باستلهام من طريقة تجدد الخلايا في الجهاز العصبي المحيطي، توصلت مجموعة من العلماء إلى وسيلة جديدة لدفع الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي) إلى تجديد وإصلاح الخلايا المتضررة ذاتيا.
ويتكون الجهاز العصبي للإنسان من قسمين رئيسيين هما: الجهاز العصبي المركزي، ويشمل الدماغ والنخاع الشوكي، والجهاز العصبي المحيطي، وهو المسؤول عن نقل الإشارات بين الجهاز العصبي المركزي وباقي أطراف الجسم.
وتؤدي إصابات الجهاز العصبي المحيطي إلى تنشيط عملية إصلاح ذاتية تسمح للعصب المصاب بالتجدد واستعادة وظيفته، ولا توجد عملية إصلاح من هذا القبيل في الجهاز العصبي المركزي، وبالتالي تؤدي الإصابات في كثير من الأحيان إلى ضرر دائم مثل "الشلل النصفي".
وخلال دراسة نشرت نتائجها الخميس في دورية "سيل ريبورتس" (Cell Reports) العلمية، قدم فريق بحثي بقيادة كلير جاكوب، من جامعة يوهانز غوتنبرغ في ماينز (JGU) وجامعة فريبورج السويسرية، أملاً جديداً في تجديد خلايا وأنسجة الجهاز العصبي باستلهام من تفاصيل عملية الإصلاح التي تحدث في الجهاز العصبي المحيطي.
ويضم الجهاز العصبي المحيطي خلايا "شوان" المسؤولة عن إنتاج مادة "المايلين"، وهي مادة دهنية تحيط بالمحاور العصبية، وتعمل كطبقة واقية تساعد على نقل الإشارات بسرعة وكفاءة.
وتمثل خلايا "شوان" المفتاح لعملية تجدد وإصلاح الضرر الذي يلحق بالجهاز العصبي المحيطي، لكنها في الوقت نفسه تعيق عملية الإصلاح في حالة إصابة الجهاز العصبي المركزي.
وحين تصاب محاور الجهاز العصبي المحيطي، تتحفز خلايا شوان بسرعة لتفكيك الأجزاء المتضررة والمقطوعة وتحللها لأجزاء صغيرة يسهل التخلص منها، في خطوة مهمة نحو عملية الإصلاح.
وتقول كلير جاكوب الباحثة الرئيسية بالدراسة: "خلايا شوان يمكنها أن تفعل كل شيء.. لقد اكتشفنا أنها لا تنتج المايلين فقط بعد الإصابة، لكنها تحفز أيضًا تفكيك شرائح المحور العصبي المتضررة، لفصلها بعيدا عنها".
وتضيف: "من أجل القيام بذلك، تشكل خلايا شوان كرات صغيرة مصنوعة من بروتين يسمى الأكتين، وتمارس كرات الأكتين هذه ضغطًا على الأجزاء المحورية المعزولة حتى تفككها إلى أجزاء صغيرة، وهذا التحلل المستهدف لحطام الخلية ضروري لتمكين الجزء السليم من المحور العصبي الذي ظل مرتبطًا بجسم خلايا الخلايا العصبية من النمو مرة أخرى، والاتصال بهدفه السابق، وبالتالي استعادة الوظائف الكاملة".
أما في الجهاز العصبي المركزي فيضم خلايا "oligodendrocytes" التي تقوم بعمل "خلايا شوان"، لكن الفريق البحثي وجد تلك الخلايا غير قادرة على تكوين كرات الأكتين، بسبب غياب عنصر "VEGFR1"، وهو المستقبل الذي يحفز إنتاج الكرات في خلايا شوان.
وأقدم باحثو جاكوب على تخليق "VEGFR1" في خلايا "oligodendrocytes"، ما سمح بإنتاج كرات الأكتين، وهذه خطوة أساسية لتعزيز تجديد الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي.