وضع الباحثان جيفري سونينفيلد، أستاذ كلية ليستر كراون في ممارسة الإدارة والعميد المشارك الأول في كلية ييل للإدارة، وستيفن تيان، مدير الأبحاث في معهد "ييل للقيادة التنفيذية"، قائمتهما السنوية لأفضل 5 مديرين تنفيذيين حققوا نجاحات خلال عام 2022، وأبرز الأسماء التي واجهت إخفاقات كبيرة.
وشهدت القائمة السنوية تغيرا واضحا عن العام الماضي، والتي ظهرت فيها أسماء مثل: ماري بارا من "جنرال موتورز"، وداريوس أدامكزيك من شركة هانيويل، إلى جانب كريس كيمبزينسكي من "ماكدونالدز" ورودني ماكمولن من "كروجر"، لتضم قائمة العام الحالي خمسة أسماء مختلفة وهم، وفقاً لما ذكرته "Fortune"، واطلعت عليه "العربية.نت":
1- ساتيا ناديلا "مايكروسوفت":
على الرغم من بعض التركيز قصير المدى على دعوى FTC لمكافحة الاحتكار ضد استحواذ شركة مايكروسوفت على شركة "Activision"، يستحق الرئيس التنفيذي لـ"مايكروسوفت"، ساتيا ناديلا، الفضل في تقوية موقع شركته الفريد من نوعه بعد سنوات من التحول الشاق والناجح إلى منصة أعمال سحابية.
ونجح ناديلا في تجديد وإحياء ثقافة الابتكار لدى "مايكروسوفت" مع دمج خطوط المنتجات الجديدة بسلاسة في نظام Windows الأساسي القديم الذي لا مثيل له للشركة.
من جانبه، قال المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، بيل غيتس: "ما زلت أتذكر العرض التقديمي الذي قدمه ساتيا على السبورة عندما كنا نختار خليفة ستيف بالمر"، مضيفا: "كنا بحاجة إلى مستوى عالٍ من الاستثمار في السحابة كان أمراً شاقاً للغاية، لكن ساتيا قدّمها وحوّلها إلى أصل غير عادي، مما يريحني أن (مايكروسوفت) في أيدٍ عظيمة".
وتفتخر مايكروسوفت الآن بأعمال تجارية سحابية تزيد قيمتها على 60 مليار دولار، فيما يمتلك (Office 365) قاعدة مستخدمين تبلغ 300 مليون مستخدم.
يأتي ذلك، بعد أن تعهد ناديلا بإعادة الاستثمار باستمرار في البحث والتطوير، وخصص 25 مليار دولار سنوياً، لكن أيضاً لأنه أضاف استراتيجياً ما يقرب من 50 شركة إلى محفظة "مايكروسوفت" من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ الناجحة مع استثمارات ضخمة في الرعاية الصحية والتصنيع والتعليم.
ومنذ أن تولى ناديلا المسؤولية في عام 2014، أصبحت أسهم "مايكروسوفت" واحدة من أفضل الأسهم أداءً في المؤشر، بزيادة قدرها 1000%.
2- آرفيند كريشنا "آي بي إم"
قام الرئيس التنفيذي لشركة "آي بي إم" IBM، بتسريع تحول الشركة إلى مزود رائد للحلول السحابية للمؤسسات من خلال الجمع بين محفظتها القديمة من الأجهزة الصلبة، والأعمال التجارية، والبرمجة الحاسوبية، مع مجموعة كاملة من الحلول البرمجية سريعة التطور.
وبات أكثر من 50% من عائدات شركة IBM مرتبط الآن بالبرامج والحلول الاستشارية، ويقارن ذلك مع سيطرة شبه مطلقة لأعمالها في مجال الأجهزة على المبيعات قبل بضع سنوات فقط.
ويُعد التركيز على الشراكات أحد أكبر التغييرات منذ تولى كريشنا منصب الرئيس التنفيذي في عام 2020.
وتنتقل شركة IBM الآن إلى تطوير الحوسبة الكمومية، حيث أعلنت عن معالج Osprey بسعة 433 كيلوبت في نوفمبر، والاستثمار في الذكاء الاصطناعي.
