2025/07/12
منجم فحم يتحول إلى كنز بـ 37 مليار دولار

 

 

في عام 2011، أقدم المصرفي السابق في وول ستريت، راندال أتكينز، على خطوة جريئة حين اشترى منجم فحم قديماً قرب مدينة شيريدان بولاية وايومنغ مقابل مليوني دولار فقط، دون أن يكلف نفسه عناء زيارته أولًا. كان يأمل بتحقيق ربح بسيط من بيع الفحم المستخدم في صناعة الصلب، لكن الحظّ كان يخبئ له مفاجأة من العيار الثقيل.

فبحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، تبيّن أن المنجم، المعروف باسم منجم بروك، يحتوي على واحدة من أغنى رواسب العناصر الأرضية النادرة غير التقليدية في الولايات المتحدة. وبعد أن أجرت فرق بحث حكومية تحاليل على عينات من التربة، قدّرت قيمة هذه المعادن بنحو 37 مليار دولار.

وقال أتكينز مازحًا: "عندما اشتريتُ المنجم، لم أكن أميّز بين المعادن النادرة والعملات النادرة!" لكنه سرعان ما أدرك أن الأرض التي يمتلكها تضم معادن ثمينة مثل النيوديميوم، والديسبروسيوم، والتيربيوم، والبراسيوديميوم، والتي تُعد ضرورية لصناعة تقنيات حديثة مثل السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والأجهزة الإلكترونية.

وتعمل شركة راماكو ريسورسز، التابعة لأتكينز، على استخراج عينات أكبر لإجراء تحاليل أعمق. وإذا أثبت المشروع نجاحه، فسيكون هذا أول منجم جديد للعناصر الأرضية النادرة في الولايات المتحدة منذ عام 1952، مما قد يشكّل نقطة تحوّل تاريخية في مسيرة الشركة، التي كانت تركز سابقًا على تعدين الفحم فقط.

سباق المعادن الاستراتيجية

تسارع الولايات المتحدة الخطى لتقليل اعتمادها على الصين، التي تهيمن حاليًا على سوق المعادن النادرة، وخصوصًا بعد أن فرضت بكين مؤخرًا قيودًا على تصدير عناصر مثل الغاليوم والجرمانيوم، اللتين تُستخدمان في أشباه الموصلات وأنظمة الصواريخ. ومن المفارقات أن هذه المعادن أيضًا وُجدت في منجم وايومنغ.

أوضح أتكينز، الذي ورث عن والده أورين أتكينز – مؤسس شركة آشلاند أويل – أسلوب التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد، أنه يرى في هذا الاكتشاف "فرصة استثنائية"، وأضاف: "من الأفضل أن نراهن على المعادن النادرة بدلاً من الفحم، فالقيمة أعلى والفرصة أعظم".

كان أورين أتكينز، والد راندال، من أبرز رجال الأعمال في قطاع الطاقة، إذ قاد شركة آشلاند أويل نحو العالمية. إلا أن مسيرته لم تخْلُ من الجدل، فقد تورّط في فضيحة سياسية تتعلق بتقديم تبرعات سرية لحملة إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في عام 1972، ضمن فضيحة ووترغيت الشهيرة. وتوفي أورين أتكينز عام 2007.

راندال، الذي نشأ في ولاية كنتاكي، يأمل أن يسهم هذا الاكتشاف في دفع اقتصاد المنطقة المحلية، ويقول: "لو استطعتُ أن أبني مشروعًا يُقارب ما حققه والدي، سأكون في غاية السعادة".

لماذا تعتبر المعادن الأرضية النادرة ذات أهمية بالغة؟

رغم اسمها، فإن العناصر الأرضية النادرة ليست نادرة بالمعنى الحرفي، لكنها نادرة من حيث سهولة التنقيب والاستخراج والمعالجة. تُستخدم هذه المعادن في مجموعة واسعة من التطبيقات التقنية، مثل المغناطيسات القوية، مصابيح LED، شاشات الهواتف الذكية، وأنظمة الدفاع. كما تُعد حجر الزاوية في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.

الطلب العالمي على هذه العناصر في ازدياد، خصوصًا مع تسارع التحول نحو التكنولوجيا الخضراء. لكن عمليات استخراجها لا تزال معقدة ومكلفة، مما يجعلها محدودة العرض ومرتفعة القيمة.

وايومنغ على الخريطة العالمية

بفضل الاكتشافات الأخيرة، قد تصبح ولاية وايومنغ لاعبًا رئيسيًا في سوق المعادن الأرضية النادرة. وتبدو الطفرة الناشئة في هذا القطاع واعدة من الناحيتين الاقتصادية والاستراتيجية، وسط تزايد الاهتمام الصناعي والاستثماري الأمريكي لتأمين إمدادات وطنية مستقلة من هذه المواد الحيوية.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://arabnn.news - رابط الخبر: https://arabnn.news/news73917.html