قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إن المملكة تسعى بجدية للعمل على مضاعفة حجم الاقتصاد وتنوعه.
وفي حين أشار إلى أن السعودية استطاعت في فترة وجيزة تحقيق إنجازات غير مسبوقة، شدد على أن "السعودية تعد أحد أكبر وأهم اقتصادات العالم".
وأضاف: "إن المملكة العربية السعودية تعد أحد أكبر وأهم اقتصادات العالم، ونسعى بجدية للعمل على مضاعفة حجم الاقتصاد وتنوعه. ولمتابعة تحقيق ذلك، نعدُّ في الحكومة الناتج المحلي غير النفطي هو المؤشر الرئيسي لنجاح خططنا الاقتصادية، لأن الناتج المحلي الإجمالي يتأثر بطبيعة الحال بتقلبات كميات إنتاج النفط، ولا تعتبر الحكومة هي المحرك الرئيسي لها".
وقال "في عام 2016، كانت قيمة الناتج المحلي غير النفطي تقدر بـ 1.8 تريليون ريال، وبدأنا في المملكة وضع خطط لمضاعفة ذلك بوتيرة سريعة. والنتيجة كانت نموا متسارعا في السنوات الثلاث الماضية، بنسبة 1.3% في 2017، و2.2% في 2018، و3.3% في 2019 وأكثر من 4% في الربع الرابع من 2019، وذلك رغم بعض التحديات الاقتصادية.
"لكن على الرغم من الجائحة، وبشكل نسبي مع نظرائنا في مجموعة العشرين، فإننا نعدُّ أحد أفضل 10 دول في التعامل مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا في مجموعة العشرين. ونحن أكثر تفاؤلا بأن وتيرة النمو ستتسارع مع زوال الجائحة وعودة الأمور لطبيعتها بالكامل، لنكون أحد أسرع دول مجموعة العشرين نمواً في الناتج المحلي غير النفطي في السنوات القادمة".
كما أشار ولي العهد إلى أن المملكة وضعت ملف البطالة كإحدى أولوياتها وقال سموه "زيادة معدلات التوظيف هي على رأس أولويات الحكومة فقد بدأ العمل وفق رؤية 2030 على إصلاح سوق العمل وتوفير المزيد من الوظائف للمواطنين والمواطنات، ووضعت رؤية 2030 الوصول إلى نسبة بطالة 7% في العام 2030 كإحدى أهدافها".
كفاءة الأجهزة الحكومية
وأضاف "خلال عام 2018، بلغت نسبة البطالة 13% تقريباً. وبسبب رفع كفاءة الأجهزة الحكومية واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة والبرامج والمبادرات الحكومية الأخرى، رأينا نسبة البطالة تنخفض بشكل متتالٍ إلى 11.8% في بداية عام 2020. وسنكون في نهاية عام 2020 من أقل الدول المتأثرة بجائحة كورونا في مجموعة العشرين والتي ارتفعت نسبة البطالة في بعضها إلى 15% و20% وأكثر. ونعتقد بأن البرامج والسياسات التي وضعتها الحكومة ستمكننا من تحقيق نسبة بطالة 7% قبل 2030." ونوه سموه بأن فئة النساء تمثل 64% من إجمالي نسبة البطالة، مؤكداً "سيكون هدفنا التالي هو تحسين دخل المواطن".
ولي العهد لفت إلى جهود المملكة في تعزيز الإيرادات غير النفطية وتأثيرها على الاقتصاد وأوضح "لقد توسعنا في الإنفاق الحكومي المباشر وغير المباشر منذ عام 2005م. ولمواكبة ذلك والحفاظ على التوسع في الإنفاق، قامت الحكومة وفق رؤية 2030 بعملية إعادة هيكلة واسعة لعدد من القطاعات بما يعزز من إيرادات الدولة غير النفطية، ولا يجعلها مرهونة لتقلبات أسعار النفط، وما يؤديه ذلك إلى الحد من قدرتنا على التخطيط ووضع أو تحقيق أي مستهدفات".
وتابع "بالنظر إلى ما تم إعلانه العام الماضي لتوقعات ميزانية 2020، كنا نتحدث عن إيرادات متوقعة للدولة تقدر سابقاً بـ 833 مليار ريال، منها 513 مليار ريال إيرادات نفطية. وبعد انهيار أسعار النفط هذا العام، انخفضت الإيرادات النفطية فعلياً إلى 410 مليارات ريال تقريباً. هذه الإيرادات وحدها غير كافية لتغطية حتى بند الرواتب المقدر ب 504 مليارات ريال في ميزانية هذا العام. ناهيك عن صعوبة تمويل البنود الأخرى، التي تشمل الإنفاق الرأسمالي بـ 173 مليار ريال والمنافع الاجتماعية بـ 69 مليار ريال والتشغيل والصيانة المقدرة بـ 140 مليار ريال وغيرها. هذا يعني ركودا اقتصاديا، وخسارة ملايين الوظائف".
