من دعوات فردية إلى حراك جماهيري كبير انطلقت مسيرة العودة في قطاع غزة منذ 15 شهرا، حتى تحولت إلى حراك مؤثر في معادلة المواجهة الفلسطينية ضد رصاص وقمع الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما حذر مراقبون من استغلال فصيل سياسي فلسطيني معين هذه المسيرات التي تنشد كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، أكد آخرون أنها استطاعت إحياء قضية اللاجئين وسجلت عددا من النقاط في تطور الحراك الفلسطيني.
وقال الدكتور مخيمر أبوسعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، إن مسيرات العودة منذ أن بدأت في 30 مارس/آذار 2018 أخذت شعبية واستحدثت أدوات متطورة في مواجهة آلة القمع الإسرائيلية.
ويرى أبوسعدة، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن استحداث هذه الأدوات حول المسيرات التي كانت بدايتها مسيرات عودة فقط ليضاف إليها قضية كسر الحصار عن قطاع غزة، تطور في أهدافها.
تراجع أعداد المشاركين
ويقلل أبوسعدة من أهمية ما تذكره وسائل إعلام إسرائيلية عن انخفاض أعداد المشاركين في الأسابيع الأخيرة، عازيا ذلك إلى طول مدة المسيرة، مبينا أنه الآن بعد 15 شهرا من انطلاق المسيرة متوقع أن تستمر المسيرات في حالة صعود جماهيري تارة وهبوط تارة أخرى، وفق التزام اسرائيل بتنفيذ التفاهمات.
وتوصلت الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية وأممية إلى تفاهمات لوقف ما يصفه الاحتلال بـ"الأدوات الخشنة" لمسيرة العودة مقابل تخفيف الحصار، وهي التفاهمات التي خرقت أكثر من 8 مرات من قبل إسرائيل خلال هذه المدة.
ومنذ انطلاق المسيرة في 5 مخيمات شرق القطاع استشهد في غزة 318 فلسطينيا (منهم 207 سقطوا مباشرة في المسيرة) وأكثر من 31 ألف جريح، وفق معطيات رسمية وحقوقية.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية أن "المطلوب اليوم فلسطينيا عدم استغلال فصيل معين المسيرات وتوظيفها بما يخدم مصالح حماس فقط".
ويقول "في الأصل أن تحقق مصالح الشعب عامة وليس مصالح حزبية خاصة.. نحن نرى المسيرة تتراجع مع دخول الأموال القطرية وتتصاعد مع عدم دخولها وهذا لا ينبغي له أن يكون".
وظهر سفير تنظيم الحمدين محمد العمادي خلال مشاركته في إحدى مظاهرات المسيرة، وهو يقول للقيادي في حماس خليل الحية "نبي هدوء" وهي التصريحات التي أصارت غضبا فلسطينيا واسعا.
معادلة الهدوء والتصعيد
معادلة الهدوء والتصعيد مرتبطة، حسب محمود خلف عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، بموقف الاحتلال الذي يضع موضوع تنفيذ التفاهمات موضع ابتزاز في التنفيذ.
وقال خلف لـ"العين الإخبارية": "هذا ما يدعونا في هيئة مسيرات العودة للتصعيد من المسيرات للضغط على الاحتلال وإلزامه بتنفيذ التفاهمات".
ويؤكد خلف "مراجعتنا للمسيرة في إطار تقييم الأداء والعمل في اتجاه تطوير العمل في جانب الحفاظ على زخم المسيرة، وكذلك المحافظة على أبناء شعبنا وأيضا إمكانية إيجاد وسائل سلمية جديدة في المسيرات".
ومع ذلك يشدد على أنه "لا يوجد نوايا من حيث المبدأ لإنهاء مسيرات العودة ولا وقف أدواتها المستخدمة في صراعنا مع الاحتلال.. الأدوات ترتبط استخدامها بمدى التزام الاحتلال بتنفيذ التفاهمات".
مراكمة الإنجازات
وأكد الدكتور صادق أمين، الكاتب والمحلل السياسي، أن مسيرة العودة استطاعت أن تفرض نفسها في أجندة المواجهة الفاعلة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أمين، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن المسيرة استطاعت أن تسجل العديد من النقاط في طريق تحقيق أهدافها، سواء في إحياء قضية اللاجئين وإبقائها حية، وكذلك إحداث حراك في موضوع كسر الحصار.
وأشار إلى أن المسيرة فرضت حالا من التوافق الفصائلي رغم حالة الانقسام، إذ للمرة الأولى تشترك غالبية الفصائل في جسم الهيئة القيادية العليا لمسيرة العودة، وتقود برنامج عمل متفقا عليه، ما يشير إلى إمكانية تطوير ذلك على طريق إنهاء الانقسام الفلسطيني.
وأضاف أن النقاشات تطرح بين الحين والآخر لتطوير المسيرة ومراجعة الأداء طبيعية، مشيرا إلى أن الهيئة الوطنية تجري بالفعل عملية تقييم مستمرة لضمان زيادة فاعلية وتأثير المسيرة، وضمان قدرتها على تسجيل النقاط ومراكمتها على طريق تحقيق الأهداف الاستراتيجية.