كشف تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" Washington Post أن المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي كان هدفا بارزا للميليشيات التابعة لإيران منذ فترة رئاسة عادل عبدالمهدي، وقد تعرض لتهديدات جدية من الميليشيات المرتبطة بإيران، ووصفت مقتله بالخسارة الجسيمة في الحرب على الإرهاب، حيث يُعتبر أحد أبرز الخبراء الدوليين المحللين لتنظيم داعش، ولديه العديد من الأبحاث المهمة في هذا الشأن، وقدم إسهامات كبيرة للحكومة العراقية.
واتهم التقرير الميليشيات الإيرانية بقتل الهاشمي، واصفا ما حدث بأنه مخطط اغتيال يسير ببطء ويستهدف كل من ينتقد إيران.
وقالت في تقريرها نقلا عن مسؤول أمني طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الباحث العراقي البارز هشام الهاشمي قتل بالرصاص مساء الاثنين أمام منزله في بغداد، وإن المسلحين انتظروا خارج منزله على دراجة نارية ثم هاجموه وبعدها فر المهاجمون من مكان الحادث ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن القتل.
ويضيف التقرير أنه بالنسبة للكثيرين في العراق، أكدت الجريمة على حقيقة وجود حملة اغتيالات بطيئة تقوم بها جماعات الميليشيات ضد منتقديها.
وكان الهاشمي، البالغ من العمر 47 عاماً، هدفاً متكرراً للدعاية التي تقوم بها جماعات الميليشيات المدعومة من إيران، وقال أصدقاؤه وزملاؤه إنه واجه موجة متزايدة من التهديدات، وكان الباحث من بين كبار الخبراء في العالم بشؤون تنظيم داعش الإرهابي، حيث قدم تفاصيل أعماله الداخلية إلى وسائل الإعلام الدولية، وقدم المشورة للحكومة العراقية بشأن ردها.
وفي الآونة الأخيرة، تحدث عن "الإفلات من العقاب الذي تتمتع به الميليشيات المدعومة من إيران في العراق".
وألقى رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي باللوم على مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، متعهدا في بيان "بتعقبهم ومحاكمتهم".
وفى وقت متأخر من يوم الاثنين، حثت السفارة الأميركية في بغداد الكاظمي على الوفاء بوعده. وقال البيان في منشور على "فيسبوك": "ندعو الحكومة العراقية إلى تقديم المسؤولين عن مقتله إلى العدالة السريعة"، وأثارت وفاة الهاشمي موجة من الحزن عبر قنوات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال لهيب هيغل، كبير محللي مجموعة الأزمات في العراق: "إن مشاهدة زملاء للدكتور هشام ينفجرون في البكاء وهم يحاولون التعليق على اغتياله، أمر يكشف من هو، وفي كل مرة التقيت به كان يشجعني على بذل المزيد من العمل، والبحث عن فرص جديدة للخدمة. أنا لا أعرف كيف جعل الوقت للجميع".
ويضيف التقرير، على الرغم من أن الميليشيات المرتبطة بإيران قوية هنا، إلا أن حركتها تعرضت لسلسلة من النكسات منذ نهاية العام الماضي، خصوصا بعد مقتل زعيمها أبومهدي المهندس في غارة أميركية بطائرة بدون طيار، أسفرت أيضاً عن مقتل القائد الإيراني قاسم سليماني في يناير الماضي، وقد تعهد الكاظمي بإنهاء هجمات الميليشيات على مصالح الولايات المتحدة وغيرها من المنشآت العسكرية والدبلوماسية الغربية، على عكس سلفه عادل عبدالمهدي، الذي لم يكن قادراً، أو غير راغب، في مواجهة الجماعات المسلحة، بحسب الصحيفة.
ولفترة في نوفمبر الماضي، عندما كان عبدالمهدي في السلطة والاحتجاجات الجماهيرية التي تهاجم نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران، اختفى الهاشمي من موجات الأثير، وقال لمعارفه إنه تعرض للتهديد من قبل جماعة كتائب حزب الله، بحسب الصحيفة. وفي الآونة الأخيرة، أصبح أكثر صخباً ومع مرور كل شهر، كما قال الأصدقاء، وأكثر عرضة للخطر.
وعندما أمر الكاظمي بشن غارة غير مسبوقة على حزب الله الأسبوع الماضي، بعد وجود أدلة على أنهم كانوا يخططون لهجمات جديدة، كان الهاشمي من بين أوائل الذين شاركوا التفاصيل الكاملة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتضمنت الردود على تلك التفاصيل تهديدات من أنصار الميليشيات قالوا فيها إنه يستحق الاعتقال بدلاً من ذلك. وأُطلق سراح جميع أفراد الميليشيات، فيما عدا واحد، وبعد ذلك بوقت قصير، استؤنفت الهجمات الصاروخية.
ويقول الخبراء إن الكاظمي سيواجه الآن معركة شاقة لكبح جماحهم، وفي منشور على "فيسبوك" يوم الأحد، قال الهاشمي المغدور إن التغيير الأخير في القيادة السياسية العراقية أثّر على سلطة الحركة المرتبطة بإيران في العراق. وكتب أن هجماتهم الأخيرة كانت مدفوعة بـ"الانتقام والعبث".