اشتعلت موجة من المخاوف والقلق في أوساط العاملين بصناعة السيارات في الأسواق والدول الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة التي تضم مدناً بأكملها تعيش وتقتات على هذه الصناعة المزدهرة منذ عدة عقود، فيما تعود هذه المخاوف إلى التأثير السلبي على الوظائف الذي نتج ويتوقع أن يتعمق بسبب طفرة السيارات الكهربائية التي يشهدها العالم.
وقال تقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" الأميركية، واطلعت عليه "العربية نت"، أن تصنيع السيارات الكهربائية يتطلب قطع غيار ومكونات أقل بنسبة 30% من السيارات التقليدية، بحسب أحدث الدراسات والأبحاث التي أجريت على سوق السيارات، وهو ما يعني أن سوق الوظائف المرتبط بهذه الصناعة سيتأثر سلباً لا محالة بسبب هذه الطفرة وفي حال تبخر الطلب على السيارات التقليدية.
وتشهد السيارات الكهربائية انتشاراً واسعاً على مستوى العالم، وهو الانتشار الذي تعزز في الأشهر الأخيرة بعد الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات في مختلف أنحاء العالم بسبب ارتفاع أسعار النفط، وهو الارتفاع الذي نتج عن الحرب الروسية الأوكرانية.
ووفقاً لباحثين أجروا دراسة على "هارتلاند" الصناعية، فقد تبين أن مناطق شاسعة من الغرب الأوسط بالولايات المتحدة لديها اقتصادات تستند إلى تجارة تصنيع قطع غيار السيارات، مما يغذي المنافسة بين الولايات لدفع استثمارات المصانع الجديدة إلى الأمام.
ويحتدم السباق لبناء السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة في الوقت الذي يخشى فيه العمال في قلب صناعة السيارات التقليدية من التخلف عن الركب وبالتالي فقدان وظائفهم.
وقال الرئيس السابق لإدارة العمل في ميتشيغان، كيث كولي: "عندما ننظر بعناية إلى ما يجري في أرض المصنع، لن يكون هناك عدد أقل من العمال، وإنما سيكون هناك أشخاص مختلفون يصنعون السيارات".
ويعتقد الباحثون أن وظائف المصانع الحديثة ستتطلب مزيداً من التعليم وقد تكون أقل توفراً مما كانت عليه في الماضي.
ويقدرون أن السيارات الكهربائية قد تتطلب عمالة تصنيعية أقل بنسبة 30% مقارنة بالسيارات التقليدية.
وأضاف كولي: "الخطوط التي تعمل لتشغيل النفط أو الغاز حول محرك الاحتراق الداخلي لن تكون موجودة".
وقد يؤثر هذا التغيير على موردي قطع الغيار في صناعة السيارات، حيث يتركز العديد منهم بالقرب من مدن الغرب الأوسط الأميركية مثل كوكومو وإنديانا وليما وأوهايو ووديترويت وميتشيغان.
وقالت الأستاذة في جامعة إنديانا، سانيا كارلي: "تشكل شركات السيارات في بعض هذه الأماكن في الواقع نسبة مناسبة من عائدات الضرائب، وتوظف العديد من الأشخاص داخل المجتمع المحيط، لذا فإن مصير هذه المجتمعات مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصير الشركات".
ويأمل القادة في واشنطن أن يوفر تشريعان رئيسيان، قانون خفض التضخم وقانون (CHIPS)، اللذان تم التوقيع عليهما من قبل الرئيس جو بايدن في أغسطس، جسراً إلى ذلك المستقبل، حيث تسمح هذه القوانين بالمليارات من الحوافز للشركات التي تسعى إلى تصنيع الطاقة النظيفة.
ومع وجود تمويل في طور الإعداد، يتساءل صانعو السيارات الآن عن مدى سرعة تحقيق الطلب على السيارات الكهربائية، حيث في عام 2021 كانت 9% فقط من مبيعات السيارات العالمية من السيارات الكهربائية، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.