تمكن زوجان من تحقيق حلم الإنجاب بعد نحو عقدين من المحاولات الفاشلة، بفضل تقنية ذكاء اصطناعي متطورة كشفت عن وجود حيوانات منوية "مخفية" لم يتمكن الأطباء من اكتشافها بالطرق التقليدية.
وهذه الحالة التي تمثل أملا جديدا لآلاف الأزواج الذين يعانون من مشاكل العقم، جاءت نتيجة نظام STAR الثوري الذي طوره باحثون في مركز كولومبيا للخصوبة بنيويورك.
وبينما يحتوي السائل المنوي الصحي عادة على ملايين الحيوانات المنوية، يعاني ما يصل إلى 15% من الرجال المصابين بالعقم من حالة "انعدام النطاف" (Azoospermia)، حيث لا يعثر على أي حيوانات منوية تقريبا.
وقال زيف ويليامز، مدير مركز الخصوبة بجامعة كولومبيا، في بيان صحفي: "قد تبدو العينة المنوية طبيعية تماما، ولكن عند الفحص تحت المجهر، لا تجد سوى حطام خلوي دون أي أثر للحيوانات المنوية".
وحتى الآن، كانت الخيارات المتاحة أمام الرجال المصابين بانعدام النطاف محدودة للغاية، كما أوضح ويليامز لموقع Today.com: "إما استخدام حيوانات منوية من متبرع، أو الخضوع لعملية جراحية مؤلمة يتم فيها استئصال جزء من الخصية للبحث عن حيوانات منوية فيها".
ولحل هذه المشكلة لجأ ويليامز وفريقه إلى نظام STAR الثوري (اختصارا لـ Sperm Tracking and Recovery) والذي يعتمد على تقنيات مستوحاة من علم الفلك، حيث تم تكييف خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم عادة لرصد النجوم والكواكب البعيدة، للبحث بدقة فائقة عن الحيوانات المنوية الشحيحة في عينات الرجال المصابين بانعدام النطاف.
ويوضح الدكتور ويليامز أن النظام الجديد يستطيع في غضون ساعة واحدة تحليل أكثر من 8 ملايين صورة مجهرية، وهو ما يعادل البحث عن إبرة في كومة قش منتشرة على مساحة عشرة ملاعب كرة قدم.
وفي مارس 2025، أصبحت "روزي" (اسم مستعار) أول من يحمل باستخدام هذه التقنية، بعد قرابة 19 عاما من المحاولات الفاشلة مع زوجها المصاب بانعدام النطاف.
وتبرز هذه القصة مدى فعالية هذه التقنية. فبعد سنوات من المحاولات الفاشلة للإنجاب، تمكن الأطباء أخيرا من تحديد ثلاثة حيوانات منوية قابلة للحياة في عينة الزوج باستخدام نظام STAR. وتم تخصيب بويضات "روزي "بنجاح وزرع الأجنة في رحمها، وهي الآن في شهرها الخامس من الحمل، في سابقة طبية تمنح الأمل لما يقدر بنحو 15% من الرجال العقيمين الذين يعانون من انعدام النطاف.
وتكمن أهمية هذا الابتكار في كونه يقدم حلا أقل تكلفة وأقل إيلاما مقارنة بالخيارات المتاحة سابقا.
وبتكلفة تقل عن 3000 دولار للعملية الواحدة، يصبح هذا الحل في متناول عدد أكبر من الأزواج مقارنة بتكاليف التلقيح الصناعي التقليدي التي قد تصل إلى 30 ألف دولار.
وعلى الرغم من هذه النتائج الواعدة، يحذر خبراء الخصوبة من الحماس المفرط قبل إجراء المزيد من الدراسات والتجارب السريرية. فكما هو الحال مع أي تقنية طبية ناشئة، يحتاج نظام STAR إلى مزيد من الوقت لإثبات فعاليته على نطاق واسع.
ويأتي هذا التطور العلمي في وقت تشهد فيه معدلات العقم عند الذكور ارتفاعا ملحوظا على مستوى العالم، حيث تشير الدراسات إلى انخفاض عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال الغربيين بنسبة تزيد عن 50% خلال العقود الأربعة الماضية.
وبينما تستعد "روزي" وزوجها لاستقبال طفلهما المنتظر في ديسمبر المقبل، يتابع فريق البحث في كولومبيا حالات أخرى في مراحل مختلفة من العلاج. وهذه التقنية التي تجمع بين التصوير عالي الدقة والروبوتات والذكاء الاصطناعي، قد تشكل نقطة تحول في علاج العقم الذكوري، وتفتح الباب أمام آلاف الأزواج لتحقيق حلم الأبوة الذي طالما انتظروه.
المصدر: نيويورك بوست