الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - اقتصاد - هل يعدل العجز الضخم لموازنات دول الخليج بوصلة أسعار النفط

هل يعدل العجز الضخم لموازنات دول الخليج بوصلة أسعار النفط

الساعة 12:05 صباحاً (ann)

تتزايد حاجة دول الخليج، التي تعتمد في اقتصاداتها إلى حد كبير على تجارة النفط الخام، إلى التعامل مع عجوزات ضخمة في موازناتها لسنوات قادمة، جراء الانخفاض الحاد في الأسعار وتراجع الطلب العالمي على الخام.

ويرى محللون أن حكومات المنطقة بإمكانها معالجة الاختلالات المالية في موازناتها في حال استغلت الفرص على أكمل أوجه مع الاستمرار في الضغط للالتزام بخفض الإنتاج المتفق عليها بين منظمة أوبك ومنتجين من خارجها.

وفعليا تريد دول الخليج أن يكون سعر برميل النفط بين 50 دولارا في الحد الأدنى بالنسبة للكويت وأكثر من 80 دولارا بالنسبة للسعودية والبحرين، للوصول إلى نقطة التوازن في موازناتها، وبدرجة أقل كل من الإمارات وسلطنة عمان وقطر.

وتشير تقديرات سابقة لصندوق النقد الدولي إلى أن سعر 60 دولارا لبرميل النفط هو متوسط السعر الذي يمثل نقطة التعادل، أي التساوي بين الإيرادات والمصروفات لموازنات دول الخليج.

ويجري تداول خام برنت قرب أعلى مستوى في خمسة أشهر تقريبا عند ما يزيد عن 45 دولارا للبرميل وزاد سعره إلى مثلي مستواه منذ بلغ أدنى مستوى في 21 عاما دون 16 دولارا للبرميل في أبريل، بمساعدة من اتفاق أوبك+.

ومع احتياج العديد من أعضاء تحالف أوبك+ إلى إيرادات نفط مرتفعة لضبط موازناتهم، يريدون أيضا تجنب السماح لأسعار النفط بالزيادة كثيرا عن مستوى خمسين دولارا للبرميل كون ذلك سيشجع على عودة إنتاج النفط الصخري الأميركي للزيادة.

وبالنظر إلى دولة مثل روسيا أحد أعضاء تحالف أوبك+، فإنها لا تحتاج إلى أكثر من 43 دولارا للبرميل حتى يبقيها بعيدة نوعا ما عن أي اختناق لاقتصادها.

وهذا يعني أن بقاء الأسعار في مستواها الحالي لما تبقى من هذا العام، وربما العام القادم وهو المرجح، بسبب تسارع وتيرة تفشي وباء كوفيد – 19، وإن كان مرتفعا قياسا إلى مستوى غير مسبوق في 21 عاما وصلته في أبريل الماضي، لن يوقف النزيف في موازنات دول الخليج.

ودفعت العجوزات الناجمة عن تراجع إيرادات النفط، دول الخليج، إلى التوجه بشكل غير مسبوق، للاستدانة من الأسواق الدولية والمحلية على حد سواء، وكذلك السحب غير المسبوق أيضا من الاحتياطيات العامة.

وبلغ إجمالي العجز في موازنات دول مجلس التعاون الخليجي الست 180 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي، تستأثر السعودية بأكثر من نصفها أي نحو 55 بالمئة، وفق تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية صدر في الشهر الماضي يوليو.

وتوقع خبراء ستاندرد آند بورز في تقريرهم أيضا ارتفاع العجز التراكمي في موازنات دول الخليج إلى نصف تريليون دولار بحلول العام 2023، وهذا قد يجعل حكومات المنطقة في وضع معقد مع الضبابية التي ترافق مستقبل الاقتصاد العالمي بسبب الوباء والتوترات الجيوسياسية.

ووفقا لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، فإن العجوزات تفاوتت من دولة إلى أخرى بالمنطقة في النصف الأول، وتراوحت بين 15 و25 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، باستثناء قطر التي حافظت على عجز بنحو 8 بالمئة.

وتمت تغطية عجز دول الخليج في النصف الأول باقتراض قرابة مئة مليار دولار، منها حوالي 60.3 مليار دولار على شكل سندات بارتفاع 10 مليارات دولار عن العام الماضي، فيما تمت تغطية الجزء المتبقي والبالغ 80 مليار دولار بالسحب من الاحتياطيات العامة.

