قال تقرير نشرته صحيفة ”لوموند“ الفرنسية، اليوم الجمعة، إن اتفاقية التجارة الحرة، الموقعة بين الرباط وأنقرة العام 2004 أحدثت اختلالًا في التوازن التجاري للمغرب.
وجاء في التقرير:“الاتفاقية دمرت عشرات الآلاف من فرص العمل في المملكة المغربية.. الهجمة التجارية التركية تسببت بغضب متصاعد لدى المواطنين المغاربة“.
وأضاف التقرير:“الدعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسية التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 26 تشرين الأول/أكتوبر، أثارت سخط التجار الذين قالوا إنه تجب مقاطعة الأتراك“.
ونقل التقرير قول أحمد ياسر وهو بائع سراميكك في سوق بالدار البيضاء:“لأنهم (الأتراك) منذ وصولهم كانوا يبيعون بضائعهم بأسعار لا تقبل المنافسة، وضعنا بضاعتنا على الرف“.
وتابع التقرير:“تباع في جميع أنحاء السوق الملابس، والأثاث، والمواد الغذائية، والأدوات المنزلية، من أصل تركي بأسعار حطمت كل منافسة.. لمدة 10 سنوات أغرق المنتجون الأتراك السوق المغربية غالبًا على حساب المنتجين المحليين“.
وينقل التقرير عن رجل الأعمال السويسري رودولف بيدرو، صاحب مصنع غسيل وصباغة في الدار البيضاء قوله:“لقد كنا خائفين من الصينيين لفترة طويلة دون أن ندرك أن الخطر الحقيقي يأتي من مكان آخر، خاصة من تركيا“.
والأمر يحتاج فقط إلى جولة في شوارع العاصمة الاقتصادية لتقدير حجم هذه الظاهرة، حيث تنتشر في الأحياء السكنية العلامات التجارية التركية على نطاق واسع.
وافتتحت سلسلة محال السوبر ماركت الرخيصة BIM المملوكة للملياردير مصطفى لطيف توبباس، الصديق المقرب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، 531 متجرًا في المملكة منذ العام 2009، مع العلم أن افتتاح أي نقطة بيع لتلك العلامة يؤدي إلى إغلاق 60 نقطة بيع محلية، وفقًا لوزارة الصناعة المغربية.
ورغم التقارب بين حزب العدالة والتنمية التركي الذي يتزعمه الرئيس أردوغان، والحزب الإسلامي المغربي الذي يقود الحكومة، فإن هجوم أنقرة التجاري تسبب بتوتر العلاقات بين البلدين، بحسب التقرير.
ويشير التقرير إلى أنه ”في شباط/فبراير، ذهب وزير الصناعة المغربي مولاي حفيظ العلمي، إلى حد التهديد بتمزيق اتفاقية التجارة الحرة التي تربط البلدين منذ العام 2004، بحجة أن اختلال التوازن التجاري يهدد عشرات الآلاف من الوظائف في المغرب“.
ويؤكد التقرير أن النسيج الصناعي الذي يمثل 30 % من الوظائف الدائمة هو أول القطاعات المتضررة في المملكة المغربية، حيث فقد لوحده 44 ألف وظيفة في العام 2017.
وتأثرت قطاعات أخرى، ففي العام 2016 نقلت شركة التبغ ”فيليب موريس“ إنتاجها المغربي إلى مصنع إزمير في تركيا، كما تضررت صناعة الصلب بشكل كبير.
وأشار التقرير إلى أن“الصناعيين المغاربة رحبوا بالأتراك بأذرع مفتوحة عند توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الرباط وأنقرة، لكن بفضل المزايا التنافسية للمواد الأولية نجح المنتجون الأتراك بزيادة الصادرات إلى المغرب والنتيجة كانت تسجيل المملكة عجزًا تجاريًا مع تركيا قدره 18 مليار درهم (حوالي 1.7 مليار دولار)، فيما لا يتجاوز حجم الاستثمارات التركية في المغرب 1 %“.
وبعد أكثر من عام من المفاوضات المريرة توصلت الرباط إلى حل وسط بالتوقيع على تعديل لاتفاقية التجارة الحرة، ويتضمن فرض تعريفات محدد على منتجات معينة، واستبعاد أخرى من الاتفاق.
ويقول المستثمر السويسري رودولف بيدرو إن“المحصلة النهائية هي أن المغرب لم يعد يعرف كيف ينتج، وأنه أصبح معتمدًا على الواردات“.
وأضاف:“لكي تصبح قادرًا على المنافسة مرة أخرى، وجذب المستثمرين، من الضروري قبل كل شيء إعادة إنشاء النسيج الصناعي، وهذا تحدٍ في زمن الأزمة الصحية المرتبطة بكورونا.. تحاول الحكومة الدفاع بكل ما أوتيت من جهد عن الصناعات المحلية“.