بعد البث المباشر لأحداث هجوم نيوزيلندا الإرهابي، يواجه موقع "فيسبوك" انتقادات عالمية للكثير من الخاصيات التي تسهم في تعزيز الكراهية ونشر العنف، بحسب المنتقدين.
ويتعرض الموقع الإلكتروني الأشهر في العالم، الذي يستقطب أكثر من 2.5 مليار مستخدم حول العالم، لضغوطات عالمية لإعادة النظر في الكثير من سياسات النشر والخصوصية التي يعتمدها، خصوصاً خدمات البث المباشر "لايف".
قيود على "البث المباشر"
يعتبر البث الحي لوقائع الهجوم الإرهابي ضد مسجدين في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا، من أبرز الأحداث التي دفعت جمعيات وجهات حقوقية عالمية بشن هجوم قاس على الموقع، منتقدين سماحه بنشر وقائع الهجوم الذي أسفر عن مقتل 50 شخصا كانوا يؤدون الصلاة.
وإضافة إلى خاصية البث المباشر التي سمحت بنشر الهجوم، خضع الموقع للمساءلة القانونية لعدم وضوح سياسية خصوصية وأحقية ملكية بيانات المستخدمين وتأثيره بكل ذلك على نتائج انتخابية وتحوله من موقع للتواصل الاجتماعي وتوثيق اللحظات ونشر الصور، لمساحة يستغلها الكثيرون لنشر الأخبار الكاذبة وللتحريض على العنف.
"فيسبوك" من جهته يؤكد إعادة النظر في بعض سياساته وأعلن عن مجموعة من الخطوات للحد من نشر المحتوى المسيء على صفحاته، وهو ما يؤكده جاسبر دوب مدير الشراكات الإعلامية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "فيسبوك، في لقاء خاص مع "العين الإخبارية".
واعتبر دوب أن خاصية البث المباشر تُشكل أداة قوية وذات تأثير مباشرة، ويمكن استخدامها لأشياء إيجابية، ولكن البعض استغلها لمسائل سلبية تدعو إلى العنف والانتحار، الأمر الذي دفعنا للنظر في السياسات الخاصة بالبث والعمل على تعديلها.
وأشار إلى أن فيسبوك وضع بعض القيود للحد من إساءة الاستخدام وعدم تكرار ذلك، لكنه من جهة أخرى يلفت إلى أهمية المحافظة على الخاصية لفوائدها العديدة، إذ تعتبر "أداة مهمة للكثيرين سواء لمشاركة لحظات خاصة أو مناسبات سعيدة كحفلات الزواج مثلا.. أو خاصية لإيصال الخبر تدعم عمل الصحفيين مثلاً أو المهتمين بنقل الأحداث لحظة وقوعها.
وفي منتصف مايو/أيار المنصرم كان غاي روزن نائب رئيس شؤون النزاهة في فيسبوك لفت إلى أن الأشخاص الذين خالفوا قواعد معينة بينها تلك التي تمنع "الأشخاص والمنظمات الخطيرة" سيحرمون من استخدام خدمة "فيسبوك لايف" للبث المباشر بعد مخالفة واحدة فقط للقواعد المحددة".
إنقاذ 1500 شخص من الانتحار
لم يتم سوء استخدام خاصية "اللايف" في أحداث إرهابية فقط، بل أيضاَ تحولت في كثير من الحالات لفرصة مرعبة لبث حالات انتحار مباشر على الهواء، الأمر الذي دفع "فيسبوك" لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال رصد المستخدمين ذوي الميول الانتحارية، ومراجعة مشاركاتهم وتحديد ما إذا كان يجب إظهار الخاصية لهم أم لا، مع إتاحة الفرصة للمستخدمين الذين يبلغون عن أي حالات التواصل مع صديق والاتصال بخط للمساعدة.
وعلى الرغم من أن هذه الخطوة دفعت البعض أيضاً إلى انتقاد مراقبة فيسبوك للبيانات الخاصة للمستخدمين إلا أن دوب يؤكد أن فيسبوك استطاع خلال الفترة الماضية الحد من انتحار قرابة 1500 شخص حول العالم، وإيصالهم للمسعفين قبل أن يلحقوا الأذى بأنفسهم، من خلال رصدهم ومراقبة عمليات البث المباشر عن كثب.
وللحد من انتشار حالات الانتحار أيضاً والدعوات للأذى الشخصي، أغلق فيسبوك صفحة الانتحار الجماعي للعاطلين عن العمل، التي أطلقها شباب أردنيون للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية والمطالبة بتوفير فرص عمل، مع منع أي منشورات تشجع على العنف أو الانتحار، وهو ما حدث أيضا في تطبيق "أنستقرام" التابع للشركة، لحظره نشر أي صور للانتحار بعد انتحار مراهقة بريطانية في الرابعة عشر من عمرها، واتهم والدها إدارة "أنستقرام" وتحملهم جزءا من المسؤولية بعد مشاهدة ابنته لمضامين عديدة من خلال التطبيق عن الانتحار والأذى الشخصي.
تعديل سياسة الخصوصية
الانتقادات التي طالت "فيسبوك" بخصوص بيانات مستخدميه، دفعته لتحديث سياسة البيانات وتبسيطها، وعلى الرغم من أن التحديثات هذه لم تكن بالوضوح الكافي لكثيرين، فإن مدير الشراكات الإعلامية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا شدد على أن تحقيق الخصوصية للمستخدم تأتي في مقدمة أولويات شركة "فيسبوك"، وهو ما يدفعنا لتطويرها باستمرار لتوفير التصفح الأمن للمستخدمين وتوفيرها بشكل واضح للمستخدم".