الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - اخبار اليمن و الخليج - الإمارات 2022.. عام التحول في قطاع الطاقة

الإمارات 2022.. عام التحول في قطاع الطاقة

الساعة 09:17 صباحاً

 

يعد قطاع الطاقة في دولة الإمارات من القطاعات الاقتصادية ذات الثقل الكبير، بشقيه الهيدروكربوني والنظيف، لذا كان حاضراً دائماً ضمن الاستراتيجيات الوطنية الرامية إلى الارتقاء به وتطويره والانتقال به إلى آفاق أكبر. وعند رصد تحولات القطاع خلال 2022 نجد أنه كان عام التحول في قطاع الطاقة، حيث شهد إطلاق الدولة العديد من المشاريع، وإن كان التركيز الأكبر على مشاريع الطاقة النظيفة التي تعطيها حكومة الإمارات أهمية مضاعفة.

 

فالانتقال في قطاع الطاقة يحتاج إلى خطط واقعية وطموحة وعملية ومجدية اقتصادياً من أجل النجاح في تحقيق تقدم في أمن الطاقة والنمو الاقتصادي بشكل متزامن، وهو ما أدركته دولة الإمارات مبكراً، حيث إن عدم تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمعات من الطاقة يتسبب في تباطؤ النمو الاقتصادي.

 

لذلك يمكن القول بأن نهج الإمارات في التحول إلى منظومة طاقة جديدة تطلب منها تخطيطاً محكماً وفعالاً وعملياً ومشاركة وتعاون جميع القطاعات على نطاق واسع. وكانت الاستراتيجيات التي وضعتها الدولة منطلقة من كونها لاعباً أساسياً في قطاع الطاقة العالمي، كما أنها ملتزمة تجاه تحقيق انتقال سلس في قطاع الطاقة.

 

وبصفتها دولة رائدة في المنطقة بقطاع الطاقة المتجددة، استثمرت الإمارات 50 مليار دولار خلال العقدين الماضيين في أكثر من 70 دولة، وتعتزم استثمار 50 مليار دولار إضافية خلال الأعوام المقبلة.

 

طاقة نظيفة

 

نظراً لأن الدولة تعد العدة للمستقبل، فإننا نجد أن كل ما تفعله اليوم وما تطلقه من مبادرات وقرارات، يشكل الأساس الذي تنطلق منه لبلوغ أهدافها في قطاع الطاقة مستقبلاً، تماشياً مع رؤيتها للاحتفال بآخر برميل نفط في العام 2050.

 

فقد أطلقت الدولة خططاً لتعزيز استدامة الطاقة النظيفة عبر كثير من المبادرات والاستراتيجيات. كما أنها اتخذت خطوات مبكرة ومتواصلة نحو الاستعداد لوداع آخر قطرة نفط، وتحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على بيئة نظيفة وصحية وآمنة، حيث تستهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 مزيجاً من مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية، وستستثمر الدولة 600 مليار درهم حتى عام 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة، واستدامة النمو في اقتصاد الدولة.

 

دبي

 

تأتي البداية من دبي التي تُعد من المدن الرائدة في تطوير قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة، كما أنها سبّاقة في ابتكار طرق وأساليب حديثة لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية وإيجاد حلول بديلة عن الطاقة التقليدية بما يدعم التنمية المستدامة.

 

فقد وضعت دبي هدفاً واضحاً وهو أن تصبح مركزاً عالمياً في الاقتصاد الأخضر، وذلك عبر استراتيجية ذات خمسة محاور تركز على: البنية التحتية، والتشريعات، والتمويل، وبناء القدرات، وتوافر مزيج من الطاقة الصديقة للبيئة.

 

وقد حرصت دبي على أن تتوافق تلك الخطط والأهداف التي وضعتها مع استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050، والتي تستهدف استبدال إنتاج الطاقة التقليدية بموارد متجددة.

