافة إلى إثراء المكتبة الأمنية المتخصصة بأكثر من 700 إصدار علمي محكم تنوَّعت بين كتب ودراسات متخصصة.
وأوضح البنيان أن استراتيجية الجامعة تهدف إلى جعلها المؤسسة الأولى في إعداد القادة والخبراء العرب في المجالات الأمنية، وتعتمد في تحقيق رؤيتها على نخبة من أعضاء هيئة التدريس المميزين حول العالم، وبين أن الجامعة أنشأت مؤخرًا مجموعة من المراكز المتخصصة وآخرها مركز الخبرة الإقليمي في مجال المخدرات والجريمة بالشراكة مع الأمم المتحدة، والمركز الفني للهجرة وأمن الحدود بالشراكة مع منظمة الهجرة الدولية، داعيًا الدول العربية إلى الاستفادة مما تقدمه الجامعة من فعاليات ومؤتمرات ودورات تدريبية وبرامج دراسات عليا.
وأكد رئيس الجامعة في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح المؤتمر الذي بدأت أعماله اليوم في أبو ظبي باستضافة كريمة من دولة الإمارات العربية المتحدة أن ما تحقق للجامعة منذ تأسيسها بتوفيق الله ثم دعم دولة المقر المملكة العربية السعودية ومجلس وزراء الداخلية العرب، معربًا عن شكره لراعي ومنظمي المؤتمر على الحفاوة وكرم الضيافة وحسن التنظيم.
وقدم العميد عبدالعزيز الأحمد نائب المدير العام للشرطة الجنائية الاتحادية بوزارة الداخلية رئيس اللجنة الفرعية لجهات التحقيق في جرائم غسل الأموال التابعة للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ورقة عمل حول استجابة دولة الإمارات العربية المتحدة لتهديدات جرائم غسل الأموال، ألقى الضوء فيها على جهود الدولة وتجربتها الريادية في تعزيز الشفافية والمتابعة والحوكمة في مجالات التعاملات المالية، حيث تعمل الجهات المعنية بشكل متكامل وفق منظومة عمل لتعزيز جهود مكافحة جرائم غسل الأموال والجرائم المرتبطة بها، انطلاقاً من استراتيجية وتوجيهات حكومة دولة الإمارات الساعية لتعزيز الأمن والأمان، وتوفير البيئة المناسبة للنمو الاقتصادي والاستثماري، وتعزيز سمعة الدولة في المحافل الدولية.
وتطرق بداية إلى مفاهيم جريمة غسل الأموال والتحديات المرتبطة بها، إلى جانب تقديم قوانين دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الصدد، مشيراً إلى أن الإمارات شكلت اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب واللجنة الوطنية للغاية نفسها وأعدت اللجنة الفرعية لجهات التحقيق في جرائم غسل الأموال بدولة الإمارات بقيادة وزارة الداخلية خطة استراتيجية لجميع المعنيين بالدولة لتعزيز مكافحة جريمة غسل الأموال، وتوحيد إجراءات العمل من خلال إطار استراتيجي مشترك، والدليل الوطني للمعلومات والتحقيقات، ومصفوفة أولويات التحقيق، والسياسة الوطنية لضبط الأصول ومصادرتها، وآلية التعامل مع الحوالة دار، وتنظيم إجراءات المستفيد الحقيقي، وتشكيل فرق عمل فرعية على مستوى الدولة.
وقدم الأحمد عدداً من الإحصائيات والبيانات التي تشير إلى قدرة الإمارات ممثلة بالجهات المعنية في الضبط والحد من جرائم غسل الأموال بما في ذلك عدد القضايا والمضبوطين، وإجمالي الأموال المصادرة، والجهود التثقيفية المصاحبة للعمليات من ورش ومحاضرات وتوعية مجتمعية.. وتطرق إلى تعزيز عمليات التحقيق في جرائم غسل الأموال وكفاءة تدفق البيانات والمعلومات في التحقيقات المالية، وتحقيق التكامل من خلال الاتفاقيات والمعاهدات ومذكرات التفاهم المحلية والدولية.
