2025/10/17
بعد اكتمال سد النهضة.. إثيوبيا تسعى لتصحيح "خطأ تاريخي" قد يثير حفيظة مصر

 

بعد انتهاء إثيوبيا من بناء سد النهضة وافتتاحه رسميًا، بدأت أديس أبابا في تسليط الضوء على قضية جديدة تعدّها "تصحيحا لخطأ تاريخي": المطالبة بالوصول إلى منفذ بحري على البحر الأحمر.

 

فقد نشرت هيئة الإذاعة الإثيوبية عدة مقالات تؤكد أهمية امتلاك إثيوبيا منفذًا بحريًّا، مشيرة إلى تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد التي وصف فيها هذه المسألة بأنها "حيوية للبلاد"، بل و"بأهمية نهر النيل لدول المصب"، لكنها أثارت توترًا إقليميًّا جديدًا، خصوصًا مع مصر والدول المشاطئة للبحر الأحمر.

 

وأكد آبي أحمد، وفق ما نقله التلفزيون الإثيوبي، أن "إثيوبيا تقع جغرافيًّا ضمن نطاق البحر الأحمر ونهر النيل"، متسائلًا: "لماذا يُسمح للآخرين بالمطالبة بمياه النيل، ويُمنع علينا الحديث عن البحر الأحمر؟".

 

"لقد صمتنا طويلاً... حان وقت التصحيح"

 

في تصريحات لافتة، قال آبي أحمد إن "الشعب الإثيوبي تبنى تصورًا خاطئًا مفاده أن المطالبة بالوصول إلى البحر الأحمر سيؤدي إلى نزاع، فتخلى عن حقه القانوني"، مضيفًا:

"لقد صمتنا طويلاً عن قضية البحر الأحمر، فلماذا نستمر في الصمت؟ حتى لو أدى ذلك إلى خلاف مع الدول المجاورة؟".

 

واعتبر أن "شعبًا بهذا الحجم لا يمكن أن يعيش في سجن جغرافي"، داعيًا إلى طرح هذه القضية "المشروعة" والحصول على "رد مناسب" من المجتمع الإقليمي.

 

كما أشار إلى أن حكومته مستعدة للتفاوض حول البحر الأحمر، تمامًا كما فعلت بشأن سد النهضة، لكنه شدد على أن "هذه المفاوضات يجب ألا تكون مشروطة بعدم استخدام البحر الأحمر".

 

البحرية الإثيوبية السابقة تدعم المطلب

 

وفي سياق الحملة الإعلامية التي تشنها أديس أبابا، أكد ضباط سابقون في البحرية الإثيوبية، خلال لقاءات مع التلفزيون الرسمي، أن "الجيل الذي أكمل بناء سد النهضة يجب أن يكرر استراتيجيته التنموية بالوصول إلى منفذ بحري"، مشددين على أن المسألة "ليست مجرد ميناء، بل قضية أمن قومي وتنمية شاملة".

 

وتشير تقارير إلى أن إثيوبيا تطمح إلى استعادة السيطرة على ميناء عصب الإريتري، الذي فقدته بعد استقلال إريتريا عام 1993، كمنفذ استراتيجي على البحر الأحمر.

 

مصر والدول المشاطئة: "لا لوجود دائم لدول غير مشاطئة"

 

إلا أن هذا التوجه الإثيوبي يصطدم بموقف ثابت من مصر والصومال وإريتريا وجيبوتي، التي أكدت مرارًا أن البحر الأحمر شأن حصري للدول المشاطئة.

 

وكان هذا الملف قد تسبب في أزمة إقليمية حادة العام الماضي، بعد توقيع إثيوبيا اتفاقًا مع إقليم صومالي انفصالي لبناء ميناء تجاري وعسكري على ساحل البحر الأحمر، ما اعتبرته الحكومة الصومالية الفيدرالية "اعتداءً على سيادتها"، ورفضته مصر وجيبوتي وإريتريا بشكل قاطع.

 

وفي هذا السياق، عقدت مصر والصومال وإريتريا سلسلة قمم ثلاثية، أصدرت خلالها بيانات مشتركة أكدت أن "أمن البحر الأحمر مسؤولية حصرية للدول المشاطئة"، ورفضت أي وجود عسكري أو تجاري دائم لدول غير مطلة عليه.

 

القاهرة: "الخط الأحمر لا يُناقش"

 

وجدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في يوليو الماضي، التأكيد على أن "وصول دول غير مشاطئة إلى البحر الأحمر خط أحمر"، مشيرًا إلى أن هذا الموقف تم إبلاغه "لجميع الأطراف الفاعلة في المنطقة"، بما في ذلك تركيا، التي استضافت مفاوضات بين الصومال وإثيوبيا.

 

وأكد عبد العاطي أن "مسؤولية حوكمة أمن البحر الأحمر تقع على عاتق الدول المشاطئة فقط"، مضيفًا: "مصر لن تقبل تحت أي ظرف بوجود أي طرف غير مشاطئ بشكل دائم في البحر الأحمر".

 

ويُنظر إلى تصاعد الخطاب الإثيوبي حول البحر الأحمر كمؤشر على تحول استراتيجي في سياسة أديس أبابا الخارجية، قد يُعقّد التوازنات الأمنية في منطقة القرن الإفريقي، ويُعيد إشعال تنافس إقليمي على النفوذ في ممر مائي حيوي يربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.

 

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://arabnn.news - رابط الخبر: https://arabnn.news/news77352.html