الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - اخبار اليمن و الخليج - بين الحوثي وانقطاع الرواتب والسرطان.. حكايا مريضات بين اليأس والأمل

بين الحوثي وانقطاع الرواتب والسرطان.. حكايا مريضات بين اليأس والأمل

الساعة 08:54 مساءً (Ann)

 

 

 

 

 

يدفع المواطنون في اليمن فاتورةً اقتصاديّة وإنسانيّة باهظة الثمن، مع استمرار تصاعد حدة الصراع الدامي الذي يعصف بالبلاد منذ أكثر من ست سنوات، ففي العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، يعاني السكان تدهوراً مستمراً في معيشتهم، وبات أغلبهم تحت خط الفقر، وتفاقمت الأوضاع المعيشيّة للمواطنين، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين مع انقطاع الرواتب، وتوقف كثيرٍ من شركات القطاع الخاص، وارتفاع نسبة البطالة وفقدان مئات الآلاف لوظائفهم، حيث بات الكثير يعاني حتى من دفع فاتورة العلاج. 

 

"نيوزيمن" التقى أم عبدالكريم من محافظة صنعاء -مديرية بني حشيش- ربة البيت التي تأرجحت مشاعرها بين اليأس والأمل بالشفاء وبين الخوف والاطمئنان للعلاج الكيمياوي في المركز الوطني لعلاج الأورام، بالمستشفى الجمهوري بالعاصمة صنعاء.

 

تقول، "بعد أن تعافيت من العملية الجراحية عن ورم تم تشخيصه على أنه "كيس دهني"، صارت إصابتي بمرض السرطان حقيقة واضحة لا تقبل الشك وأصبح لزاما علي ان أقوم بعمل جلسات "العلاج الكيمياوي" وأتحمل آثاره، وكان تساقط شعري الكثيف هي الصدمة الثانية التي تواجهني بعد إخباري بمرض السرطان، ورغم أني غير متأكدة من شفائي إلا أني متأكدة أن الله لا يتخلى عني وعن أطفالي الذي أعيش من أجلهم". 

 

وتضيف "لا أنكر يوماً أني سئمت الحياة ولم أعد أرى بها غير أولادي، لكن تبقى بداخلي روح متمردة تجعلني أتمسك بالحياة وتمنحني القوة كلما تذكرت أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه". 

 

التمسك بالحياة

 

معاناة أخرى ترويها "صفاء" (28 عاماً) موظفة غير متزوجة، تقول لـ(نيوزيمن) إنها خضعت لعملية استئصال الثدي والعلاج الكيمياوي بثماني جرعات. وبرغم انقطاع الرواتب تصر صفاء على الاستمرار في دوامها كونه نوعاً من التخفيف لـ"ضيق النفس" الذي تعانيه جراء المرض الخبيث، وقالت: "الحمد لله على كل حال، هذا قدري، ولكني متمسكة بالأمل والحياة". وتضيف: "تخيل أنا أطلب إجازة مدة يومين فقط يوم ذهابي للمستشفى من أجل جرعة الكيمياوي واليوم الذي بعده ثم أعود للعمل مرة ثانية، فالعمل والزملاء والخرجة من جو المنزل ونظرة الشفقة تشعرني بنوع من الاطمئنان".

 

ولا تزال صفاء متمسكة بالأمل والحياة رغم كل ما يحيط بها من ظروف صعبة، مؤكدة أنها ستفعل كل ما بوسعها وتعيش حياتها رغم الألم، ولن تستسلم، وبلغة ساخرة قالت "نشتي نوصل رسالة للحاكم الجدد -في إشارة للحوثيين- أن السرطان بكله ما هزمناش، كيف بيهزمونا هم؟!".

