أكد محامون أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مهنة المحاماة يسّر كثيراً من الأمور في عملية التقاضي، ما يخفف الجهد الذي يبذل لإنجاز أعمالهم اليومية، ويوفّر لهم المزيد من الوقت للتفرغ للقضايا، مشيرين إلى أنّه على الرغم من هذا التقدم فإنّه لا يمكن استبدال التطبيقات الذكية بدلاً من المحامي.
وأضاف «رجال قانون» لـ«الرؤية» أنّ المواقف المستجدة في أثناء جلسات المحاكمة تتطلب مهارة وفطنة لا يتقنها ولا يجيدها إلا المحامي، مؤكدين أنّ قدرة الإنسان الفريدة على خلق التعاطف مع المحلّفين والقضاة على حدٍ سواء لا غنى عنها في المداولات القانونية.
وذكروا أنّ المحامين يتفوّقون على الذكاء الاصطناعي في تقديم الاستشارات القانونية وإجراء التحليلات القانونية، لكن إذا عملا سوياً مع بعضهما البعض، سيكوّنان فريق عملٍ رائعٍ يمزج بين تقنية الذكاء الاصطناعي والعقل البشري، في حين أظهرت دراسة أنّ البشر يستطيعون غالباً مواكبة الذكاء الاصطناعي من ناحية الدقة في مراجعة العقود، لكن لا يمكن القول الشيء ذاته عندما يتعلق الأمر بالسرعة.
تخوّف
وقالت المحامية نادية عبدالرزاق إنّ التطورات التكنولوجية المتلاحقة التي ألقت بظلالها على تفاصيل الحياة اليومية البشرية، أثّرت بشكل كبير على مهنة المحاماة على وجه التحديد، لا سيما بعد ظهور التطبيقات الذكية والرقمية والاعتماد عليها في إنجاز معظم الأعمال القانونية، مشيرة إلى أنّ التقاضي عن بُعد كان له دور كبير في تيسير عملية التقاضي منذ بداية ظهور جائحة كورونا.
وأضافت أنّ التطور الرقمي شكّل تخوفاً لدى بعض المحامين حول إمكانية تقليص أدوارهم نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي، موضحةً أنّ استخدامه من قبل المحامين سيُساعد في تخفيف الجهد الذي يبذلونه لإنجاز أعمالهم اليومية، ويوفّر لهم المزيد من الوقت للتفرغ للقضايا، إلا أنّ المواقف المستجدة في أثناء جلسات المحاكمة تتطلب مهارة وفطنة لا يتقنها ولا يجيدها إلا المحامي، وبالتالي يبقى حضور المحامي لجلسات المحاكمة العنصر الأساسي لضمان المحاكمات العادلة ولتأمين حق الدفاع.
تفوّق بشري في الاستشارات
وأكّد المحامي خليل خضر المنصوري، أنّه على الرغم من التطورات التكنولوجية في جميع نواحي الحياة، فمن الصعب تخيّل كيف يمكن استبدال المحامين بالذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي داخل قاعة المحكمة، لافتاً إلى أنّ قدرة الإنسان الفريدة على خلق التعاطف مع المحلفين والقضاة على حدٍ سواء لا غنى عنها في المداولات القانونية.
وأشار إلى أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمال مهنة المحاماة له جانبان، الإيجابي يتمثل في حضور المحامي بسهولة للجلسة، ويستطيع أن يحضر أكثر من قضية في اليوم نفسه، أما الجانب السلبي فهو عدم حضور المحامي في المحكمة، وبالتالي تقل قضاياه، ودفاعه أيضاً يصبح أقل تأثيراً.
وأوضح أنّ المحامين يتفوقون على الذكاء الاصطناعي في تقديم الاستشارات القانونية وإجراء التحليلات القانونية، والتي تعطي قيمة إضافية للاستشارة، أثناء تقديمها إلى العميل، أما الذكاء الاصطناعي فلا يمكنه تقديم نصيحة محددة للعميل بشأن مسألة بعينها، ولكن يمكنه الإجابة على أسئلة قانونية بسيطة وشائعة.
