تحولت الخروقات الحوثية لقرار وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة اليمنية إلى معارك حقيقية تستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة ومن مقرات أممية، ما جعل الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار يطالب بموقف أممي واضح من جرائم الانقلابيين.
وعلى مدار أسبوع كامل، تصدت القوات الحكومية لمحاولات حوثية يومية لاستهداف مواقعها داخل مدينة الحديدة، كما تعرضت مناطق القوات المشتركة والأحياء السكنية جنوب الحديدة، لهجمات وقصف مدفعي هو الأعنف على الإطلاق منذ أشهر.
ولم تعد الخروقات الحوثية تقتصر على تبادل لإطلاق الرصاص الخفيف والمناوشات المعتادة، بل لجأت إلى استخدام الصواريخ والمدفعية الثقيلة، والتحشيد من مناطق مختلفة، في نوايا مبيتة لنسف اتفاق ستوكهولم الذي اقترب من إكمال شهره السابع دون إحراز أي تقدم.
خروقات من مباني أممية
الفريق الحكومي، في لجنة إعادة الانتشار RCC، قال في رسالة بعثها إلى كبير المراقبين الأمميين، مايكل لوليسجارد، إن المليشيات الانقلابية تستخدم مباني الأمم المتحدة لاستهداف القوات الحكومية في الحديدة.
وفي رسالته، طلب رئيس الفريق الحكومي، اللواء صغير حمود عزيز، من لوليسجارد زيارة المناطق المتضررة من قصف عناصر المليشيات الانقلابية في المواقع المحررة واتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف الخروقات المتكررة من قبل الانقلابيين في الحديدة.
وأشارت الرسالة إلى أن المليشيا الحوثية شنت هجوما على مواقع القوات الحكومية بالمدفعية والدبابات والعربات المدرعة وباستخدام منشآت ومباني تابعة للأمم المتحدة كمنصات مدفعية في المدينة على مرأى ومسمع من أعضاء لجنة التنسيق وإعادة الانتشار.
وكشف المسؤول الحكومي اليمني، في الرسالة التي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، عن أن الهجوم الحوثي الأخير، أسفر عن مقتل 10 من القوات الحكومية وإصابة 20 آخرين.
وسائل رقابة فعالة
وأبدى الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار استيائه من الطريقة التي تتبعها لجنة المراقبين الأمميين لهدنة الحديدة، وطالب بـ"رقابة فعّالة".
وقالت الرسالة إن الفريق الحكومي طالب في أكثر من مناسبة البعثة الأممية بتوفير فريق ووسائل مراقبة فعالة للقيام بدورها في مناطق التماس حتى يتم الانتهاء من عملية إعادة الانتشار وفق اتفاق ستوكهولم.
ووفقا للوفد الحكومي اليمني، لا تملك بعثة المراقبين الأممية الإمكانيات اللازمة والقدرة على مراقبة وقف إطلاق النار في المحافظة بالكامل، وهو ما يجعل المليشيات الحوثية تستثمر هذا الغياب بشن هجومها على مواقع القوات الحكومية والمدنيين.
وخلافا لحشد مئات الانقلابيين من جبهات مختلفة، خلال الأيام الماضية، صعدت المليشيا الحوثية من خروقاتها باستقدام خبراء إيرانيين، حيث كشفت القوات الحكومية عن مقتل أحد الخبراء، يدعى "أبو رضا"، الأحد الماضي، بقصف مدفعي محكم على مواقع المليشيا، داخل مدينة الحديدة.
وتجاوزت الخروقات الحوثية أكثر من 6 آلاف خرق منذ الإعلان عن الهدنة الإنسانية في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أسفرت عن مقتل نحو 170 مدنيا وإصابة أكثر من 900.
وتجمدت العملية السياسية في ملف الحديدة مع إصرار مليشيا الحوثي على انتزاع اعتراف أممي بالانسحاب الوهمي بموانئ الحديدة، والذي قامت فيه باستبدال قوات موالية لها، بدلا عن عناصرها المليشياوية، دون تأكد الجانب الحكومي، كما نص اتفاق ستوكهولم على رقابة ثلاثية.
ومنذ الإعلان عن اتفاق استكهولم، منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، دأبت مليشيا الحوثي على إفشال جميع بنود الاتفاق عبر سلسلة من الخروقات ورفضها الالتزام بتعهداتها.
وحيال تلك الخروقات تعاملت الأمم المتحدة بسلبية مريبة، مكتفية بـ"التحسر" فقط على ما تسميه "الفرص المهدرة لتحقيق السلام"، وفقا لخبراء، رغم التعهدات التي قطعتها اليومين الماضيين للحكومة الشرعية.
وتنص بنود اتفاق السويد على بدء سريان وقف إطلاق النار بمدينة الحديدة في 18 ديسمبر/كانون الأول، فيما حدد السابع من يناير/كانون الثاني موعدا لتنفيذ إعادة انتشار القوات فيها، إضافة لاتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين وتفاهمات بشأن فك الحصار عن مدينة تعز، لكن أياً منها لم ينفذ في الواقع.
لكن التعنت الحوثي أصاب الشارع اليمني بخيبة أمل مع مرور أكثر من نصف عام على توقيع هذا الاتفاق، الذي كان يُنظر إليه بأنه مدخل أساسي لعملية سلام شاملة في هذا البلد.