في عالم يصدع بضجيج كورونا، كانت أسواق المال في كوريا الجنوبية على موعد لطرح أولي أثار الكثير من الضجيج هو الأخر فالطرح الذي جرى في وقت سابق من الشهر الجاري كان لشركة موسيقية ينضوي تحت لوائها أحد أشهر الفرق الموسيقية بالبلاد وهي فرقة BTS الشهيرة في عالم موسيقى البوب في البلد الآسيوي.
وكانت الأمور تسير على ما يرام بالنسبة إلى الوافد الجديد لسوق المال في أحد أكبر البورصات الآسيوية والذي تم إدراجه من خلال شركة Big Hit Entertainment إذ شهد الاكتتاب إقبالا قياسيا من المستثمرين الأفراد والمؤسسات المحلية والأجنبية فيما بدا في بادئ الأمر أنها مقطوعة موسيقية تمضي بسلاسة ولين ويسر.
إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فبعد أيام قليلة من الإدراج بدأ المستثمرون يشعرون بالندم حيال قرارهم بالاستثمار في أسهم الشركة والتي شهدت تراجعات عنيفة مع موجة بيع من قبل المساهمين، بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وفي نهاية أولى جلسات تداول السهم في بورصة سول كانت أسهم الشركة تحلق في عنان السماء قبل أن تبدأ رحلة هبوطها ففي اليومين التاليين من الإدراج باعت المؤسسات الأجنبية نحو 50٪ من حصتها في أسهم الشركة وبنهاية الأسبوع الأول من التداول باع المساهم الرئيسي في الشركة نحو 4.5٪ من الأسهم فيما ترك المستثمرين الأفراد حبيسين في سهم الشركة المنهار.
طرح أولي على حافة الأزمة
قبيل الطرح الأولي كانت هناك سمة إشارات على أن معنويات المستثمرين لا تتوافق مع طبيعة الواقع الاقتصادي على الأرض في خضم جائحة كورونا، فجيش من محبي فرقة BTS الشهيرة وملايين من المستثمرين الأفراد كانوا يتسابقون فيما بينهم للمشاركة في الطرح.
وجرى تخصيص الأسهم من خلال عمليات سحب تشبه اليانصيب إذ كان يتعين على من يرغب في المشاركة بالاكتتاب تخصيص وديعة بقيمة 100 ألف دولار للحصول على الأسهم من خلال شركات السمسرة التي جمعت ما يربو إلى 50 مليار دولار من مخصصات الاكتتاب وهو الأمر الذي أثار حفيظة المركزي الكوري وجعله يتابع عن كثب ما يحدث في عملية الاكتتاب.
لم يكن المستثمرون الأفراد وحدهم في ذلك الأمر، فمؤسسات استثمارية بارزة على غرار BlackRock و GIC كانت من بين نحو 1400 صندوق استثماري سعت للحصول على الأسهم في الطرح العام الأولي المثير للجدل فيما بدا أنها ثقة منقطعة النظير في الوافد الجديد لسوق المال.
وعندما بدأ التداول على أسهم الشركة تضاعف سهم السهم من سعر الطرح الأولي البالغ نحو 135 ألف وون كوري إلى 270 ألف وون قبل أن يتسبب المستثمرون الأفراد الذين فاتهم تخصيص الأسهم في موجة صعود أخرى للسهم بنسبة 30٪.
وبعد ساعات قليلة بدأ السهم رحلة التراجع ليتداول حاليا عند مستويات 156 ألف وون ما يوازي 138 دولاراً.
لماذا BTS؟
وقد يتبادر إلى الذهن بعض التساؤلات تتعلق بالسبب وراء هذا الإقبال الكثيف على الطرح العام الأولي للفرقة الموسيقية الكورية.
وتكمن الإجابة في العوائد الجبارة التي تجلبها موسيقى البوب الكورية وبالتحديد فرقة BTS الشهيرة التي نجحت في جني ملايين الدولارات في وقت كان فيه أحد أكبر الاقتصادات في القارة الآسيوية يئن من تبعات جائحة كورونا.
ففي شهر أغسطس الماضي وبينما كانت صادرات كوريا من السيارات والبتروكيماويات تتراجع بشدة نجحت أغنية واحدة أطلقتها الفرقة في جمع نحو 1.5 مليار دولار مع انتشار منقطع النظير على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعد إلغاء الجولات العالمية للفرقة، كان الإنترنت حاضرا بقوة في مسرح عملياتها إذ نظمت الفرقة حفلتين شاهدهما نحو 7 ملايين شخص مع مبيعات قياسية للبضائع المرتبطة بالحفلتين تعادل ضعف المتوقع تحقيقه من تنظيم الحفلات على أرض الواقع.
مخاوف من المستقبل
ويفسر البعض الهبوط العنيف لأسهم الشركة المسيرة للفرقة الموسيقية بمستقبلها الذي يعتبره البعض على المحك فنحو 97٪ من إيرادات الشركة العام الماضي جاء بالأساس من الفرقة المكونة من سبعة أفراد.
وخلال العامين المقبلين ستفقد الفرقة عضوية بارزين بها مع استعدادهما لتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية وهو الأمر الذي ينتظر أن يؤثر بشدة على أعمال الفرقة قياسا على نماذج سابقة لفرق موسيقية كورية عانت بشدة من هذا الأمر.
ويشير تقرير الصحيفة البريطانية إلى مقترح تناقشه الحكومة الكورية لتأجيل الخدمة العسكرية لنجوم البوب في كوريا الجنوبية وهو الأمر الذي قد يمثل حبل الإنقاذ الأخير لأعمال الشركة الموسيقية المسيرة لفرقة BTS.