لا تزال أصداء المتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون" تُلقي بظلالها على الأسواق العالمية، في الوقت الذي تشهد أسواق النفط حالة من التفاعلات الساخنة منذ الضغوط التي مارسها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على الدول المُصدرة لزيادة إنتاجها.
وتقول تقارير إعلامية إن منظمة الدول المُصدِّرة للبترول (أوبك) وحلفاءها تتجه لاتخاذ قرار بالتخلي عن خطط زيادة إنتاج النفط خلال الأسبوع المقبل، في غداة تسبب المتحور الجديد من "كوفيد-19" في أسوأ انهيار لأسعار النفط منذ أكثر من عام.
وفي أعقاب الخسائر الكبيرة يوم الجمعة بقرابة 10 دولارات للبرميل، ارتفعت أسعار النفط في تعاملات اليوم الاثنين، إذ سجلت العقود الآجلة لخام برنت 76 دولارا للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 71.7 دولار للبرميل.
ومن المنتظر أن تجتمع مجموعة "أوبك+" لمنتجي النفط يوم الخميس المقبل، لتقرير خطة الإنتاج الخاصة بها لشهر يناير، في الوقت الذي يتوقع خبراء أن يُطرح على جدول التوقف المؤقت عن زيادات الإنتاج الشهرية البالغة 400 ألف برميل يومياً، وسط تزايد حالات الإصابة بالمتحور الجديد، وخطة الدول الكبرى المستهكلة للطرح من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي.
وقال المدير العام للأبحاث في شركة نيسان للأوراق المالية، هيرويوكي كيكوكاوا: "كانت هناك عمليات شراء تصحيحية على أساس أن سوق النفط قد بلغت ذروة البيع الأسبوع الماضي وتكهنات بأن أوبك+ قد تتخذ إجراء ضد أوميكرون، مما قد يخفض الإنتاج".
وأضاف: "كل الأنظار ستركز على كيفية تأثير أوميكرون على الاقتصاد العالمي والطلب على الوقود وتحرك أوبك+ والمحادثات النووية الإيرانية هذا الأسبوع".
وتضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها في الهند واليابان والصين وإنجلترا وكوريا، على الدول المُصدرة لزيادة إنتاجها في مسعى منسق للتخفيف من ارتفاع أسعار الوقود.
وقبل أيام، أمر الرئيس الأميركي جو بايدن، باستخدام 50 مليون برميل من مخزون الولايات المتحدة النفطي الاستراتيجي "لإعادة الاستقرار للأسواق".
وقال مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عبد المنعم السيد، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن هناك توقعات بأن ينخفض سعر برميل البترول استنادًا إلى عاملين، الأول: المتحور الجديد في ظل حالة القلق العالمي من انتشاره والعودة لفرض إجراءات إغلاق مجددا، والأمر الثاني يتمثل في استمرار الدول المنتجة على رفع الإنتاج بحيث لا يكون هناك ضغط على الأسعار.
وتابع: "الأسعار انخفضت مؤخرا بالفعل من أكثر من 80 دولارًا للبرميل إلى حدود 72 دولارًا".
وعلى الرغم من صعود العقود الآجلة للنفط مع إعلان وزير الطاقة السعودي تأجيل اجتماعات أوبك+ الفنية إلى الأربعاء لمراجعة مزيد من الأمور، يتوقع السيد أن تمارس الولايات المتحدة والصين مزيدًا من الضغط على الدول المنتجة لزيادة إنتاجها بما يؤدي لخفض الأسعار.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك قوله إن موسكو لا ترى ثمة ضرورة لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن سوق النفط.
وأضاف أن "تجمع أوبك+ لم يطلب إعادة التفاوض على اتفاق بشأن الإنتاج بعد انتشار سلالة أوميكرون الجديدة".
وعاد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية للقول إن متحور أوميكرون "أحدث قلقًا على المستوى العالمي، في الوقت الذي يمر فيه العالم بمرحلة تعاف سريعة، وليس واضحا تماما مدى التهديد الحقيقي الذي قد يسببه هذا المتحور الذي قد يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد، في حين أن الاقتصاد العالمي لا يتحمل أي نكسة أخرى في هذا الوقت على وجه التحديد".
أزمة كورونا
وقال أستاذ هندسة الطاقة والبترول بالجامعة الأميركية بالقاهرة، جمال القليوبي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه بعد التعافي قليلا من كورونا خلال الأسابيع الماضية، عادت الاقتصاديات الكبرى في بداية 2021 إلى التعاقدات طويلة الأجل مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، وبدأ تجمع أوبك+ في إحكام قبضته على أسعار النفط وفق نظرية العرض والطلب.
على الصعيد الآخر، يرى "القليوبي" أن قرار بايدن باستخدام المخزون الاحتياطي لزيادة المعروض من الوقود، سيعطي نوعا من الأريحية داخل السوق الأميركي لمواجهة الارتفاع الذي يؤثر على مزاج المواطن، وسلبا على الاقتصاد الأميركي.
ويعتقد أستاذ هندسة الطاقة والبترول، أن "أوبك+" لن تتراجع عن خطتها بإضافة 400 ألف برميل يومياً خلال يناير المقبل، ضمن الجدول الشهري لزيادة الإمدادات، موضحًا أن هناك التزاما على نظرية العرض والطلب، والطلب على النفط ما زال كبيرا وهذا الالتزام سوف يستمر حتى شهر يونيو المقبل على الأقل.
وقلل القليوبي من المخاوف المتعلقة بتأثير المتحور الجديد على الأسعار، إذ بدأت شركة الأدوية في مراجعة لقاحاتها المضادة لكورونا لكي تتماشى مع الطفرات الجديدة من الفيروس.