الإيرادات غير النفطية
وأوضح ولي العهد "في حال لم نقم برفع الإيرادات غير النفطية إلى نحو 360 مليار ريال هذا العام، ولو بقينا على مستويات 2015 المقدرة بـ 100 مليار ريال تقريباً، لاضطررنا لتخفيض الرواتب للعاملين في القطاع العام بما يزيد عن 30%، وإلغاء البدلات والعلاوات بالكامل، وإيقاف الإنفاق الرأسمالي بالكامل، وعدم القدرة على تشغيل وصيانة أصول الدولة بالشكل المناسب، ولتوقفنا حتى عن دعم بند نفقات التمويل".
وتابع "ومع ألمنا الشديد لإلغاء بدل غلاء المعيشة، إلا أننا نجحنا في الحفاظ على رواتب المواطنين وأغلب البدلات والعلاوات، والاستمرار بإنفاق رأسمالي بلغ 137 مليار ريال، وزيادة الإنفاق على بند التشغيل والصيانة، وتحمل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية بسبب الجائحة، بما يصل إلى 188 مليار ريال، مع الالتزام الكامل ببند المنافع الاجتماعية والإعانات ودعم التمويل. كل ذلك يجعلنا نستذكر أهمية ألا يكون الوطن رهينة أي تقلب في أي قطاع كان، وبأن تنويع الإيرادات مهم وحيوي لاستدامة الدولة، ونعمل على ذلك بجدية من خلال استثمارات صندوق الاستثمارات العامة، ودعم قطاعات جديدة مثل السياحة والرياضة والصناعة والزراعة والنقل والفضاء والتعدين وغيرها، بالإضافة إلى العمل مع القطاع الخاص".
ونوه ولي العهد ببرامج الرؤية المرتبطة بالقطاعات الخدمية الأساسية قائلاً " تطرقت رؤية 2030 إلى كافة القطاعات في الاقتصاد، لكنني أود أن أضرب مثالاً بقطاع الإسكان. لعقود طويلة واجه قطاع الإسكان في المملكة العربية السعودية تحديات، سببها الأساسي غياب التخطيط وضعف حوكمة العمل الحكومي، حيث إن الحكومة كانت تعمل بآليات تناسب ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولم يتم إعادة هيكلة الحكومة وإعادة هيكلة البيروقراطية الحكومية منذ ذلك الوقت، مما صعّب من تحقيق أي شيء رغم توفر الموارد والامكانيات. ولقد تراكمت هذه التحديات حتى أصبح تملك المسكن أحد أبرز المشاكل الاجتماعية في السعودية، وأحد الهواجس الرئيسية للمواطن السعودي خلال العقدين الماضيين. وعند البدء في إعداد برنامج شامل لإصلاح الاقتصاد، التزمنا بوضوح في رؤية 2030 بأننا سنسعى لرفع نسبة تملك المواطنين للمسكن 5% خلال 4 سنوات، وكانت النسبة حينها 47% تقريبا، ما يعني الوصول إلى 52% في 2020م، النسبة التي تعتبر جيدة دولياً. لكننا اليوم وصلنا إلى 60%، متجاوزين الهدف بـ 8%".
سنتجاوز مستهدف 2030
وأكد ولي العهد "ليس لدي أدنى شك - إن شاء الله - بأننا سنتجاوز مستهدف 2030 البالغ 62% في 2025مما يعني أننا سنتجاوز المستهدف في عام 2030. وسنكون أحد أعلى دول العالم في نسبة تملك المساكن. ناهيك عن أنه خلال العشرين سنة الماضية كانت قائمة انتظار المواطن للمسكن تصل إلى 15 سنة تقريباً واليوم أصبح الاستحقاق بشكل فوري. هذا مثال لقطاع واحد كان أحد أكثر القضايا تعقيداً في المملكة، وتحول إلى قصة نجاح غير مسبوقة وبحلول مبتكرة وتكاليف أقل وخدمات أفضل، ساهمت في خلق ما يقارب 40 ألف وظيفة مباشرة، وما يزيد عن 115 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي".
