يواصل الريال اليمني، وبشكل متسارع تراجعا كبيرا في قيمته المصرفية أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي تسبب بإرباك السوق المحلية، من خلال ارتفاع أسعار السلع التجارية وتحديدا الغذائية منها والدوائية، لينعكس ذلك سلبا على كاهل اليمنيين.
وقد تجاوز سعر صرف الريال السعودي 210 ريالات يمنية، بينما تخطى سعر صرف الدولار الأمريكي، حاجز الـ800 ريال يمني، وهذه الأسعار ليست ثابتة، إذ تزداد يوما عن آخر، وقد تزداد في بعض الأوقات من ساعة إلى أخرى.
ويقول، الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة عدن مساعد القطيبي: ”إن الحديث عن أسباب تدهور أسعار الصرف في اليمن، يقودنا إلى تتبع مراحل ذلك التدهور، ولا شك أن التداعيات السلبية للحرب التي تشهدها اليمن منذ 2015، كانت العامل الأبرز لتدهور أسعار صرف العملة المحلية“.
ويضيف القطيبي، في حديثه لـ“إرم نيوز“: ”وبالرغم من ذلك فليس من الإنصاف أن نختزل أسباب تدهور أسعار صرف العملة المحلية في الحرب وتداعياتها، فالدور الحكومي لم يكن عند المستوى من المسؤولية للتعامل مع جميع المشكلات الاقتصادية“.
وحول ما إذا كان سيستمر سعر صرف الريال اليمني في تدهوره، يشير القطيبي إلى أن ”مؤشرات أسعار الصرف للعملة المحلية تتجه نحو مزيد من التدهور، على الأقل في القريب العاجل، ولا يوجد ثمة ما يبشر بتحسنها خصوصا في ظل نفاد الوديعة السعودية من البنك المركزي، والتي ساهمت خلال الفترة الماضية بشكل نسبي في الحد من حالة التدهور في أسعار الصرف للعملة المحلية“.
وعن المتحكم بأسعار الصرف في السوق المحلية، يقول القطيبي: ”هناك أطراف عديدة تتحكم باتجاهات أسعار صرف العملة المحلية، وليست الحكومة وحدها من تتحكم باتجاهات أسعار الصرف، ولا الحكومة أيضا بريئة مما يجري من تدهور لأسعار الصرف“.
ويتابع: ”ما أود التأكيد عليه هنا، أن هناك قوى نفوذ سياسية هي من تلعب الدور الأكبر في تحديد اتجاهات أسعار الصرف في اليمن، وهذه القوى ذات مصالح مشتركة مع مختلف أطراف الصراع في اليمن، بما فيها الميليشيات الانقلابية“.
وتشهد القيمة المصرفية، في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية، تفاوتا كبيرا أمام التسعيرة المصرفية للريال اليمني في مناطق الحكومة المصرفية، إذ يبلغ سعر صرف الريال السعودي في مناطق الحوثيين 160 ريالا يمنيا، بفارق يصل إلى حوالي 50 ريالا، مقارنة مع سعره في المناطق الحكومية، في حين يصل سعر الدولار الأمريكي إلى 600 ريال يمني، بفارق يصل إلى 200 ريال، مقارنة مع قيمته في مناطق سيطرة الحكومة.
بخصوص ذلك، يرى مساعد القطيبي، أن السبب يرجع إلى: ”الإجراءات المتخذة من قبل الميليشيات الحوثية، والمتمثلة بمنع تداول العملة المحلية ذات الطبعات الجديدة في مناطق سيطرتهم، فضلا عن الإجراءات التي اتخذتها تلك المليشيات خلال الأيام الماضية والتي قضت بمنع إجراء أي تحويلات مالية تزيد عن مئة ألف ريال يمني، من مناطق سيطرتهم إلى المناطق المحررة، وكذا منع مصارفة الدولار للمبالغ التي تزيد عن ألفي دولار، وغيرها من الإجراءات“.
من جانبه، يرى الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية محمد الجماعي أن ”عدة أسباب أدت إلى تدهور العملة المحلية، هو أن اليمن لا تمتلك رصيدا من العملة الصعبة، بسبب عدم وجود صادرات للنفط والغاز وإغلاق الموانئ والتجارة الخارجية، بل على العكس تحتاج الى الدولارات لتشتري من الخارج، وهذا ينعكس على حجم الطلب الكبير مقابل المعروض المختبئ“.
وأضاف، الجماعي في حديثه لـ“إرم نيوز“ أن ”أهم الأسباب التي أدت الى ارتفاع أسعار الصرف في الآونة الأخيرة ،هو تلاعب الميليشيات الحوثية، بأسعار الصرف في أسواق الحكومة والمناطق المحررة، وذلك من خلال الهجمة التي استبقت بها خطوات الحكومة وقامت بإلغاء العمل القديمة“.
ووضع الجماعي، جانبا من الحلول العاجلة، والتي بحسب وجهة نظره ستساعد في رفع قيمة الريال، حيث قال: ”من وجهة نظري المتواضعة هو أنه يجب على البنك المركزي اتخاذ قرار بإلغاء العملة القديمة، فقد حان الوقت لإلغاء العملة القديمة، كونها أصبحت تشكل عائقا، وتشكل فائضا يزاحم السيولة بالعملة الجديدة، وإذا ما ألغيت فسوف تعود للريال قيمته، على الأقل بنسبة 40%“.