يتأهب القطاع المصرفي في دولة الإمارات العربية المتحدة نحو مزيد من النمو والانتعاش في العام الجديد 2023، بعدما نجح خلال العام المنصرم في الحفاظ على وضع مالي متين بعد التعافي من تداعيات جائحة "كوفيد – 19" وتحقيقه أعلى معدلات نمو في 7 سنوات، ليواصل بذلك ترسيخ ريادته الإقليمية والعالمية.
ونجح مصرف الإمارات المركزي، وفق رؤية القيادة الرشيدة، وتوجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، في الحفاظ على نظام مصرفي ومالي مستقر وفعال من خلال تقديم خدمات مصرفية مركزية ذات كفاءة وفاعلية كجزء من التزامه بتعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي والنمو في دولة الإمارات.
وتمكن القطاع من تأكيد متانته ومرونته في التعامل مع كافة التحديات والتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، إذ تعكس مؤشرات ارتفاع الأصول والتمويل ومعدلات كفاية رأس المال مرونة القطاع وقدرته على التكيف مع المتغيرات التي يشهدها العالم، إضافة إلى قدرته على مواصلة دوره المناط في توفير الظروف الملائمة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع حرصه على الالتزام بالمعايير الدولية في الحوكمة وإدارة المخاطر.
وكان للأداء القوي للقطاع المصرفي دور كبير في تعزيز تنافسية الإمارات على الصعيد الدولي، إذ جاءت الدولة في المرتبة الأولى عالمياً في عدة مؤشرات صادرة عن مؤسسات دولية منها مؤشر "عمق المعلومات الائتمانية" و"حرية امتلاك حسابات مصرفية بالعملات الأجنبية" و"درجة الانفتاح المالي" والمركز السادس عالمياً في مؤشر "إجمالي المدخرات المحلية"، والمركز السابع في "التمويل العام" والمرتبة التاسعة في "تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة"، والمركز الـ 16 في "معاملات البطاقات المالية"، والمرتبة 17 في "وفرة البطاقات المالية المتداولة في السوق".
وتؤكّد مؤشرات مصرف الإمارات المركزي الأخيرة، على التعافي الكامل للقطاع المصرفي وعودته إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، بعد أن سجل انتعاشاً ملحوظاً في الائتمان، ونمواً قوياً للودائع المصرفية إلى جانب قدرٍ كافٍ من احتياطي السيولة والتمويل تفوق في مستوياتها المتطلبات والمعايير التنظيمية المحلية والعالمية.
ويتمتع النظام المصرفي الإماراتي بمستويات رأس مال جيدة، أعلى بكثير من الحد الأدنى للمتطلبات الرقابية وهو ما يوفر الحماية للمودعين ويعزز استقرار وكفاءة النظام المالي للاقتصاد، حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال الإجمالية 17.5% في نهاية الربع الثالث من 2022، وهي أعلى بكثير من المنصوص عليه في لوائح "المركزي" امتثالاً لإرشادات مبادئ "بازل 3" والبالغ حدها الأدنى 13%، فيما وصلت نسبة الشق الأول من رأس المال 16.3%، وبلغت نسبة حقوق الملكية العادية من الشق الأول 14.5%.
وساهم النمو القوي في الودائع إلى دعم كفاية السيولة وأوضاع التمويل، وتحسنت نسبة القروض إلى الودائع ونسبة السلف إلى الموارد المستقرة إلى أقل مستوى في 7 سنوات، لتشير بذلك مستويات رأس المال المستدامة إلى جانب التمويل القوي إلى وضع مالي متين كلياً في النظام المصرفي للدولة.
وارتفع إجمالي أصول القطاع المصرفي إلى مستويات قياسية مع وصولها إلى 3.583 تريليونات درهم في نهاية سبتمبر 2022، ووصل معدل القروض إلى الودائع إلى أقل مستوى في 7 سنوات، ما يشير إلى قدرة ائتمانية كبيرة، كما زادت الأصول الأجنبية للمصرف المركزي إلى 424.3 مليار درهم في الفترة نفسها.
وتشير البيانات إلى الاستمرار في رغبة بنوك الإمارات في منح الائتمان، وهو ما يظهر جلياً من خلال النمو القوي في الطلب على القروض من الشركات التجارية والأسر، وسط الانتعاش القوي للاقتصاد الوطني مدعوماً برغبة المؤسسات المالية في توجيه الطلب المتزايد على الائتمان للشركات والأفراد.
وتؤكد مؤشرات السلامة المالية أن البنوك العاملة بالدولة لديها احتياطيات سيولة كافية، حيث زادت الأصول السائلة المؤهلة كنسبة من إجمالي الخصوم إلى 19.6% في ديسمبر 2021 أي أعلى بكثير من الحد الأدنى للمتطلبات الرقابية البالغ 10%، ما يشكل احتياطي سيولة كافياً للنظام المالي.
وبلغ إجمالي الأصول السائلة في القطاع المصرفي، والتي تشكل صمام أمان وحائط صد قوياً، ما قيمته 509.61 مليارات درهم في نهاية الربع الثالث من العام الماضي بزيادة على أساس سنوي بنسبة 5% مقارنة بنحو 485.2 مليار درهم في نهاية الربع الثالث من العام 2021، وتشمل هذه الفئة من الأصول، الاحتياطي الإلزامي الذي يفرضه المركزي، وشهادات الإيداع التي تحتفظ بها البنوك في المركزي، إضافة إلى السندات الحكومية المرجحة ذات المخاطر الصفرية، وديون القطاع العام والنقد في البنوك.
ويعد القطاع المصرفي في الإمارات الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، إذ تستحوذ بنوك دولة الإمارات على الحصة الأكبر من موجودات (أصول) القطاع المصرفي العربي والبالغة 4.031 تريليونات دولار، بنسبة تصل إلى 22.4%، تليها البنوك السعودية بحصة سوقية بلغت 21.7% وذلك في نهاية العام 2021، بحسب صندوق النقد العربي.