وأجبر تدهور أسعار النفط دول الخليج على اتخاذ إجراءات غير مسبوقة شملت تقليص دعم الوقود وفرض ضرائب جديدة غير مباشرة، وكذلك، تم إرجاء مشاريع اقتصادية كبيرة.

وبلغ العجز في موازنة السعودية في الربع الثاني من العام الحالي 29.12 مليار دولار، مرتفعا من حوالي 9 مليارات دولار في الربع الأول، بحسب بيانات وزارة المالية.

ورغم أن الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الخليج، وبدأت عام 2020 بإطلاق أكبر موازنة اتحادية بمقدار 16.6 مليار دولار بعجز صفر، إلا جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية تتجه بالبلاد إلى تسجيل أسوأ عام في تاريخها.

ولكن أكثر دولة خليجية متضررة من أزمة النفط هي الكويت، فقد وصل الأمر إلى إعلان الحكومة أنها عاجزة عن توفير رواتب موظفي الدولة.

وتوقع صندوق النقد الدولي، في أحدث تقاريره حول آفاق الاقتصاد العالمي في يونيو الماضي، انكماش الاقتصاد في منطقة الخليج بنسبة 7.6 بالمئة بنهاية العام، ولذلك هناك محاولات حثيثة للتأثير على المنتجين في تحالف أوبك+ مع انتظار فرصة قد تقلب التوقعات رأسا على عقب.

ويربط محللون ضغوط تحالف أوبك+ على أعضائها للالتزام بسياسة خفض الإنتاج المتبعة منذ قرابة عامين بالمشاكل التي تعاني منها بعض الدولة وهي تسعى جاهدة لتحفيز الأسعار على الصعود مرة أخرى.

ولكن قد يحتاج ذلك الأمر وقتا أطول بالنظر إلى ركود الاقتصاد العالمي وتباطؤ الطلب على النفط والخام بسبب تضرر الكثير من القطاعات حول العالم بآفة كورونا.

كما أن المتغيرات الجيواستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط تبدو حجر عثرة أمام تعافي سوق النفط المتخمة بالمعروض، ما يعني أن السيناريوهات أمام المنتجين مفتوحة على كافة الاحتمالات.

وفي ذروة الجائحة خلال مارس وأبريل الماضيين، شنت السعودية حرب أسعار على منتجين من خارج منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) على رأسها روسيا المنافس الرئيسي للرياض في سوق الطاقة العالمي.

وهدفت الحرب إلى الدفع بموسكو لاتفاق على تخفيضات في الإنتاج لإعادة التوازن إلى أسواق الطاقة، التي تراجع الطلب فيها بأكثر من 15 بالمئة، الأمر الذي ألحق ضررا بالغا في اقتصاديات المنتجين.


لكن، وبإجماع تقارير وأرقام محلية ودولية، بما في ذلك تقارير وزارات المال في دول الخليج نفسها، تظهر أن السعودية وحلفاءها، وباقي دول الخليج وحتى منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة، كانوا الأكثر تضررا من هذه الحرب.

واجتمع التحالف الأربعاء الماضي لاستعراض مدى الالتزام دون إجراء أي تعديل على مستويات خفض إنتاج النفط. ومن المقرر أن يزيد مقدار الخفض في الشهرين الجاري والمقبل بسبب تعويض العراق ونيجيريا وأنغولا وكازاخستان عن الإنتاج الزائد في الفترة من مايو إلى يوليو الماضيين.

وقال وزير النفط السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان إنه “استنادا إلى متوسط توقعات من مؤسسات مختلفة، بما في ذلك أوبك وإدارة معلومات الطاقة ووكالة الطاقة الدولية، تشير التقديرات إلى أن العالم سيصل إلى حوالي 97 بالمئة من طلب النفط في فترة ما قبل الجائحة خلال الربع الرابع، وهي زيادة كبيرة بعد الانخفاضات الهائلة في أبريل ومايو”.

وسبق وأن خففت أوبك+ تخفيضات الإنتاج إلى 7.7 مليون برميل يوميا من مستوى مرتفع غير مسبوق بلغ 9.7 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل 10 بالمئة من الإمدادات العالمية بين مايو ويوليو، من أجل إحداث توازن بين العرض والطلب المتهاوي.

وتنتج أوبك وحدها في العادة ما يزيد كثيرا عن 30 مليون برميل يوميا من النفط منذ عقود، إلا أنه بعد تخفيضات العام الحالي، بلغ إنتاجها ما بين 20 مليون و22 مليون برميل يوميا.