3- جين فريزر "سيتي بنك"
تعمل الرئيسة التنفيذية لـ"سيتي بنك"، جين فريزر، على تنفيذ أجندة التحول الطموحة التي وضعتها قبل عام، حيث تبيع الشركات الاستهلاكية الدولية ذات الهامش المنخفض والتي تعاني من صعوبات تشغيلية وسياسية معاكسة (كما هو الحال في روسيا وكوريا والصين والهند والمكسيك وتايلاند وماليزيا).
وهذا العام وحده، ولّدت عملية البيع 3 مليارات دولار من رأس المال، مع المزيد في العام المقبل. وفي الوقت نفسه، تحرز فريزر تقدماً في إعادة توجيه تركيز "Citi" الأساسي نحو إدارة الثروات والخدمات المصرفية الشخصية في الولايات المتحدة.
ورغم أن استراتيجيتها لا زالت في مهدها، إلا أن نجحت في استقطاب ثقة وارن بافيت، والذي اشترى حصة من أسهم الشركة بعد عام من المناقشات مع فريزر.
ويعمل التحول من الأعمال الاستهلاكية الدولية إلى إدارة الثروات على تحويل أعمال Citi من نشاط يعتمد على صافي دخل الفائدة، والذي يتسم بحساسية كبيرة للغاية ويتقلب مع أسعار الفائدة، إلى عمل تكون فيه الرسوم هي المحرك الرئيسي لنمو الإيرادات، مما يوفر مصدر دخل أكثر استقراراً وأقل دورية وأكثر قابلية للتنبؤ به.
4- ديف كالهون "بوينغ"
بعد سنوات من التحديات الشديدة، بدءاً من أزمة طائرة "737 ماكس" والإخفاق مع المنظمين، مروراً بتدمير الطلب نتيجة أزمة كورونا، وصولاً إلى إلغاء الطلبات الصينية والأزمة النقدية للشركة ومستويات الديون المرتفعة، قام ديف كالهون أخيراً بتوجيه شركة بوينغ إلى نقطة انعطاف حيث تتحول الأمور أخيراً للإيجاب.
يأتي ذلك، في وقت تعافى فيه السفر الجوي العالمي إلى حد كبير.
وتقدم شركات الطيران الآن طلبات شراء طائرات جديدة من "بوينغ" بوتيرة قياسية، حيث طلبت الخطوط الجوية المتحدة مؤخراً 100 طائرة "787" و100 طائرة "ماكس" مع خيار 100 طائرة "787" إضافية، وهو أكبر طلب في تاريخ "بوينغ".
كما لا يزال لدى "بوينغ" سجل تراكمي يزيد عن 4000 طلب متراكم لطائرات "737"، و500 لطائرة "787".
وعلى صعيد نتائج الأعمال، فقد شهدت الشركة تحول التدفق النقدي إلى المنطقة الخضراء، مع 2 مليار دولار في التدفق النقدي الحر في عام 2022.
ومن المتوقع أن يتراوح بين 3 إلى 5 مليارات دولار في عام 2023، و10 مليارات دولار بحلول عام 2025.
5- غريغ هايز "ريثيون"
نظراً لأن الغزو الروسي لأوكرانيا يجلب المخاوف الأمنية والدفاعية إلى الواجهة مرة أخرى، عادت شركات الدفاع إلى الصدارة مع أرباح قياسية.
وتعمل العديد من الدول الأوروبية على تسريع إنفاقها الدفاعي بنسبة تصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يدعو معظم المحللين إلى عصر إنفاق دفاعي أعلى عالمياً وسط المنافسة العسكرية المتزايدة.
وكانت شركة "Raytheon" في وضع مثالي للاستفادة من هذه الرياح الخلفية، حيث تمثل المبيعات العسكرية أكثر من 50% من الإيرادات.
