شهد عام 2021 العديد من الأمور التي قد تكون مفيدة في استنباط الهوية الاستثمارية والفرص في 2022، حيث تنوعت هذه السمات بين العوائد الكبيرة في سوق الأسهم وتحديداً في الولايات المتحدة، وبعض الأسواق الأوروبية، والقليل من الأسواق الناشئة، فضلاً عن الإفراط في التقييمات، والتضخم القياسي.
وشملت السمات مشكلات سلاسل التوريد، ونقص العمالة، وتمسك الاحتياطي الفيدرالي بسياسته التوسعية والتي أغرقت الاقتصاد الأميركي بالسيولة، حتى نوفمبر الماضي، فضلاً عن سلالتين جديدتين من فيروس كورونا.
فيما تبدو السمة الرئيسية لعام 2022، قبل بدايته، أن الاقتصاد والأسواق سيواصلان النمو ولكن بوتيرة أبطأ، وقد يمتد الأمر حتى إلى التضخم.
ولتحديد رؤية صحيحة حول العام الجديد، جمعت "العربية.نت"، العديد من وجهات النظر حول مستقبل الاستثمار في الأسواق والفرص التي ستكون متاحة، والتي قد تختلف حسب طبيعة الاقتصاد المحلي والأوضاع الاقتصادية لكل بلد، إلا أن العديد منها سيكون متشابهاً ويمكن القياس عليه.
أسعار الفائدة
يبدو أن العديد من البنوك المركزية عالمياً تتجه نحو بيئة من أسعار الفائدة المرتفعة لمواجهة موجة التضخم التي تضرب الاقتصاد، يأتي ذلك، بعد أن نشر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، استطلاع أعضائه حول مستقبل أسعار الفائدة فيما يعرف باسم "Dot Plot"، والذي بين أن هناك توجها لرفع أسعار الفائدة 3 مرات لعام 2022 كل منها سيكون بمقدار 25 نقطة أساس، و3 مرات أخرى في 2023 بنفس النسبة، ومرتين في عام 2024، ليصل إجمالي زيادات أسعار الفائدة المرتقبة إلى 200 نقطة أساس.
ولعل الأمر البارز، هو أنه خلال 3 أعوام ستزيد أسعار الفائدة من مستوياتها الحالية بالقرب من الصفر بنحو 200 نقطة أساس، وهو الأمر الذي لا يتماشى مع معدلات التضخم الحالية والتي تجاوزت 5%، ما يعني أن العوائد الحقيقية على السندات لن تكون مغرية.
فيما حدد الرئيس والمدير التنفيذي لقسم المعلومات في Hennion & Walsh Asset Mgmt، كيفين ماهن، بعض الفرص التي قد تكون جاذبة في السندات، والتي سيكون على رأسها سندات المحليات الأميركية، أو ما يعرف بـ " Municipal Bonds" نظراً لأنها معفاة ضريبياً، فضلاً عن أن 21% من السندات القائمة حالياً تستحق في نهاية 2024، و31% ينتهي أجله بنهاية عام 2026، ما سيقلص المعروض منها مع ارتفاع كبير في الطلب عليها.
على الجانب الآخر، كشف استطلاع رأي لأكبر مديرين أصول في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، والذي شمل أكثر من 106 شركة عالمية لإدارة الأصول أجرته "بلومبرغ"، الأسبوع الماضي، أن العديد من الاستراتيجيين يتوقعون ألا تواكب الزيادة في أسعار الفائدة الزيادات في التضخم، مما يعني أن العوائد الحقيقية على السندات المعدلة حسب التضخم ستظل منخفضة للغاية لجعلها بديلاً قابلاً للاستثمار مقابل الأسهم.
وقال كبير مسؤولي الاستثمار في Amundi، أكبر مدير أصول في أوروبا يدير حوالي 2 تريليون دولار، باسكال بلانك: "طالما أن البنوك المركزية تضع حداً للمعدلات الاسمية، وتظل المعدلات الحقيقية منخفضة جداً، فلا بديل عن الأسهم".
ووفقاً لـ بلانك، فإن الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي لن يتحملوا ارتفاع التضخم فوق 4% - 4.5% في عام 2022.
ويعتقد رئيس إدارة محفظة عملاء الأسهم الأساسية في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لشركة غولدمان ساكس لإدارة الأصول، لوك بارس، أن الانتعاش الاقتصادي القوي سيدعم استمرار نمو أسواق الأسهم على الرغم من أن التضخم وأسعار الفائدة يمكن أن تبدأ في الارتفاع خلال عام 2022.
