الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - تكنولوجيا و صحة - بضغطة زر.. كيف يسرق الذكاء الاصطناعي خصوصيتك دون استئذان؟

بضغطة زر.. كيف يسرق الذكاء الاصطناعي خصوصيتك دون استئذان؟

الساعة 08:33 مساءً

 

 

بات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية، بدءًا من الهواتف الذكية والتطبيقات، وصولًا إلى محركات البحث وخدمات توصيل الطعام. ومع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي ودمجها في متصفحات الإنترنت والمساعدات الرقمية، تغيّرت طريقة تعامل المستخدمين مع الإنترنت واستهلاك المعلومات بشكل جذري خلال السنوات القليلة الماضية.

لكن في مقابل هذه "الراحة"، تطلب أدوات الذكاء الاصطناعي أذونات موسعة للوصول إلى بياناتك الشخصية، تحت ذريعة أنها ضرورية لتشغيل الوظائف بكفاءة. هذا النوع من الوصول ليس طبيعيًا، ويجب التعامل معه بحذر، لا أن يصبح سلوكًا معتادًا ومقبولًا.

في السابق، كان من الطبيعي أن تتساءل عن سبب طلب تطبيق بسيط مثل "مصباح يدوي" أو "آلة حاسبة" للوصول إلى صورك أو موقعك الجغرافي. كانت هذه الطلبات المريبة إشارة إلى استغلال تجاري لبياناتك. اليوم، الذكاء الاصطناعي يتبع المنهج نفسه — لكن بتقنيات أكثر تقدمًا، وصلاحيات أوسع وفق تقرير لموقع " تك كرانش".

أذونات واسعة

 

خذ مثلًا متصفح Comet من شركة Perplexity، والذي يُروّج له كمساعد ذكي يساعدك على البحث، وتنظيم المهام، وتلخيص رسائل البريد الإلكتروني. إلا أن تجربة تحليلية أجراها موقع TechCrunch كشفت أن المتصفح يطلب أذونات واسعة عند الربط مع حساب Google، تشمل القدرة على إرسال رسائل، إدارة المسودات، تحميل جهات الاتصال، تحرير التقويمات، بل وحتى نسخ دليل الموظفين في شركتك.

معلومات شديدة الحساسية

 

ورغم أن الشركة تقول إن البيانات تُخزن محليًا، فإن منح هذه الأذونات يمنحها حق الاطلاع على معلومات شديدة الحساسية، تُستخدم أيضًا في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

 

ولا تقتصر هذه الممارسات على شركة واحدة. العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تقدم خدمات مثل تلخيص المكالمات أو تنظيم الاجتماعات تطلب بدورها الوصول إلى بيانات خاصة جدًا: المحادثات، التقويمات، الصور، وحتى سجل التصفح. كما اختبرت شركات مثل Meta حدود ما يمكن أن يُطلب من المستخدمين، بما في ذلك الوصول إلى الصور غير المنشورة من ألبومات الهاتف.

وضع عقلك في وعاء

 

في هذا السياق، شبّهت ميريديث ويتاكر، رئيسة شركة Signal، هذه الأدوات الذكية بـ"وضع عقلك في وعاء"، في إشارة إلى مدى تغلغلها في تفاصيل حياتك. من أجل تنفيذ مهام بسيطة كحجز طاولة أو تذكرة، قد تطلب هذه الأدوات صلاحية الوصول إلى كلمات مرورك، سجل تصفحك، بيانات الدفع، وحتى جهات الاتصال لمشاركة الحجز.

المشكلة لا تكمن فقط في مستوى الوصول، بل في نتائجه. منح هذه الأذونات يمنح الشركات رؤية شبه كاملة لحياتك الرقمية، ويتيح للأدوات — والبشر الذين يشرفون عليها أحيانًا — إمكانية الاطلاع على بريدك، ملفاتك، تقاويمك، رسائلك، صورك، وكل ما يخزن على أجهزتك، دون ضمانات كافية للحفاظ على الخصوصية.

وفوق ذلك، أنت تمنح الذكاء الاصطناعي حق التصرف نيابةً عنك، معتمدًا على تقنية ما زالت معرضة للأخطاء والانحرافات. كما أن الشركات المطوّرة لتلك الأدوات غالبًا ما تستخدم بياناتك لتحسين منتجاتها، في إطار نماذج عمل ربحية.

أمانك الرقمي

 

في حال حدوث خلل أو خطأ، من الشائع أن تُراجع الطلبات يدويًا من قبل موظفين داخل الشركة، ما يزيد من مخاطر كشف البيانات الشخصية. وبالتالي، فإن معادلة الخصوصية مقابل الراحة تميل في كثير من الأحيان لصالح التضحية بأمانك الرقمي، مقابل مهام كان من الممكن تنفيذها يدويًا دون خسارة السيطرة على بياناتك.

من منظور الأمان، فإن ما تطلبه بعض أدوات الذكاء الاصطناعي من صلاحيات يُشبه تمامًا تطبيق "مصباح يدوي" يطلب موقعك الجغرافي: طلب غير منطقي، يجب أن يثير الشك. الفرق اليوم أن الطلبات أكثر تعقيدًا، والأدوات أكثر إقناعًا، لكن النتيجة واحدة وهي فقدان السيطرة على خصوصيتك.

قبل أن تمنح أي أداة ذكاء اصطناعي حق الوصول إلى بياناتك، اسأل نفسك: هل ما سأحصل عليه يستحق كل ما أتنازل عنه؟ الإجابة عن هذا السؤال وحدها قد تحدد مستقبل علاقتك مع التكنولوجيا.