وأدى الصراع في أوكرانيا إلى زيادة الطلب على أسلحة "ريثيون" والتي تعد الأفضل في فئتها، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة مثل "NASAMS"، وصاروخ "باتريوت" أرض-جو، بالإضافة إلى مقاتلات F-35 الأسطورية.
وتمتلك الشركة سجل طلبات تراكمية هائل بقيمة 168 مليار دولار.
الرؤساء التنفيذيون المتعثرون
بينما كان العالم في وضع أفضل مع المؤسسات التي أنشأها الملياردير العبقري، إيلون ماسك، فإنه يقترب من نقطة تحول كبيرة، سواء على مستوى سياساته الجديدة لمنصة "تويتر"، أو شركته للسيارات الكهربائية تسلا، والتي فقدت أكثر من نصف قيمتها خلال العام الجاري، فضلاً عن مؤسساته الأربعة الأخرى.
1- إيلون ماسك "تسلا - تويتر"
قال الباحثان جيفري سونينفيلد وستيفن تيان، إنه خلال قمة الرؤساء التنفيذيين الأخيرة، استطلعا آراء أكثر من 100 من كبار المديرين التنفيذيين حول تحديات ماسك، ولم تكن النتائج جيدة، حيث يعتقد 79% من المستطلعين أن ماسك قد أضر بقيمة أعماله، فميا يعتقد 69% أن أفضل أيام "تويتر" قد ولت بالفعل.
ويعتقد 25% فقط أن "تويتر" ستكون أكثر قيمة بعد 5 سنوات مما هي عليه الآن، في حين يرى 98% أن إيلون ماسك دفع مبالغ زائدة للاستحواذ على "تويتر".
ويعتقد 56% أن الشركات يجب أن تتوقف عن الإعلان على "تويتر"، بينما قال 41% إن الناس يجب أن يتوقفوا عن استخدام "تويتر".
ولسنوات عديدة حتى الآن، أثبت ماسك خطأ المتشككين من خلال تحدي القواعد الراسخة باستمرار. لكن حتى العباقرة يجب أن يعرفوا أين هي حدودهم - وقد يكون من الجيد أن ماسك قد تجاوز أخيراً مع "تويتر"، مع توقه النهم إلى الاهتمام الذي يثبت أنه تراجع.
يُعد الانتباه جيداً بشكل عام لأعمال ماسك - لكن الاهتمام من النوع الذي يحصل عليه الآن ليس مفيداً. يشعر مستثمروه بالفزع ويرفضون طلباته للحصول على أموال إضافية عبر كل من تويتر وتسلا. كما يغادر المستخدمون موقع تويتر بأعداد كبيرة وسط خطاب الكراهية والرقابة العشوائية على الصحافيين.
ورصد الباحثان قوائم وعود ماسك، التي فشل في الوفاء بها وتعد ملفتة للنظر.
ووضعا أسئلة مفتوحة مثل: أين هذا الأسطول المكون من مليون سيارة أجرة ذاتية تم الإعلان عنها قبل 5 سنوات ومن المقرر تسليمها قبل 3 سنوات؟ وأين هي أكبر شركة تأمين سيارات في العالم وعد بها؟ وأين تلك الأنفاق الموجودة تحت الأرض التي قامت شركة Boring بالترويج لها ولكن لم تنفذها مطلقاً؟
وأشارا إلى أن ماسك محكوم بقدرة أقل على التراخي لتحمل الأخطاء من أي وقت مضى: إذ أن إدارة 6 شركات اسمياً في وقت واحد مع التزامات ديون ضخمة لسدادها، يمنحه هامش ضئيل للخطأ.
2- مارك زوكربيرغ "ميتا"
أنفقت شركة "ميتا - فيسبوك" تحت إشراف مارك زوكربيرغ، 100 مليار دولار على البحث والتطوير المتعلق بالميتافيرس - وكل ما يجب أن تظهره هو أقل من 200 ألف مستخدم للواقع الافتراضي المعزز، فضلاً عن خسارة 800 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة، وفقدان 100 مليار دولار من ثروته هذا العام وحده.
