2025/11/21
ترامب: الشراكة مع السعودية ضرورة استراتيجية للأمن القومي

 

أسفرت قمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر 2025 عن أضخم حزمة تعاون ثنائي منذ ثمانينيات القرن الماضي، شملت اتفاق دفاع ملزماً، وتصنيف السعودية حليفاً رئيسياً من خارج الناتو، والموافقة على بيع مقاتلات F-35.

 

إضافة إلى اتفاقيات في المعادن الحرِجة، والتقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، إلى جانب تعهّد سعودي باستثمار يصل إلى تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي في السنوات المقبلة.

 

ومع هذا الزخم الاستثنائي، تعززت رؤية ترامب الأساسية بأن الشراكة مع السعودية تعزز مباشرة الأمن القومي الأميركي، خاصة في ضوء البيئة الاستراتيجية لعام 2025، وما كشفته مواقف الخبراء والمحللين.

 

وفي إطار تقييم العلاقة الأمنية، أكد برادلي بومان، المدير الأول في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، أن "السعودية شريك أمني أميركي هام، وزيادة التعاون الدفاعي مع الرياض يمكن أن تخدم المصالح الأميركية، وتدعم بناء هيكل أمني إقليمي يردع ويهزم العدوان بشكل أكثر فعالية".

 

في السياق ذاته، ذكر تقرير صادر عن مركز صوفان حول زيارة ولي العهد إلى واشنطن "أنتجت اتفاقيات تحمل فوائد استراتيجية واقتصادية متبادلة، ويمكن أن تساعد في ردع والدفاع عن مجموعة واسعة من التهديدات التي لا تزال تواجه المنطقة".

 

التقرير يشير أيضاً إلى أن الاهتمام السعودي بالأمن في المنطقة يجعل الاتفاق الدفاعي الجديد وصفقة F-35 "ترسخان مكانة السعودية كواحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة".

 

ورغم أن الاتفاقيات الجديدة ركّزت على التكنولوجيا والمعادن، فإن منطق "النفط مقابل الأمن" لم يتغير. ويشير تقرير مركز صوفان في نيويورك إلى أن القادة السعوديين ما زالوا يستشهدون بالهجمات التي تعرضت لها مصافي النفط في السعودية باعتبارها الدافع الرئيسي للمطالبة بضمان دفاعي أميركي ملزم، لافتاً إلى أن المظلة الأمنية الأميركية تجعل الرياض تحافظ على توازن سوق النفط دون خشية من التعطيل.

 

إلى ذلك، اعتبرت جنيفر غوردون، مديرة مبادرة سياسات الطاقة النووية في المجلس الأطلسي، أن الاتفاقيات الجديدة في المعادن والنووي المدني تمثل "نهجاً أكثر براغماتية مع التركيز على التقنيات ذات الآثار القوية على الأمن القومي".

 

اقتصادياً وتكنولوجياً، يوضح مركز صوفان أن تعهد ولي العهد باستثمار يصل إلى تريليون دولار داخل أميركا "سيرسخ الاقتصادين الأميركي والسعودي، ويساعد في تقليل اعتماد المملكة على مبيعات المواد الهيدروكربونية"، ويعطي أولوية للشركات الأميركية في قطاعات الذكاء الاصطناعي والمعادن وأشباه الموصلات، وهو ما يعزز موقع الولايات المتحدة في منافسة الصين.

 

وفي ملف الطاقة النووية وسلاسل التوريد، أكد وزير الطاقة الأميركي كريس رايت أن "هناك طرقاً كثيرة لصياغة صفقة تحقق الأهداف السعودية والأميركية معاً" في مجال التعاون النووي المدني، وتوريد اليورانيوم، بما يحد من الاعتماد المتزايد على روسيا والصين في سلاسل الوقود النووي.

 

كما يصف الباحثان دانيال إي. موتون وغرايسيلين باسكاران من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، الاتفاق المعدني الجديد بأنه يمهد لـ"حقبة جديدة من التعاون الأميركي–السعودي في المعادن" من شأنها إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية بطريقة تمنح الولايات المتحدة أفضلية استراتيجية في الصناعات المستقبلية.

 

وتجمع التقديرات الصادرة عن أبرز مراكز التفكير الأميركية — FDD، المجلس الأطلسي، CSIS، ومركز صوفان — على أن الشراكة مع السعودية تُعد اليوم أحد الأصول الأساسية في استراتيجية الردع الأميركية في المنطقة، والحفاظ على استقرار أسواق الطاقة، وحماية سلاسل التوريد التكنولوجية الحرجة، وضمان تدفقات استثمارية واسعة في الاقتصاد الأميركي.

 

وعند جمع هذه القراءات، تتضح حقيقة أن التعليقات الخبيرة المحيطة بقمة نوفمبر 2025 تؤكد بشكل شبه جماعي صحة رؤية الرئيس ترامب، فالسعودية تبقى الشريك العربي الذي لا يمكن للولايات المتحدة الاستغناء عنه، والاتفاقيات الجديدة تمثل ترقية حقيقية للعلاقة التاريخية.

 

إذ توفر مستوى أعلى من الردع ضد الأنظمة المزعزعة للاستقرار، وتعزز أمن الطاقة والمعادن، وتفتح المجال أمام عوائد اقتصادية غير مسبوقة، وتقلّص المخاطر التي كان من شأنها أن تقود إلى حرب إقليمية كبرى تستدعي تدخلاً أميركياً مباشراً، وبهذه المعطيات، تبدو الشراكة الأميركية–السعودية في 2025 أكثر رسوخاً وتأثيراً في منظومة الأمن القومي الأميركي مما كانت عليه في أي وقت مضى.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://arabnn.news - رابط الخبر: https://arabnn.news/news78362.html