 

فحوصات لا قيمة لها

 

"أم سليم" (44 عاماً) - ربة بيت، أن لثلاثة أبناء تقول لـ(نيوزيمن): "زوجي كان يعمل مهندسا في إحدى الشركات المرموقة، وكان يتقاضى راتباً كبيراً، بدأنا نجمع منه ما تيسر حتى نشتري منزلا خاصا بنا، ونتمكن من تدريس أولادنا في أفضل المدارس والجامعات لضمان مستقبل علمي وعملي جيد لهم، عندما انتابتني الآلام المبرحة في ظهري وبعد عدة مراجعات اكتشف الأطباء وجود ورم صغير في (الضلع من الخلف) أجريت عملية جراحية لرفعه ولم يشخص الورم خبيث او حميد وبعد فترة ظهر الورم في ركبتي وساقي وأجريت عملية ثانية وبدون تشخيص الورم ولهذا لم اقرر العلاج الكيمياوي من البداية".

 

تضيف أم سليم: "عندما عاودتني الآلام سافرت في 2015 إلى الهند مع زوجي وأظهر الفحص وجود الورم الخبيث أصلا في الرحم وقد انتقل إلى الأضلاع والساق. وكان الفحوصات التي اخذتها في اليمن وفي أرقى المختبرات لا قيمة لها. وقرر الأطباء استئصال الرحم وعنقه والمبايض وجزء من القولون وخضعت إلى جرعة كيمياوي واحدة في الهند، وأكملت الباقي في صنعاء، لتكاليفه الباهظة التي تصل إلى أضعاف سعره في اليمن".

 

وتسترسل "أم سليم" في كشف معاناتها وتقول: "مررت بجميع الصدمات ومراحل الخوف والكآبة والقلق والألم وتعافيت تماما وظهر شعري مجددا وتحسنت صحتي لكني لم اخضع للعلاج بالأشعة، فعاودني الالم وكشفت التحاليل الجديدة عن ظهوره مجددا، وها أنا اخوض جولة جديدة ومختلفة هذه المرة للعلاج الكيمياوي اقسى من الاولى بثماني عشرة جرعة، وانتظر رحمة ربي بالشفاء او الموت فهو ارحم من الكيمياوي".

 

وتضيف "صرفنا ما جمعناه من المال خلال سنوات، وتدهورت حالتنا فعلاً بسبب انتهاء عمل زوجي وتوقف الشركة التي كان يعمل فيها عن العمل، ومغادرتها اليمن منذ انقلاب الحوثيين، وازدادت الحالة سوءًا، هذا التضييق الذي ينتهجه الحوثي تجاه الشعب ونهبه للمرتبات ومقاسمته للناس حتى في "حقهم الإيجارات".

 

ويفيد نيوزيمن أحد أخصائيي الأورام والعلاج الكيمياوي، في المركز الوطني لعلاج الأورام بالمستشفى الجمهوري العام قائلاً: إن سرطان الثدي هو تسلسل رقم واحد بعدد الإصابات ويأتي بعده سرطان المثانة الذي يصيب الرجال والنساء ثم يليه سرطان الرحم والمبيض عند النساء يليه القولون والرئة والبروستات والانسجة الرخوة والغدد اللمفاوية والدماغ وغيرها، وفي ظل ما يعانيه القطاع الصحي في اليمن من دمار وما تتعرض له المساعدات الطبية من نهب وبيع في الأسواق، أصبح مريض السرطان يتجشم معاناة كبيرة، مثل السفر من محافظات بعيدة كون مركز "المستشفى الجمهوري" أصبح واحداً من بين المراكز القليلة التي ما زالت تعمل وتقدم خدماتها للمواطنين.

 

بالإضافة إلى تحمل المرضى قيمة العلاجات الخاصة والتي تضاعفت أسعارها عشر مرات عما كانت عليه سابقاً وأيضاً انعدام بعض الأصناف الأصلية، وفي ظل الوضع الاقتصادي السيئ يقوم بعض المرضى بمحاولات اقتصاد لاستخدام العلاج (عدم شراء بعض الأصناف) انعكس ذلك سلباً على تماثلهم للشفاء وأطال مدة مرضهم وجلسات العلاج الكيمياوي.