شهد سوق التكنولوجيا المالية «فينتك» بالإمارات في 2022 تطورات عدة على صعيد الابتكار وتعزيز بيئة الضوابط والتشريعات الداعمة لأنشطة شركات فينتك.
فيما سجل سوق التكنولوجيا المالية في الإمارات في العام المنقضي 2022 رقماً قياسياً بلغ 2.5 مليار دولار (9.1 مليارات درهم) بحسب بيانات وزارة الاقتصاد.
وقادت الإمارات قطاع التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، باستحواذها على أكثر من ثلث صفقات التمويل، وما يقرب من نصف مجمل عمليات جمع رؤوس الأموال في هذا القطاع، الذي يتوقع أن تكشف إحصاءات العام المنقضي عن بلوغ حجم سوقه عالمياً 306 مليارات دولار، بحسب دراسة حديثة لمؤسسة مؤسسة «ماركت واتش».
فيما تضخ كبريات المؤسسات المالية العالمية استثماراتها في مجال التكنولوجيا المالية، مستهدفة المدفوعات الرقمية وأسواق رأس المال والأمن الإلكتروني بشكل رئيس.
رقمنة العمليات
وأحدثت شركات التكنولوجيا المالية في 2022 – التي نما حجم تمويلها بنسبة تزيد على 180 % هي الأعلى منذ 5 سنوات - ثورة في طريقة عمل قطاع الخدمات المالية والبنوك في الشرق الأوسط التي سارعت إلى رقمنة عملياتها لكسب المزيد من العملاء عبر طرح مزايا الصوت والبيانات والذكاء الاصطناعي.
فيما تلقى الخدمات المصرفية المفتوحة قبولاً متزايداً من المستهلكين وهي مساهم أساسي في تبني التكنولوجيا المالية.
ورسخت مجموعة من المبادرات الاستراتيجية والتنظيمية التي قادها مصرف الإمارات المركزي وسلطة دبي للخدمات المالية ومركز دبي للسلع المتعددة ومركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي وغرفة تجارة دبي بين 2020 و2022، مكانة الإمارات مركزاً عالمياً للتكنولوجيا المالية.
كان أحدثها إطلاق غرفة تجارة دبي «مجموعة عمل التكنولوجيا المالية والمدفوعات» بهدف الترويج للإمارة مركزاً تجارياً عالمياً رائداً في التعاملات الرقمية، ووضع التوصيات المناسبة لتغيير السياسات والأطر التنظيمية.
وفي عام 2020، أطلق مصرف الإمارات المركزي مكتب التكنولوجيا المالية الذي يهدف إلى تعزيز التحول الرقمي للخدمات المالية عبر ضمان وجود البنية التحتية والمواهب ورأس المال والسياسات المناسبة من أجل بناء نظام بيئي للتكنولوجيا المالية في دولة الإمارات.
استثمارات ضخمة
وأكّد عمر حداد، المدير العام لشركة «باي موب» لحلول الدفع المتكاملة في الإمارات في تصريحات لـ«البيان» أن الإمارات تمكنت من أن تكون أحد أهم المسهّلين الإقليميين الرئيسين للابتكار في مجال التكنولوجيا المالية.
وذلك في إطار مساعيها الرامية إلى التحول من الاقتصاد الذي يعتمد على النفط إلى القطاعات النامية التي تركّز على التكنولوجيا. وقال: «ضخّت الإمارات في الأعوام الماضية استثمارات ضخمة من أجل توفير البيئة الملائمة التي تساعد الشركات الناشئة على النمو والانتشار.
واليوم نجد أن اعتماد أطر تنظيمية لإلزام المتاجر تقديم خيارات دفع رقمية غير نقدية للعملاء من دون تكاليف إضافية مع العمل ضمن نظام بيئي، يعطي البنية التحتية للمدفوعات الرقمية الآمنة الأولوية».
دفع الابتكار
وأفاد حداد بأن التعاون بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية يؤدي إلى دفع الابتكار داخل النظام البيئي، وتقديم منتجات وخدمات جديدة بشكل أسرع، وتعزيز تجارب العملاء وتعزيز اعتماد المدفوعات الرقمية. ولفت إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تستفيد كذلك من البنوك وشراكات التكنولوجيا المالية عبر الوصول إلى رأس المال الذي لم يكن متوافراً في السابق من قبل من البنوك التقليدية.
وأضاف: «حينما تدمج البنوك تقنيات التكنولوجيا المالية، فإنها تُمكِّن أيضاً الشركات الصغيرة والمتوسطة من الاستفادة من رؤى الأعمال من أجل اتخاذ قرارات أفضل والتحلّي بالكفاءة التشغيلية، وهو ما يعود بالفائدة بشكل مباشر على أرباحها النهائية».
العملة الرقمية
ومع التطور المتنامي في زيادة تبني تقنية بلوك تشين في الإمارات، بدأ مصرف الإمارات المركزي في العام المنقضي كذلك بدراسة استخدام العملة الرقمية أداة لتعزيز شفافة المعاملات المالية وشمولها، وقام في أكتوبر الماضي بإنجاز أول مجموعة من المدفوعات ذات قيمة حقيقية عبر الحدود ضمن مشروع «الجسر».
كما شهد عام 2022 توجهاً متزايداً لدى البنوك لدمج المزيد من التقنيات الرقمية الناشئة في عملياتها، وتقدماً ملموساً في أجنداتها الرقمية لتوفير أفضل التجارب للعملاء باستخدام المنصات الذكية التي تستخدم الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
تقدم سريع
وقال أسامة السمدوني، المدير العام لشركة الخليج للحاسبات الآلية في دبي: «تعد الإمارات من أهم الدول في العالم في مجال الخدمات المصرفية الرقمية وعبر الإنترنت، وتواصل التقدم بسرعة في هذا المجال عبر إطلاق حلول مصرفية آمنة ومبتكرة.
وقد شهدنا ظهور الفروع الرقمية للبنوك، والبنوك الرقمية، مستفيدة من التقنيات المالية الرقمية على السحابة، لتقديم خدمات رقمية بحتة للعملاء. ويقدم هذا النوع من البنوك الخدمات المصرفية الرقمية برسوم منخفضة، ويتيح للعملاء قدرة أكبر على التحكم في حساباتهم المصرفية».
تخصيص الخدمات
تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تغيير شكل الخدمات المصرفية، وذلك بتوفير تجارب أكثر تخصيصاً للعملاء، عبر تحليل سلوك المستهلك والاتجاهات والأنماط السائدة، وتخصيص الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول.
ومع البدء باستخدام تقنيات التعرف إلى الصوت والتعرف إلى الوجه، وغيرها من البيانات البيومترية، يفتح الذكاء الاصطناعي الباب على مصراعيه أمام مزيد من التخصيص وتعزيز مستويات الأمن في العروض المقدمة في مجال الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.