وأكد أن ما حققته دولة الإمارات بلغ مستويات رفيعة من التكامل والتعاون الدولي من خلال منظومة وطنية فاعلة لتبادل المعلومات ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفق توصيات وتقييمات مجموعة العمل المالي (FATF)، وحيث تعد الإمارات أول دولة عربية تنضم لشبكة (AMON) الأوروبية المختصة بالجرائم المالية، مشيراً إلى النظرة المستقبلية قائمة على تبني وتوظيف أمثل وأفضل التقنيات الحديثة المعززة بالذكاء الاصطناعي، مع تعزيز القدرات الفنية والبشرية لتحليل وتقييم المخاطر، وتعزيز الاستجابة عبر إبرام مزيد من مذكرات التفاهم والتعاون الدولية والاستباقية في تحليل وتحديد مستقبل اتجاهات الجريمة، وتكثيف التوعية المجتمعية.
وعقد الاجتماع الأول لقادة الشرطة والأمن العرب في مدينة العين في الفترة من 18- 21 ديسمبر 1972م، تحت رعاية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه وافتتحه المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم وترأس المؤتمر "المغفور له " الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان وزير الداخلية في تلك الفترة وذلك تعبيراً عن اهتمام الإمارات بهذا المؤتمر واحتفاء وحدوياً بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وبذلك خرج مؤتمر قادة الشرطة العرب إلى الوجود لأول مرة كتجمع عربي أمني على هذا المستوى العالي، ليكون فاتحة عهد جديد لمسيرة طويلة وموفقة للتعاون الأمني العربي، وانطلاقة هادفة مخططة واعية ومبرمجة للعمل الجاد والبناء، لتحقيق المصلحة العربية الأمنية المشتركة.
وحقق المؤتمر الأول نجاحاً عظيماً وأساسياً، وذلك بفضل رؤية أصحاب الجلالة والسمو والفخامة القادة العرب، وإيمانهم بأهمية نجاح هذا المؤتمر، كأول لقاء واول محطة على طريق العمل العربي المشترك، هذا النجاح الذي كان سبب ومبعث دوام المؤتمر واستمراريته.
وفي الفترة ما بين أعوام 1972- 2021م تم عقد خمسة وأربعين مؤتمرا لقادة الشرطة والأمن العرب، تأسيسا على القرار رقم /13/ الذي اتخذه المؤتمر الأول والقاضي بعقد هذا المؤتمر دورياً في كل عام، ولم يتم انعقاد المؤتمر في الأعوام ( 1973، 1980م، لظروف استثنائية، وكذلك لم ينعقد في عامي 1982 و 1983م بسبب الفترة الانتقالية التي تمت بإلغاء المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة بقرار من مجلس جامعة الدول العربية، وذلك بعد قيام مجلس وزراء الداخلية العرب في عام 1982م، وانتقال صلاحيات ومهام المنظمة والمكاتب الثلاثة المتخصصة إلى نطاقه، كما لم ينعقد المؤتمر أيضاً في عام 1990.
وتم عقد المؤتمرات الثمانية الأولى في ظل المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، وكان يتم انعقاد المؤتمر سنويا في إحدى الدول العربية وبدعوة واستضافة منها.
وفي العام 1984م تم انعقاد أول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب في ظل مجلس وزراء الداخلية العرب في تونس، وقرر المؤتمر تسمية هذا المؤتمر ب (المؤتمر التاسع) إصرارا على استمرارية المؤتمرات واستكمالا للمسيرة الأولى.
وبعد انتقال مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب إلى نطاق مجلس وزراء الداخلية العرب أصبح ينعقد سنويا في تونس مقر المجلس، في النصف الثاني من شهر أيلول (سبتمبر) ما لم تدع إحدى الدول العربية لاستضافته، وذلك تأسيسا على التوصية رقم /11/ من توصيات المؤتمر التاسع للقادة عام 1984م في تونس.
وقبل قيام مجلس وزراء الداخلية العرب كان مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يمثل القمة كأعلى قيادة أمنية، ولذلك فإنه كان يتخذ قرارات بشأن الموضوعات المطروحة على جدول أعماله، وكانت هذه القرارات تعمم على الدول العربية الأعضاء للاستفادة منها أو تنفيذها، حسب الظروف الموضوعية لكل دولة.
وبعد قيام مجلس وزراء الداخلية العرب، أصبح المجلس صاحب القرار، لذلك أخذت مؤتمرات قادة الشرطة تتخذ التوصيات بشأن المواضيع المطروحة على جدول أعمالها وترفعها إلى مجلس وزراء الداخلية العرب للمصادقة عليها.