وتطرق إلى التطور الذي تم والانجازات التي تحققت في القطاع الرقمي وأوضح "حققت المملكة العربية السعودية المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى دول مجموعة العشرين في الثلاث سنوات الماضية، وقفزت 40 مركزاً في مؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات. وضعنا استثمارات تجاوزت 55 مليار ريال في البنية الرقمية للمملكة مما نتج عنها رفع مستوى متوسط سرعة الإنترنت حتى أصبحنا الدولة الأولى في سرعات الجيل الخامس، ومن ضمن الدول العشر الأولى عالمياً في سرعات الإنترنت المتنقل بعد ما كنا خارج قائمة أعلى 100 دولة. وضاعفنا عدد المنازل المرتبطة بشبكة الألياف الضوئية 3 مرات من مليون منزل إلى من 3.5 مليون منزل. هذا التحول الرقمي الفريد من نوعه عالمياً مكننا من استمرار العمل لأكثر من 94% من الجهات الحكومية والقطاع الخاص خلال فترة الجائحة، ورفع نسبة توطين الوظائف في القطاع إلى 50%."
صندوق الاستثمارات العامة
وأكد ولي العهد على مساهمة صندوق الاستثمارات العامة في تنمية الاقتصاد قائلاً "أصبح صندوق الاستثمارات العامة أحد المحركات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودي. استطعنا مضاعفة حجم صندوق الاستثمارات العامة من 560 مليار ريال الى ما يزيد عن 1.3 تريليون ريال تقريباً، وبخطى ثابتة نحو تحقيق هدف رؤية 2030 بأن تتجاوز أصول الصندوق 7 تريليونات ريال. ليس ذلك فحسب، فمنذ تأسيس الصندوق كان معدل العائد على الاستثمار لا يتجاوز 2% في أفضل الحالات. نحن اليوم في صندوق الاستثمارات العامة لا نحقق أقل من 7%. لدينا استثمارات تجاوزت عوائدها 70%، وأخرى تجاوزت 140%، هذا تغيير استثنائي يوفر للدولة مداخيل مستدامة لم تكن موجودة في السابق. فلولا عملية إصلاح صندوق الاستثمارات العامة والتي تمت بتوجيه من مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بإعادة تشكيل مجلس إدارته وتكليفي برئاسته لأهميته البالغة في حاضر ومستقبل اقتصاد المملكة، ووضع سياسات لضخ استثمارات ضخمة داخل المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية، لفقدنا أكثر من نصف النمو غير النفطي وغياب عدد كبير من الوظائف التي تم خلقها وانهيار في الطلب على العديد من الخدمات والمنتجات والمواد وإفلاس عدد كبير من الشركات، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط".
وأضاف "لنا أن نتخيل الاقتصاد السعودي بدون استثمارات الصندوق، حيث بلغت استثمارات الصندوق المحلية 78 مليار ريال في 2017، و79 مليار ريال في 2018، و58 مليار ريال في 2019، ونستهدف 96 مليار في عام 2020 بمجموع 311 مليار ريال خلال السنوات الأربعة الماضية، مما ساهم في خلق أكثر من 190 ألف وظيفة. مع التنويه أن الاستثمار المحلي للصندوق في تنمية وتطوير القطاعات لم يتجاوز 3 مليارات ريال سنوياً قبل 2017. وفي عامي 2021 و2022 سيضخ الصندوق ما يقارب 150 مليارا سنوياً في الاقتصاد السعودي وبازدياد سنوي حتى عام 2030. وسيتم توفير هذه السيولة من خلال تسييل وإعادة تدوير استثمارات الصندوق للدخول في فرص جديدة، وخلق دورة اقتصادية محلية تمكن بروز قطاعات جديدة، والمساهمة في توفير إيرادات جديدة للدولة".
وبينما أعرب عن تفاؤله بتسارع وتيرة النمو مع زوال جائحة كورونا، قال إن السعودية هي أحد أفضل 10 دول في الـ G20 بالتعامل مع تبعات كورونا.
وتابع: "السعودية حققت المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى الـ G20".
نتائج حملة مكافحة
وفيما يخص الحملة المستمرة للقضاء على الفساد في المملكة، ذكر ولي العهد "لقد انتشر الفساد في المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية مثل السرطان، وأصبح يستهلك 5% إلى 15% من ميزانية الدولة. ما يعني أداء 5% إلى 15% أسوا على أقل تقدير في مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف وما إلى ذلك. ليس فقط لسنة أو سنتين، ولكن تراكمياً على مدى ثلاثين سنة".
وقال "إنني بصدق أعتبر هذه الآفة العدو الأول للتنمية والازدهار وسبب ضياع العديد من الفرص الكبيرة في المملكة العربية السعودية. هذا الشيء أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسول له نفسه، كبيراً أو صغيراً. نتائج حملة مكافحة الفساد كانت واضحة للجميع، حيث بلغ مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في الثلاث سنوات الماضية تمثل 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية، بالإضافة إلى أصول أخرى بعشرات المليارات تم نقلها لوزارة المالية، وستسجل في الإيرادات عندما يتم تسييلها بما فيها من عقارات وأسهم".