مر على الاقتصاد المصري ظروف مماثلة لما نشهده الآن من حيث النقص الكبير للعملة الأجنبية واللجوء لصندوق النقد الدولي وطلباته وشروطه والتي كان في الغالب في مقدمتها تحرير الجنيه ليتحرك وفقا لآليات العرض والطلب.. وكانت هذه الأوضاع تدفع السوق الموازي للنشاط النسبي لفترة من الوقت، وبالتالي كان يوجد سعران في السوق للدولار مقابل الجنيه.
الوضع هذه المرة أكثر تعقيدا؛ إذ ليس هناك سعران فقط للدولار أمام الجنيه، ولكن هناك عدة أسعار في السوق غير الرسمية إضافة إلى السوق الرسمية، وأدى ذلك لحالة من الفوضى في الأسواق وسط قفزات كبيرة في أسعار السلع متجاوزة كل المعايير.
وأكد مصدر مصرفي لـ "العربية"، أن تقديرات حجم التعاملات في السوق غير الرسمية تصل حاليا إلى نحو 8 مليارات دولار، أغلبها من شركات السياحة، وأيضا تحويلات المصريين في الخارج.
وأكد المصدر الذي رفض نشر اسمه لحساسية الموضوع، أن البنوك لم تعد تحصل إلا على نسبة محدودة جدا من إيرادات شركات السياحة وتحويلات المصريين في الخارج حيث اتجهت معظمها للسوق الموازي.
وقد انقسم السوق الموازي إلى سوق البيع والشراء للعملة وهذه يتم التداول فيها بسعر يصل إلى 30 جنيها للدولار. وأكد مصدر لـ "العربية"، أن هناك حالة من الإحجام عن التعامل في هذه السوق في انتظار تحرك جديد من البنك المركزي المصري لخفض الجنيه قبل مناقشة صندوق النقد الدولي لملف مصر يوم 16 ديسمبر الحالي.
السعر الآخر الذي يتم التعامل به في السوق غير الرسمي والخاص بشركات السيارات وتجار الذهب، حيث يتم تسعير هذه المنتجات على سعر وصل إلى 36 جنيها للدولار.
اقرأ المزيد: السوق الموازية تجدد الحديث عن قيمة الجنيه العادلة مقابل الدولار في مصر
وأخيرا هناك السعر الخاص بالشركات التي ترغب في فتح اعتمادات مستندية وليس لديها حصيلة تصدير، حيث تلجأ إلى المصدرين الذين تتوفر معهم حصيلة ليسوا في حاجة إليها، ويتم المحاسبة في هذه الحالة بسعر يفوق الـ36 جنيها للدولار.
هذه الفوضى في سوق الصرف الأجنبي في مصر ناتجة عن نقص كبير في العملة الأجنبية نتيجة للصدمة التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية وأدت إلى خروج الأجانب من استثماراتهم في أدوات الدين والتي قدرها وزير المالية المصري في تصريحات خاصة قبل أيام لقناة "العربية" بنحو 22 مليار دولار.