صنعت الإمارات مكانتها سريعاً في عالم التشفير، بعدما هيأت بيئة صديقة لمجتمع العملات المشفرة، لتصبح قبلة الشركات والمستثمرين حول العالم في هذا القطاع الناشئ.
نجحت الإمارات بالفعل في اجتذاب أكبر بورصة تشفير في العالم من حيث حجم التعاملات، لتصبح مقرها الرئيسي، ما دفع البعض لإطلاق اسم "وول ستريت التشفير" على الإمارات، حتى إن المصرفيين المحليين والمحامين والمديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الكبرى يفكرون في التحول المهني صوب هذه السوق الصاعدة والاستفادة منها.
قال رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في باينانس Binance، ريتشارد تنغ: "نرى اهتماماً كبيراً من قبل الموظفين في المؤسسات المالية التقليدية الذين يرغبون في العمل لدينا".
وفي فبراير، عينت باينانس، فيشال ساتشيندران، وهو مصرفي سابق في بنك أوف نيويورك ميلون، كمدير لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الإمارات. كما انضم روبي ناكارمي، كبير مستشاري الشركة، في أواخر العام الماضي بعد ما يقرب من عقد من الزمان كمحامٍ لعمليات الاندماج والاستحواذ، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية.نت".
على الجانب الآخر، أطلق المصرفي السابق في بنك أوف أميركا، وجيفريز، أحمد إسماعيل، منصة HAYVN، وهو بنك استثماري للعملة الرقمية ومقره أبوظبي، مع كريس فلينوس، زميله في بنك أوف أميركا. وقال إن العديد من الأصدقاء المصرفيين استقالوا مؤخراً من وظائفهم لإطلاق صناديق استثمار رقمية.
وقال إسماعيل: "كل شيء يبدأ من الأعلى.. لقد شهدنا أن الإمارات تحقق دفعة هائلة في تطوير بنية تحتية عالمية المستوى وبيئة تنظيمية لشركات التشفير لتزدهر وتتحول إلى موطنها".
كما كان أمير تابش، الرئيس السابق للأسواق العالمية في بنك الإمارات للاستثمار، واحدا من أحدث الأشخاص الذين انتقلوا للعمل في قطاع العملات المشفرة، والذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة DeFi brokerage Securrency Capital في أبوظبي في يونيو الماضي بعد 16 عاماً في القطاع المصرفي التقليدي.
في دوره الجديد، قال إنه يتطلع إلى توظيف المزيد من المصرفيين للمساعدة في "سد الفجوة" بين التمويل التقليدي والرقمي.
يأتي ذلك، فيما يجبر ارتفاع معدل التضخم المزيد من المستثمرين على اعتبار الاستثمارات في الأصول الرقمية وسيلة تحوط محتملة، ومع ذلك فإن الكثيرين ممن انتقلوا للأصول المشفرة في الآونة الأخيرة أصيبوا بالصدمة بسبب الخسائر الفادحة. إذ انخفضت قيمة بيتكوين، أكبر عملة مشفرة في العالم، إلى النصف تقريباً منذ ذروتها في نوفمبر الماضي.
وجذبت سياسات الإمارات الصديقة للعملات المشفرة - على عكس اللوائح المشددة في الولايات القضائية الأخرى - أكبر الشركات.
بدوره، كشف صندوق التحوط Crypto Three Arrows Capital الشهر الماضي، عن خطته لنقل مقره الرئيسي إلى دبي من سنغافورة، التي كانت أكثر تحفظاً مع نهجها التنظيمي تجاه العملات الافتراضية.
في غضون ذلك، تحاول السلطات الإماراتية تحقيق توازن دقيق لأنها تروج لبيئة الأعمال الصديقة التي جعلت دبي موطناً جذاباً للعديد من أكبر الشركات المالية، بينما تسعى أيضاً للتغلب على المخاوف بشأن التقلبات والجرائم المالية التي تعيق صناعة العملات المشفرة.
قالت علا دودين، الرئيسة التنفيذية لشركة BitOasis التي تتخذ من دبي مقراً لها، إن حكومة الإمارات قد أظهرت التزامها القوي بمعالجة مخاوف التمويل غير المشروع في الصناعة وأن البورصات المركزية مثل منصتها تقدم للمستثمرين المحليين طريقة أكثر أماناً للاستثمار في الأصول الافتراضية مقارنة بغيرها من المنصات.
تنامي عمليات التأسيس
قال مركز دبي للسلع المتعددة إنه سجل رقماً قياسياً بلغ 665 شركة جديدة في الربع الأول من العام 2022، مدعوماً بتدفق أعمال التشفير والبلوك تشين.
ووفقاً لمركز دبي للسلع المتعددة، استحوذ القطاع على 16% من جميع الشركات المسجلة في الربع الأول.
يأتي ذلك، فيما أصبحت العملة المشفرة أيضاً أكثر شيوعاً في عمليات شراء العقارات وحتى تسوية فواتير المطاعم، مما يدل على شهية أوسع لها، وفقاً ليحيى بدوي، المؤسس المشارك لمنصة التشفير Rain، التي حصلت على موافقة مبدئية من سوق أبوظبي العالمي في يناير.
وحالياً، تعد الإمارات ثالث أكبر سوق للعملات المشفرة في الشرق الأوسط، بعد تركيا ولبنان، بحجم معاملات يبلغ حوالي 26 مليار دولار، وفقاً للبيانات التي جمعتها Chainalysis من يوليو 2020 إلى يونيو 2021. في حين أن بصمة التشفير في المنطقة صغيرة نسبياً مقارنة مع بقية مناطق العالم، وقد أظهرت البيانات أنها نمت بنحو 1500% عن العام السابق.