في تكثيف حربه ضد التضخم المرتفع المزمن، قرر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اليوم الأربعاء، رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي، وهي وتيرة كبيرة تزيد من خطر حدوث ركود في نهاية المطاف.
وعززت هذه الخطوة سعر الفائدة القياسي قصير الأجل، والذي يؤثر على العديد من القروض الاستهلاكية والتجارية، ليتراوح بين 3%، و 3.25%، وهو أعلى مستوى منذ أوائل عام 2008.
وجاء قرار المركزي الأميركي لمحاربة التضخم المرتفع، حيث سجلت أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة ارتفاعا مفاجئا في أغسطس على أساس شهري، إذ قوبل تراجع أسعار البنزين بارتفاع في تكاليف الإيجار والطعام، مما يعطى غطاء لمجلس الاحتياطي الاتحادي لإعلان زيادة كبيرة أخرى في أسعار الفائدة يوم الأربعاء المقبل.
وقالت وزارة العمل إن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1% الشهر الماضي بعدما ظل دون تغيير في يوليو. وكان اقتصاديون توقعوا تراجع مؤشر أسعار المستهلكين 0.1%.
وارتفعت معدلات التضخم لمستويات قياسية بدفع من نقص المعروض من السلع بسبب مشاكل سلاسل التوريد سواء نتيجة إغلاقات كوفيد في الصين، أو الحرب الأوكرانية وتأثيرها على أسعار العديد من السلع الأساسية من الغذاء إلى الطاقة.
وتمثل أسعار الفائدة أحد أسلحة البنوك المركزية في كبح جماح التضخم، عبر امتصاص فوائض السيولة من الاقتصاد وتقويض الطلب.
إلا أن رفع الولايات المتحدة لأسعار الفائدة يعني الكثير بالنسبة لاتجاه حركة رؤوس الأموال حول العالم.
من المتوقع أن يكون لقرار رفع دول خليجية أسعار الفائدة، تأثير واضح على المحفظة الشخصية لمواطنيها، والبداية المتوقعة ستكون على تكلفة الاقتراض الجديد.
وبالتالي فإن احتياجاتك التمويلية ستكون أكثر تكلفة في الوقت الراهن، وخاصة القروض بفائدة ثابتة، إذ أنها تحمل في طياتها مخاطر أعلى بالنسبة للممولين من البنوك وشركات التمويل، مع احتمالية رفع جديد في أسعار الفائدة.
كما أن القروض القائمة بأسعار فائدة متغيرة سواء كانت قروض تمويل عقاري أو تمويل سيارة، فإنها هي الأخرى ستشهد ارتفاعاً وعليك مراجعة قروضك في هذه الأوقات والتواصل مع الجهة الممولة لقروضك لمعرفة حجم التأثير على ميزانيتك الشخصية.
وتعني القروض بفائدة متغيرة (متحركة): القروض التي تتكون من شقين، أحدهما ثابت وهو هامش الفائدة التي يحصل عليها البنك الممول وتختلف من بنك لآخر وحسب كل عميل وجدارته الائتمانية، بالإضافة إلى شق متغير وهو سعر الفائدة الرسمي المعلن من البنك المركزي.
ليس هذا فحسب، فمع ارتفاع أسعار الفائدة، تصبح تكلفة تمويل الأنشطة الاقتصادية أعلى، وتقل الجدوى الاقتصادية للعديد من المشروعات، إذ يلجأ المستثمرون لاستثمار أموالهم في الأوعية ذات العائد الثابت والخالية من المخاطر، مع ضبابية المشهد الاقتصادي ووجود عائد أعلى من البنوك، وهو ما قد يؤثر على كافة الأنشطة الاقتصادية.
وفي أغلب الأحيان ترتفع الودائع المصرفية بصورة كبيرة مع ارتفاع أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي قد يقلل من المعروض النقدي ويقود الأسعار للهبوط مرة أخرى وبالتالي مستويات التضخم، حسب مدى سرعة الاستجابة لقرارات الفائدة.
على الجانب الآخر، يعتمد الكثير من المحللين على ما يعرف بـ "سعر العائد الخالي من المخاطر" – أو سعر الفائدة على أذون وسندات الخزانة - في تقييم أسهم الشركات، إذ يتم خصم التدفقات النقدية المستقبلية للشركات بسعر فائدة أعلى لاحتساب القيمة الحالية لتلك الأموال، وبالتالي كلما ارتفع معدل الخصم (مرادف سعر الفائدة) بنسبة أكبر كلما قلت القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية وبالتالي تقييم أقل للأسهم.
ومن المتوقع أن تبدأ العديد من المراكز البحثية وبنوك الاستثمار في تعديل توصياتها وقيمها المستهدفة للشركات التي تغطيها.