بعد 19 عاما من الأسر و4 أعوام على عملية هزت منظومة إسرائيل الأمنية، تنفس أيهم كممجي ومحمود العارضة هواء الحرية أخيرا.
وبخروج الأسيرين العارضة وكممجي، يكتمل فصل جديد من حكاية "نفق الحرية" التي دونت أسماء 6 أسرى في ذاكرة الفلسطينيين إلى الأبد.
أيهم كممجي.. عناق مؤجل عند قبر الأم
من بلدة كفر دان غرب جنين، خرج أيهم كممجي (مواليد 1986) إلى الدنيا يحمل وجع الأرض، وها هو يعود إليها اليوم بعد أن أمضى نصف عمره خلف القضبان، محكوما بمؤبدين وخمس سنوات إضافية.
أعيد اعتقال كممجي بعد أسبوعين من فراره من سجن جلبوع في سبتمبر2021، حين نفذ مع رفاقه الخمسة عملية "نفق الحرية" التي أحرجت إسرائيل وألهبت الشارع الفلسطيني والعربي.
خلال مطاردته، تعرض لمحاولتي اغتيال قبل أن تعتقله القوات الإسرائيلية في جنين، وكان هدفه، كما قال لاحقا، أن يصل إلى قبر والدته التي رحلت وهو في الأسر عام 2019.
خسر كممجي والدته وشقيقه شأس الذي قتل عام 2022 برصاص الجيش إسرائيلي، واعتقل أشقاؤه مرارا، لكنه ظل صامدا يردد من زنزانته: “وعدتنا المقاومة وعدا، والنصر قادم رغم أنف الاحتلال".
واليوم، يخرج أيهم ضمن صفقة تبادل الأسرى التي جاءت ثمرة اتفاق غزة التاريخي، متجها نحو قطاع غزة مع مجموعة من الأسرى المبعدين، في مشهد يختلط فيه الفرح بالحزن، والحرية بالغياب.
محمود العارضة.. قائد نفق الكرامة
وصوت الصبر الطويل
أما محمود العارضة (50 عاماً)، ابن بلدة عرابة قضاء جنين، فقد تحول إلى رمز وطني بعد قيادته عملية الهروب من سجن جلبوع عام 2021، التي وصفها الفلسطينيون بأنها "أعظم عملية تحرر في التاريخ الحديث".
العارضة، الذي اعتقل أول مرة وهو في الرابعة عشرة، أمضى أكثر من 29 عاما في المعتقلات، محكوما بالمؤبد منذ 1996 بتهمة المشاركة في عمليات ضد إسرائيل.
داخل السجن، أصبح من قادة حركة الجهاد الإسلامي وعضوا في هيئتها القيادية العليا للأسرى، ومثالا في الثقافة والانضباط والصبر.
حفظ القرآن كاملا، وألف كتبا عدة من زنزانته، بينها "فقه الجهاد" و"تأثير الشيخ الغزالي على حركة الجهاد الإسلامي".
خلال سنوات اعتقاله، حاول العارضة مرتين الفرار من السجن قبل نجاحه التاريخي في جلبوع، ودفع ثمن محاولاته عزلا انفراديا طويلا. واليوم، يعود حرا بصفقة تبادل شملت 250 أسيرا، بينهم 154 أُبعدوا إلى خارج الضفة الغربية.
صفقة الحرية.. وعود المقاومة تتحقق
مع بدء تنفيذ اتفاق غزة ووقف إطلاق النار، انطلقت الاثنين أكبر عملية تبادل أسرى منذ عقدين بين حماس وإسرائيل، شملت الإفراج عن أسرى محكومين بالمؤبد، بينهم أبطال "نفق الحرية".
تحركت الحافلات التي تقل الأسرى نحو معبر رفح وسط هتافات وزغاريد العائلات، بينما علق فلسطينيون صور كممجي والعارضة على الجدران ورفعوا لافتات كتب عليها: "من تحت الأرض إلى ضوء الحرية.. وعد المقاومة صادق".
وبين جنين وغزة، تعود الحكاية إلى جذورها الأولى: أرض تنبت مقاومة، وأمهات ينتظرن أبناءهن بدموع الفخر، وشعب لا ينسى أن الحرية، مهما طال ليلها، تبدأ بنفق وتكتمل بوعد صادق.