عطل انتشار فايروس كورونا قطاع الإعمار والبناء في مختلف دول العالم، كما تسبب في توقف عجلة الاقتصاد العالمي. لكنّ المشرفين على بناء أجنحة معرض إكسبو دبي حاولوا تجاوز كل العراقيل والتحديات بما فيها الطقس الحار للانتهاء من أعمال البناء بحلول تاريخ الافتتاح الأصلي الذي سيكون في أكتوبر المقبل.
ينتشر العمّال بكماماتهم الواقية على امتداد موقع “إكسبو 2020 دبي” الضخم جنوب الإمارة، وهم يعملون على إنهاء أعمال البناء الرئيسية رغم فايروس كورونا المستجد الذي دفع إلى تأجيل المعرض العالمي لمدة عام وخلق تحدّ لوجستي.
في 29 مايو الماضي قالت الجهة المشرفة على معارض إكسبو العالمية، إن جمعيتها العمومية وافقت على تأجيل إكسبو 2020 دبي لمدة عام، بسبب صعوبات ناجمة عن جائحة فايروس كورونا، وإنه أصبح من المقرر بدء المعرض في أكتوبر 2021.
وسيُفتتح الحدث الذي خصّصت له الإمارة 8.2 مليار دولار على أمل إعادة إطلاق نشاطها السياحي والاقتصادي، في أكتوبر 2021 بحسب الموعد الجديد، لكن المنظمين الذين يكدّون يوميا لحلحلة تعقيدات إعادة جدولة الحدث الممتد على فترة ستة أشهر، يبدون عازمين على الانتهاء من أعمال البناء الرئيسية بحلول تاريخ الافتتاح الأصلي أي أكتوبر المقبل.
وإضافة إلى العمل في ظل طقس حار للغاية، كان عليهم أن يتعاملوا مع إصابات بفايروس كورونا المستجد وتسريح موظفين من بين أفراد القوى العاملة الآتية من أنحاء العالم بسبب تأجيل الافتتاح الرسمي.
وقال أحمد الخطيب الرئيس التنفيذي للتطوير والتسليم خلال جولة في الموقع الشاسع هذا الأسبوع “كان لفايروس كورونا المستجد تأثير على الجانب اللوجستي وتسليم بعض الأعمال المتبقية”.
وبحسب المسؤول فإن “العمل مستمر وبعض الأجنحة وصلت بالفعل إلى مرحلة نهائية. فعام 2020 هو عام التسليم”. وبعدما كان الموقع الممتد على مساحة 4.5 كيلومتر مربّع، عبارة عن كتل من الحديد والإسمنت والغبار، تحوّل إلى ما يشبه المدينة العصرية في صحراء جنوب الإمارة، حيث تم الانتهاء من أعمال البناء الرئيسية في غالبية الأجنحة.
ولا ينقص جناح دولة الإمارات العربية المتحدة المصمّم على شكل صقر في وضع الطيران، سوى بعض قطع من الريش الأبيض للاكتمال، بينما بدا جناح المملكة السعودية وهو الثاني من حيث الحجم بعد جاره الإماراتي، كنافذة ضخمة تفتح من الأرض وترتفع إلى السماء.
وتم افتتاح الأنفاق، وتعبيد الشوارع، وتركيب نظام مكبّرات صوت شامل وأبراج شبكات الجيل الخامس لأنظمة الاتصالات، فيما تزدهر أشجار الزيتون والمانغو المزروعة بين الأبنية الفريدة في تصاميمها.
وكان من المتوقع أن يجذب أكبر حدث على الإطلاق في العالم العربي حوالي 25 مليون زيارة، على أن تشارك فيه 192 دولة. ومنذ تنظيم الدورة الأولى من المعرض العالمي في لندن عام 1851، أصبح هذا الحدث منبرا لعرض الأفكار والتكنولوجيا الحديثة بالإضافة إلى كونه وسيلة لترويج العلامات التجارية المحلية.
كان لكورونا تأثير على الجانب اللوجستي وتسليم بعض الأعمال المتبقية، لكن العمل مستمر وبعض الأجنحة وصلت بالفعل إلى مرحلة نهائية
وبفضل حملة دعائية ضخمة تشمل نجوما بارزين مثل ليونيل ميسي، يُنظر إلى إكسبو دبي على أنه شريان حياة لقطاعات العقارات والسياحة والتجارة بعد سنوات من المصاعب الاقتصادية في المنطقة الغنية بالنفط بسبب تراجع أسعار الخام، تفاقمت مؤخرا على خلفية إجراءات الحد من فايروس كورونا المستجد. وشدّدت منال البيات الرئيس التنفيذي للمشاركة على أنّ التأجيل
الذي أقرّه المكتب الدولي للمعارض بعد تصويت الدول الأعضاء في مايو، لم يؤثر بتاتا على “التزامنا بتنظيم معرض يلهم العالم”، لكن مع تمدّد الجدول الزمني لعام إضافي، والضغوط المحتملة على الميزانيات المقرّرة مسبقا، جرى تسريح بعض الموظفين.
وقالت البيات “يؤسفنا جدا أنّ عددا من موظفي إكسبو سيغادروننا. بالطبع، كان القرار صعبا جدا (…) لأنّهم أعضاء في فريقنا”، دون تحديد عدد هؤلاء الموظفين.
في موقع إكسبو، الذي يظهر شعاره على كل شيء تقريبا في دبي من اللوحات الإعلانية إلى الطائرات، يخلق الوباء تحديات يومية خصوصا وأنّ العمّال عادة ما يتبادلون الأحاديث ويتشاركون مصاعد الرافعات في وقت لا تزال تسجّل فيه الإمارات مئات الإصابات الجديدة كل يوم.
وأشارت البيات إلى إن من بين الإجراءات الوقائية العديدة التي تم اتخاذها في الموقع لمكافحة الفايروس، بناء منشأة وتنظيم جلسات توعية للموظفين وتعقيم حافلات نقل العمّال قبل وبعد استخدامها. إلا أنّه على غرار العديد من أماكن البناء في المنطقة والعالم، ظهرت بعض الإصابات. وأوضحت المسؤولة، “كانت لدينا بعض الحالات الإيجابية بين عمّالنا وكذلك بين موظّفينا في إكسبو”، من دون أن تحدّد عدد هذه الحالات.
وتابعت، “إذا جاءت نتيجة أي شخص إيجابية، لا يعود إلى العمل حتى يأتي اختباره سلبيا وبعد موافقة السلطات الصحية على العودة إلى العمل بغض النظر عما إذا كان عاملا أو موظّفا في إكسبو”.
يذكر أنّ أكثر من نصف حالات الإصابة بالفايروس المسجّلة في دول الخليج الست والتي تتجاوز الآن 355 ألفا، هي من بين العمال الأجانب الذين يعيشون غالبا في غرف ضيقة قلّما تسمح بالتباعد الاجتماعي.
وأجبرت إجراءات احتواء الفايروس دبي – التي اجتذبت 16.7 مليون زائر العام الماضي – على إغلاق أبوابها في مارس الفارط، على أن تعيد فتحها قبل بداية الموسم السياحي في سبتمبر المقبل مع بدء تبدّل حرارة الطقس نحو البرودة.
وقال الخطيب ردا على سؤال عما إذا كانت ستتم مراجعة التوقعات بشأن أعداد الزوار العام المقبل، “نعتقد أن عدد زوار دبي سيعود إلى طبيعته، وسنعمل عن كثب لتحقيق أفضل عدد من الزوار لمعرضنا”. وأضاف بتفاؤل “عام واحد من التأجيل، يعني المزيد من الوقت للتحسين”.