 

وكان لهيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا» نصيب الأسد في مشاريع الطاقة النظيفة التي أعلن عنها من حيث نجاحها المتواصل في رفع كفاءة واعتمادية الطاقة وتوفير خدماتها وفق أعلى المعايير والاعتمادية والكفاءة والجودة، ومواكبة الزيادة في الطلب على الطاقة. ومن بين أهم المشروعات التي تنفذها الهيئة مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، وهو أكبر مجمع لإنتاج هذا النوع من الطاقة في موقع واحد على مستوى العالم، حيث ستبلغ قدرته الإنتاجية 5,000 ميغاوات بحلول عام 2030، وعند اكتماله سيسهم في تخفيض أكثر من 6.5 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً. كما أنه سيوفر للإمارة 75 % من قدرتها على توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2050. وقد شهد العام الجاري الإعلان إضافة 300 ميغاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وذلك ضمن المرحلة الخامسة من المجمع.

 

أيضاً من المشاريع الأخرى التي تدعم الانتقال للطاقة النظيفة في دبي مشروع الهيدروجين الأخضر، والذي تم تنفيذه بالتعاون مع شركة «سيمنس للطاقة» في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين باستخدام الطاقة الشمسية، وقد تم تصميم وبناء المحطة التجريبية، التي تبلغ مساحتها 10 آلاف متر مربع، بحيث تكون قادرة على استيعاب التطبيقات المستقبلية ومنصات اختبار الاستخدامات المختلفة للهيدروجين بما في ذلك إنتاج الطاقة والتنقل.

 

كذلك هناك مشروع رئيسي آخر للطاقة الخضراء والذي وقعت مجموعة «إينوك» بشأنه اتفاقية مع شركة الصناعات الثقيلة اليابانية «آي إتش آي» بهدف إنشاء وحدة تصنيع هي الأولى من نوعها للأمونيا الخضراء، والتي تعتبر أحد أبرز حلول الوقود الخالي من انبعاثات الكربون ذات الجدوى الاقتصادية العالية من حيث فعاليتها العملية وتكلفتها المنخفضة وسهولة التعامل معها، فضلاً عن كونها تنتج الهيدروجين بمعدلات كثافة مرتفعة.

 

أبوظبي

 

تولي حكومة أبوظبي أهمية بالغة لقطاع الطاقة النظيفة، ولتحقيق غاياتها فيه أطلقت العديد من المشاريع العملاقة التي تؤهلها إلى التحول النظيف في قطاع الطاقة بحسب استراتيجية الدولة 2050. وتأتي شركة البترول الوطنية «أدنوك» في صدارة الشركات العاملة في تنفيذ خطط أبوظبي في قطاع الطاقة النظيفة، وخفض انبعاثات الكربون بشكل متزامن مع سعيها لتطوير وتوسعة عملياتها لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، حيث تتبنى «أدنوك» نهجاً شاملاً للاستدامة يعكس التزام دولة الإمارات بترسيخ مكانتها كمزود عالمي مسؤول للطاقة، وجهودها لتمكين بناء مستقبل أكثر استدامة.

 

وقامت أبوظبي بتنفيذ العديد من المشاريع الكبرى في مجال الطاقة النظيفة منها بناء محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، وهي أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم بقدرة تصل إلى 2 جيغاواط من الكهرباء في منطقة الظفرة، والمقرر إطلاقها بحلول عام 2023. وسوف تدعم المحطة تنويع مصادر الطاقة المتجددة في أبوظبي وترفع القدرة الإجمالية للإمارة وتخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتهدف المحطة لخفض الانبعاثات الكربونية للإمارة بأكثر من 2.4 مليون طن متري سنوياً.

 

كذلك تعد محطة «شمس1» واحدة من أكبر مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة الشمسية المركزة، ويهدف المشروع إلى توفير 7 % من احتياجات أبوظبي من الطاقة المتجددة. وتمتد المحطة على مساحة 2.5 كيلومتر مربع بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميجاواط، ضمن حقل شمسي مؤلف من 768 مصفوفة من عاكسات القطع المكافئ لتجميع الطاقة الشمسية، وتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة والمتجددة.

 

كذلك أعلنت شركة «مصدر» عن هيكليتها الجديدة التي شملت إطلاق أعمال الشركة في مجال الهيدروجين الأخضر، وذلك بهدف تعزيز جهودها وتوسيع مشاريعها في مجال الطاقة النظيفة والمساهمة في دفع الجهود العالمية لخفض الانبعاثات. وبفضل هذه الخطوة، أصبحت «مصدر» واحدة من أكبر شركات الطاقة النظيفة في العالم، وتتمتع بمكانة بارزة لتعزيز دورها الرائد في هذا القطاع، مما يسهم في ترسيخ ريادة الإمارات في قطاع الطاقة.

