2025/11/07
أكبر دولة "حبيسة " في العالم.. ماذا نعرف عن كازاخستان؟

 

أعلنت كازاخستان، مساء أمس الخميس، انضمامها إلى اتفاقات إبراهيم، في خطوة مفاجئة أعادت تسليط الضوء على دور دول آسيا الوسطى في توازنات السياسة الدولية، بين النفوذ الروسي والتوسع الصيني والحضور الأميركي المتجدد.

 

"التوازن المتعدد"

وقالت الحكومة الكازاخستانية في بيان رسمي إن الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية "يمثل امتداداً طبيعياً لنهج السياسة الخارجية القائم على الحوار والاحترام المتبادل".

 

 

وتتبنّى أستانا منذ استقلالها عام 1991 سياسة خارجية تُعرف بـ"التوازن المتعدد"، تسعى من خلالها إلى بناء علاقات متوازنة مع جميع القوى الكبرى، من دون انحياز كامل لأي محور.

 

ويرى مراقبون أن الخطوة تأتي ضمن مساعٍ كازاخستانية لتأكيد استقلال قرارها الدبلوماسي، في ظل بيئة إقليمية معقدة يتقاطع فيها النفوذ الروسي والصيني والأميركي، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا التي دفعت دول آسيا الوسطى إلى تنويع تحالفاتها الاقتصادية والسياسية.

 

موقع استراتيجي بين ثلاث قوى

وتُعدّ كازاخستان أكبر دولة حبيسة في العالم من حيث المساحة (2.7 مليون كيلومتر مربع)، وتُشكّل بوابة طبيعية بين أوروبا وآسيا.

 

كما تشارك روسيا أطول حدود برية، وتُعدّ بالنسبة لموسكو شريكاً استراتيجياً في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة الأمن الجماعي.

 

في المقابل، تُعد الصين الشريك التجاري الأول، إذ تضخ استثمارات بمليارات الدولارات في مشروعات البنية التحتية والنقل والطاقة ضمن مبادرة "الحزام والطريق".

 

لكن تلك الشراكة الاقتصادية الواسعة أثارت مخاوف داخلية من تزايد النفوذ الصيني، ما جعل القيادة الكازاخستانية تميل إلى فتح قنوات أوسع مع الغرب لتجنّب الارتهان لطرف واحد.

 

 

"اتفاقات إبراهيم".. ما الذي تعنيه لكازاخستان؟

هذا ويعد انضمام كازاخستان، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة تربطها علاقات رسمية مع إسرائيل منذ التسعينيات، إلى "اتفاقات إبراهيم" التي أطلقت عام 2020 بوساطة أميركية، توسيعاً غير مسبوق لمظلة الاتفاقات إلى آسيا الوسطى.

 

كما قد تمهد الخطوة لتعاون اقتصادي وتقني في مجالات الطاقة المتجددة، والزراعة المتقدمة، وتحلية المياه، وهي قطاعات حيوية بالنسبة لكازاخستان التي تسعى إلى تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على صادرات النفط والغاز، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"

 

من جانبه، رأى الخبير في شؤون آسيا الوسطى نزار كاريباييف، في تصريحات نقلتها قناة "فرانس 24"، أن الانضمام إلى الاتفاقات "يُوجّه رسالة مزدوجة: إلى الغرب بأن أستانا شريك موثوق، وإلى موسكو وبكين بأنها دولة مستقلة القرار قادرة على رسم مسارها الخاص".

 

بين واشنطن وموسكو... من يستفيد؟

أما من الناحية الجيوسياسية، فينظر إلى الخطوة الكازاخستانية كجزء من محاولة أميركية لاستعادة النفوذ في آسيا الوسطى بعد سنوات من التراجع. وبحسب المراقبين، فالولايات المتحدة، التي قلّصت وجودها العسكري في أفغانستان عام 2021، تسعى اليوم إلى العودة إلى المنطقة عبر بوابة الدبلوماسية والاقتصاد، وتعتبر انضمام كازاخستان مؤشراً إلى تآكل النفوذ الروسي التقليدي.

 

لكن موسكو التزمت موقفاً حذراً، إذ أكدت عبر مصدر في الخارجية الروسية لوكالة "تاس" أن "لكل دولة حرية إدارة علاقاتها الخارجية"، مع تأكيدها أن "كازاخستان تبقى شريكاً أساسياً في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي".

 

أما بكين، فاختارت الصمت الرسمي، لكنها نشرت عبر صحيفة "غلوبال تايمز" مقالاً حذّر من "تحويل الاتفاقات إلى أداة ضغط سياسي في آسيا".

 

خطوة رمزية

إلى ذلك رأى محللون أن رمزية الانضمام تفوق أثره العملي المباشر، فهي إعلان سياسي عن توجه كازاخستان نحو دور أكثر استقلالية في السياسة الإقليمية. كما تفتح الباب أمام تعاون أوسع مع إسرائيل والولايات المتحدة، من دون أن يعني ذلك القطيعة مع موسكو أو بكين.

 

وبينما يعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذه الخطوة "دليلاً على نجاح الدبلوماسية الأميركية في بناء جسور جديدة"، تراها أستانا جزءاً من مسار أوسع لترسيخ استقلالها السياسي والاقتصادي وسط عالم يتغيّر بسرعة.

 

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://arabnn.news - رابط الخبر: https://arabnn.news/news77897.html