التجارة الإلكترونية
سرع وباء كورونا من الاتجاه نحو التجارة الإلكترونية بصورة كبيرة، نظراً لملائمتها بشكل أكبر لعمليات التسوق في ظل الإغلاقات، وشكلت مبيعات التجارة الإلكترونية 4.2% فقط من إجمالي مبيعات التجزئة الأميركية في الربع الأول من عام 2010، وهي النسبة التي ارتفعت إلى أكثر من 13% في الربع الثالث من عام 2021، وفقاً لحسابات شركة البيانات الألمانية "Statista".
ويتوقع ماهن، أن تمثل التجارة الإلكترونية ما يقرب من 22% من إجمالي مبيعات التجزئة على مستوى العالم بحلول نهاية عام 2024.
ويرى أن الشركات المتواجدة في النظام الإيكولوجي للتجارة الإلكترونية تمثل فرصة واعدة للاستثمار مثل شركات المدفوعات الإلكترونية، وشركات الشحن الجوي والخدمات اللوجستية.
الاستدامة
وفقاً لتقرير اتجاهات عام 2020 الصادر عن منتدى الاستثمار المستدام والمسؤول، زادت الأصول تحت الإدارة المستثمرة في أصول مستدامة، بنسبة 42% بين عامي 2018-2020، ومثلت 33% من جميع الأصول الأميركية الخاضعة للإدارة في نهاية عام 2020.
ويعتقد ماهن أن استراتيجيات الاستثمار ذات التأثير المستدام ستجذب المزيد والمزيد من الاهتمام من مستثمري التجزئة في عام 2022 وما بعده.
من جانبه، أشار كبير الاقتصاديين في Mazars Wealth Management، جورج لاغارياس، إلى الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وأكثر استدامة.
وقال: "ليس من المبالغة القول إن المبلغ الهائل من الأموال الموجهة مؤسسياً نحو الاستدامة، ناهيك عن جدار اللوائح، يكفي لجعل معظم موضوعات الاستثمار الأخرى هامشية".
التكنولوجيا الحيوية
فيما أشار ماهن، إلى موجة الاستحواذات والاندماجات الضخمة في قطاع التكنولوجيا الحيوية، والتي شهدها عام 2019، قبل ظهور وباء كورونا، إذ تم تنفيذ صفقات بقيمة 254 مليار دولار، وفقاً لشركة "HBM Partners".
وعلى الرغم من التراجع الكبير من هذا المستوى خلال عامي 2020، و2021، إلا أنه مع عودة الأمور إلى طبيعتها في عام 2022، ربما يكون نشاط الاندماج والاستحواذ في مجال التكنولوجيا الحيوية سوقاً ساخنة، حيث تتوقع برايس ووترهاوس كوبرز أن يرتفع حجم صفقات الدمج والاستحواذ في القطاع إلى 350 - 400 مليار دولار في 2022، مدفوعة برغبات شركات الأدوية الكبيرة في استثمار رؤوس الأموال للحصول على حلول في مجالات علم الأورام وكذلك العلاج الخلوي والجيني.
أسهم القيمة
يتفق معظم مديرين الأصول، على أن الاستثمار في الشركات الصغيرة أو المتداولة بأدنى من قيمتها الحقيقية ستمثل فرصاً واعدة خلال 2022، مع ضرورة التركيز على الشركات التي لديها سجل من سياسة توزيع الأرباح.
ووفقاً لصناديق هارتفورد، بلغ متوسط مساهمة أرباح توزيعات الأسهم 41% من إجمالي العائد لمؤشر S&P 500 في الفترة من 1930 إلى 2020.
التكنولوجيا
تعد التكنولوجيا فرصة لا تموت، حيث تنمو المجتمعات بسرعة كبيرة خاصةً في عمليات التحول التكنولوجي وهو الأمر الذي يمثل ثروة كبيرة على المدى الطويل، بغض النظر عن بعض التقلبات التي قد تواجه مثل هذه الشركات في الأجل القصير.
وستكون الموضوعات الأساسية للنمو مرتبطة بشبكات الجيل الخامس، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، ذات أهمية قصوى للأفراد والشركات والحكومات.
الأسهم الممتازة
من المتوقع أن تشهد الأسهم الممتازة لبعض الشركات التي تصدرها، طلباً رائجاً خلال العام المقبل.
وتتميز هذه الأسهم، بتقديم توزيعات ثابتة، ولها أولوية في التوزيع عن الأسهم العادية للشركات، وفقاً لـ الرئيس والمدير التنفيذي لقسم المعلومات في Hennion & Walsh Asset Mgmt.