وأوضح أنه يمكن للمحامين استخدام المحامي الروبوت لتسريع عملهم وتوفير تجربة أفضل للعملاء من خلال السماح للعملاء بخدمة أنفسهم عبر الإنترنت.
فريق عمل
من جانبه، قال المحامي محمود حسين إنّه لا يعتقد أنّ يحل الذكاء الاصطناعي أو ما يسمى بـ(المحامي الروبوت) محل البشر، وإنّما سيعمل كلاهما معاً، وسيكوّنان فريق عملٍ رائعٍ يمزج بين تقنية الذكاء الاصطناعي والعقل البشري، وهو ما سيُسهم كثيراً في تطوير سوق العمل القانوني، وتقديم الخدمات القانونية.
وأضاف أنّ التجارب المختلفة في بعض الدول بخصوص هذا الشأن تُبين أنّ المهام التي يقوم بها المحامي الآلي حالياً تقتصر على قراءة الوثائق، وتحليل العقود، والتنبيه إلى ما قد يشوبها من عيوب ونواقص، وتحديد المخاطر والمسؤوليات والالتزامات، وإعطاء دفوع قانونية بناء على الأحكام القضائية، وصياغة حجج سبق للقضاء الأخذ بها، وتكوين فرضيات بناء على الأسئلة والوقائع المدخلة، ولكن لم يتسنَّ حتى الآن بناء محامٍ قادر على المرافعة في أروقة المحاكم.
وأوضح أن التطبيقات الذكية تسهّل عمل القانونيين وتعينهم على أداء مهامهم بدقة وسرعة قصوى، بخاصة في مكاتب وشركات المحاماة الذين أولوا اهتماماً كبيراً لاستخدام الذكاء الاصطناعي، لأنه يساهم في بذل العناية الواجبة من قبل القانونيين والباحثين لجمع المعلومات الأساسية، والتثبّت من الوقائع والتأكيد على الحقائق وتقييم القرارات المتعلقة بالقضايا السابقة تقييماً شاملاً، وذلك من أجل تقديم الاستشارات والخدمات القانونية للزبائن بشكل دقيق وفعّال.
وأشار إلى دراسة نشرت على منصة «لوغيكس» LawGeex لمراجعة العقود بالذكاء الاصطناعي، أظهرت تفوّق البرمجيات من حيث السرعة في المراجعة، والتي قاربت ما نسبته (94%) مقارنة بمتوسط (85%) لصالح المجهود البشري المبذول من قبل المحامين، والتي خلصت إلى أن أنّ البشر يستطيعون غالباً مواكبة الذكاء الاصطناعي من ناحية الدقة في مراجعة العقود، لكن لا يمكنهم ذلك عندما يتعلق الأمر بالسرعة.
غياب روح القانون
أضافت طالبة الحقوق أميرة حمادة، أنّ الذكاء الاصطناعي لن يؤثر على مهنة المحاماة في المستقبل، بل سيكون مساعداً للمحامي في إنجاز إعماله بسرعة ويسر، ويذكّره بجدول المواعيد، كما يُساعد في إزالة العديد من العقبات التي تضيع الوقت، منها زيادة حجم الأعمال الورقية من مستندات ووثائق وعقود، وصعوبة البحث والحصول عليها، إضافة إلى تعقيدات المراجع والخطوات في كل قضية.
وأوضحت أنّه على الرغم من نجاح مهمة القاضي الروبوت في بعض التجارب، لكن الخطورة تكمن في أنّه عديم المشاعر الإنسانية التي يتمتع بها القاضي الإنسان، ضاربة مثالاً على ذلك بـ«أم تسرق رغيف خبز لأطفالها الجائعين»، وهو ما يدعى بـ«روح القانون» التي قد لا يستطيع الروبوت تطبيقها.