الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - أخبار العالم - ذكاء اصطناعي من ناسا يتنبأ بالتوهجات الشمسية قبل ساعتين

ذكاء اصطناعي من ناسا يتنبأ بالتوهجات الشمسية قبل ساعتين

الساعة 06:16 مساءً

 

 

في إنجاز علمي يُعتبر الأول من نوعه، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بالتعاون مع شركة آي بي إم عن تطوير نموذج جديد يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، قادر على التنبؤ بالتوهجات الشمسية قبل ساعتين من حدوثها، وهو وقت كافٍ لاتخاذ إجراءات وقائية لحماية الأقمار الصناعية، وشبكات الكهرباء، وأنظمة الملاحة، وحتى رواد الفضاء على متن المحطات المدارية.

خطورة التوهجات الشمسية

التوهجات الشمسية هي انفجارات هائلة من الطاقة تنطلق من سطح الشمس باتجاه الفضاء. هذه الانفجارات يمكن أن تحمل معها جسيمات مشحونة وإشعاعات قوية، تصل إلى الغلاف المغناطيسي للأرض وتؤثر بشكل مباشر على الأقمار الصناعية ، حيث قد تؤدي إلى تعطّلها أو إتلاف مكوناتها الإلكترونية.

كما أنها تؤثر على شبكات الكهرباء، إذ يمكن أن تُحدث اضطرابات كهربائية واسعة النطاق وانقطاعات، والاتصالات والملاحة مثل أنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS) التي تعتمد عليها الطائرات والسفن.

وتؤثر أيضاً على سلامة رواد الفضاء حيث يتعرضون لمستويات عالية من الإشعاع قد تهدد صحتهم.

ووفقا لـ" ناسا فإنه على مدار العقود الماضية، كانت محاولات العلماء للتنبؤ بهذه الظاهرة محدودة، إذ لم تتجاوز القدرة على التنبؤ سوى دقائق قليلة قبل وقوعها، ما جعل التعامل مع مخاطرها أمرًا بالغ الصعوبة.

كيف يعمل النموذج الجديد؟

النموذج، الذي أطلقت عليه ناسا اسم Surya، يعتمد على تحليل بيانات ضخمة جُمعت على مدى تسع سنوات متواصلة من مرصد ديناميكيات الشمس التابع لناسا.

تمت تغذية الذكاء الاصطناعي بآلاف الصور والقياسات التي توضح حركة الغازات الشمسية والتغيرات في الحقول المغناطيسية للشمس، ليتمكن من التعرّف على أنماط دقيقة وخفية تشير إلى قرب حدوث التوهجات.

وبحسب الباحثين، فإن دقة هذا النموذج تفوقت على الأنظمة التقليدية بنسبة تقارب 16%، وهي نسبة تُعتبر قفزة كبيرة في هذا المجال.

خطوة نحو الحماية العالمية

الخطوة الأبرز في هذا المشروع أن ناسا جعلت النموذج مفتوح المصدر، أي متاحاً للباحثين والجامعات ومراكز الأبحاث حول العالم. وقد تم نشره على منصات برمجية مفتوحة، بحيث يمكن لأي خبير أن يستخدمه أو يطوّره.

هذا القرار يعكس إدراك الوكالة أن المخاطر الناجمة عن التوهجات الشمسية لا تخص دولة واحدة فقط، بل تهدد العالم بأسره، وبالتالي فإن التعاون الدولي أصبح أمراً حتمياً لمواجهة "طقس الفضاء".

مقارنة مع الأنظمة القديمة

في السابق، كانت محاولات التنبؤ تعتمد بشكل أساسي على المراقبة المباشرة من خلال المراصد الأرضية والفضائية، مع الاعتماد على بعض النماذج الفيزيائية البسيطة. لكن هذه الطرق لم تكن قادرة على التنبؤ بدقة أو توفير مهلة زمنية مناسبة.

اليوم، ومع إدماج الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن قراءة إشارات مبكرة لم يكن من السهل رصدها بالعين البشرية أو الأدوات التقليدية. وهذا يعني أن العالم قد يدخل مرحلة جديدة من الاستعداد المسبق لمواجهة الكوارث الكونية.

تأثير على المستقبل

يرى خبراء الفضاء والطاقة أن هذا التطور لن يحمي الأقمار الصناعية ورواد الفضاء فحسب، بل قد يكون له دور مباشر في حماية الاقتصاد العالمي. فمع اعتماد الدول على الاتصالات الرقمية والملاحة الجوية والبحرية، فإن أي انقطاع كبير نتيجة لعاصفة شمسية قد يكلف المليارات ويعطل حياة الملايين.

كما أن القدرة على التنبؤ المسبق ستُسهم في وضع بروتوكولات أمنية، مثل إغلاق بعض الأنظمة مؤقتًا أو إعادة توجيه الأقمار الصناعية لتجنب الضرر.

يُذكر أن البشرية شهدت في القرن التاسع عشر ما يُعرف بـ"حدث كارينغتون" عام 1859، وهو أقوى عاصفة شمسية مسجلة في التاريخ. آنذاك، تعطلت شبكات التلغراف حول العالم، وأُبلغ عن حرائق كهربائية في بعض المحطات. ولو وقع مثل هذا الحدث اليوم، فإن تأثيره سيكون كارثيًا على التكنولوجيا الحديثة.

من هنا، يُعتبر تطوير نموذج مثل Surya ضرورة ملحّة، وليس مجرد رفاهية علمية.

يمثل هذا المشروع الجديد مزيجًا مثاليًا بين علوم الفضاء وتقنيات الذكاء الاصطناعي. فهو يفتح الباب أمام حقبة جديدة من التنبؤ المبكر وحماية كوكب الأرض من المخاطر الكونية التي قد تعصف بحياتنا الحديثة.