ومما زاد الطين بلة، أن ظهور "Reels" المبتكر لشركة ميتا، كان محبطاً مع انخفاض عدد المستخدمين و"عدم وجود تفاعل جوهري" من خلال تقييمات الشركة الخاصة.
مع خسارة منصة ميتا التقليدية على فيسبوك سريعاً أمام المنافسين الجدد مثل تيك توك، يواجه زوكربيرغ ضغوطاً شديدة في عام 2023 لإظهار أنه لم يفقد لمسته.
كما تعرض زوكربيرغ للاستجواب هذا العام من قبل الكونغرس بعد الإفصاحات التي أثارتها إحدى المديرات السابقة في الشركة، فرانسيس هوغن، حول التحريض وخطاب الكراهية، والصحة العقلية للمراهقين، والمعلومات الخاطئة عن اللقاحات، وإساءة استخدام المنصة من قبل المهربين وعصابات المخدرات.
إضافة إلى التحديات، يحدق ميتا الآن في التحقيقات التي تجريها الهيئات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي ولجنة التجارة الفيدرالية بشأن انتهاكات مكافحة الاحتكار مع استعداد مفوضية الاتحاد الأوروبي لفرض غرامة قدرها 11.8 مليار دولار.
3- تشانغ بينغ تشاو "بينانس"
على الرغم من اتساع الفجوة بين أكبر بورصة تشفير "بينانس" وأقرب منافسيها بعد الإطاحة بشركة FTX، والتي أعلنت إفلاسها مؤخراً، ويتم التحقيق مع مؤسسها، سام بانكمان فرايد، فإن صناعة التشفير بأكملها معرضة للخطر، وأصبح تشاو، أكثر شخص معرض للتأثر بالأوضاع الحالية للصناعة.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، سحب العملاء بالفعل مليارات الأموال من "بينانس"، قدّرت بعض المصادر بلوغها 9 مليارات دولار خلال 72 ساعة، ما دفع الشركة للتعاقد مع شركة Mazars للمحاسبة لتوثيق احتياطياتها، إلا أن الشركة انسحبت سريعاً وعلّقت جميع الأعمال المستقبلية مع "بينانس".
ويتمثل التحدي الذي يواجه تشاو، في طمأنة الجمهور المتشكك والمرهق بأن سجلات "بينانس" نظيفة.
وربما يندم تشاو في عام 2023، على ترك منافسه عرضة للإفلاس بلا رحمة، بعدما سحب خطته التي عرضها للإنقاذ في البداية لمنصة FTX.
4- كاثي وود "ARK"
حتى مع انخفاض صندوق "ARKK ETF" الرائد التابع لشركة "ARK" بنسبة 80% هذا العام، لا تزال كاثي وود تصدر ملاحظات متفائلة.
وشهد عام 2022 عدة خيارات سيئة للمرأة التي يلقبها البعض بـ"شجرة الأموال"، نظراً لأرباحها القياسية خلال فترة الوباء، إذ انهارت بعض الأسهم التي راهنت عليها بصورة حادة، حيث انخفض البعض مثل Invitae بنسبة 99%، بينما انخفض البعض الآخر مثل "كوينباس" و"Twilio" بنسبة 90%، فيما يفكر البعض الأخر في التقدم للحماية من الإفلاس.
5- سانديب ماثراني "WeWork"
بعد سنوات من سقوط مؤسسها، آدم نيومان في سلسلة فضائح، ربما باتت "WeWork" تدور في حلقتها الأخيرة حول بالوعة، فحتى بعد أن ضخت مجموعة "سوفت بنك" 10 مليارات دولار في الأعمال التجارية، فإن احتياطياتها النقدية تتضاءل بسرعة حيث تواجه الشركة أكثر من 3 مليارات دولار من الديون وعقود إيجار طويلة الأجل باهظة الثمن.
كما تعرضت شركات التكنولوجيا، أكبر عملاء WeWork، لضربة شديدة هذا العام مع إعلان العديد عن تخفيض الوظائف، فيما تسعّر الأسواق المالية بالفعل سندات WeWork بأقل من 50 سنتاً على الدولار.