 

النفط والغاز

 

يعد النفط والغاز الموردين الرئيسيين للطاقة الهيدروكربونية في الإمارات وتعد الدولة غنية بهما إلى حد كبير، ما جعل الدولة أحد اللاعبين الكبار في قطاع الطاقة العالمي ومن أبرز المؤثرين فيه، لذلك أعلنت الدولة، في إطار التزاماتها العالمية، عن زيادة السعة الإنتاجية إلى 5 ملايين برميل يومياً بحلول 2027 بدلاً من 2030، كما زادت احتياطيات الدولة لتصل إلى 113 مليار برميل نفط و290 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي، مما يعزز مكانة الإمارات ضمن قائمة الدول التي تمتلك أعلى احتياطيات في النفط والغاز الطبيعي، مما يسهم في ترسيخ مكانتها مورداً عالمياً موثوقاً للطاقة.

 

وجاء ذلك الإعلان ليؤكد استمرار الدولة في تعزيز مكانتها ودورها كمساهم رئيسي في ضمان أمن الطاقة العالمي واستدامة إمداداتها، وداعم أساسي لجهود الانتقال الواقعي والمسؤول في قطاع الطاقة، من خلال مواكبة المستقبل، واستثمار الفرص المهمة التي يوفرها هذا التحول.

 

وتأتي شركة «أدنوك» في صدارة الشركات الوطنية العاملة في قطاع النفط والغاز، بملاءتها المالية العالية ومشاريعها العملاقة والطموحة، وقد بدا ذلك جلياً في إعلان الشركة خلال العام الجاري عن زيادة استثماراتها الرأسمالية لتصل إلى 550 مليار درهم خلال 5 سنوات. وكان 2022 عاماً مليئاً بالمشاريع لشركة «أدنوك»، حيث أرست عقوداً بمليارات الدراهم من أجل تطوير خدمات الحفر لديها بهدف توسيع قدراتها الإنتاجية في الحقول البرية والبحرية، كما قامت باستئجار منصات حفر في مختلف مواقع الإنتاج لمواكبة الطلب العالمي المتزايد على النفط والغاز.

 

فعلى سبيل المثال، أعلنت «أدنوك» عن تأسيس شركة «أدنوك للغاز»، وهي شركة جديدة عالمية المستوى لمعالجة وتسويق الغاز، ستبدأ أعمالها اعتباراً من 1 يناير المقبل، وستتولى مسؤولية عمليات التشغيل والصيانة والتسويق لشركتي «أدنوك لمعالجة الغاز» و«أدنوك للغاز الطبيعي المسال» من خلال شركة واحدة متكاملة.

 

كما أعلنت «أدنوك» ومعها شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة» وشركة مبادلة للاستثمار «مبادلة» عن إنجاز الاتفاقية الاستراتيجية للاستحواذ على حصص في شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، لتصبح ملكية «مصدر» لدى الشركات الثلاث. وتهدف الاتفاقية إلى تضافر جهود ثلاث من أبرز الشركات في أبوظبي لتوسيع وتنمية وتطوير نطاق عمليات «مصدر»، والارتقاء بها إلى مصاف الشركات العالمية، لتشمل الطاقة المتجدّدة والهيدروجين الأخضر، وغيرها من الابتكارات التكنولوجية الداعمة للطاقة النظيفة.

 

كما أعلنت «أدنوك» عن تسجيل رقم قياسي عالمي جديد بحفر أطول بئر للنفط والغاز في امتياز «زاكوم العلوي» وتمتد البئر لمسافة 50 ألف قدم، ويزيد طولها عن الرقم القياسي لأطول بئر في العالم المُعلن عنه سابقاً في عام 2017 بحوالي 800 قدم.

 

كذلك أعلنت عن ترسية 3 عقود بموجب اتفاقيات إطارية لخدمات الحفر المتكاملة بقيمة 14.68 مليار درهم لتقديم سوائل حفر الآبار والخدمات المتعلقة بها. وتدعم هذه العقود جهود «أدنوك» المستمرة لتوسيع قُدراتها الإنتاجية من مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات، في سعيها لتلبية الطلب العالمي المتنامي على الطاقة.