غضب جماهيري، ونقص في الخدمات الرئيسية وسيطرة إيرانية على كافة مفاصل الحياة، وصراعات عشائرية، وسط شن المليشيات والأجهزة الأمنية حملات اعتقال وملاحقة للناشطين والمتظاهرين.. يبدو أن محافظة البصرة جنوب العراق باتت على موعد مع موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية.
ودعا ناشطون بصريون في مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم مظاهرات واسعة، في ٢٠ يونيو/حزيران الحالي؛ احتجاجا على سوء الأوضاع في المحافظة.
وطالبت تنسيقية مظاهرات البصرة المركزية، أبناء المحافظة، بالخروج في احتجاجات واسعة ضد الحكومة، بعد "الوعود الكاذبة" من قبل الحكومة المحلية والمركزية وسوء الخدمات وتردي الوضع الأمني وتسلط قوة "الأحزاب الفاسدة" على الفقراء، على حد قولها.
وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في البصرة، منذ ٧ سبتمبر/ أيلول الماضي، حين اقتحم محتجون مبنى القنصلية الإيرانية في المدينة، وأضرموا النار فيها، تزامنًا مع إشعال متظاهرين النيران في١٢ مقراً لمليشيا وحزب تابعين لطهران في المدينة.
وأمام ذلك، لجأت القوات الأمنية العراقية إلى إعلان منع التجوال، وشن حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من الناشطين، ولا تزال مستمرة حتى الآن.
وقال عضو تنسيقية التظاهرات في البصرة، أمجد المالكي، لـ(العين الإخبارية) "الحكومة المحلية في البصرة ضعيفة تعاني من ترهل إداري ومن ضغوطات الكتل السياسية، والحكومة المركزية بشقيها التنفيذي والتشريعي، لم تؤد دورها بشكل جيد، لذلك نفس المشاكل التي أدت الصيف الماضي إلى اندلاع الاحتجاجات في البصرة مازالت مستمرة".
ولم تتوقف المليشيات الإيرانية، خلال الأشهر الماضية، عن اعتقال المتظاهرين والناشطين ونقلهم إلى أماكن مجهولة، وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم المشاركة مجددا في الاحتجاجات.
وكثفت الحكومة العراقية والأحزاب والمليشيات، خلال الأيام الماضية، مضايقاتها للناشطين والمتظاهرين الذين ساهموا الصيف الماضي في تنظيم مظاهرات البصرة التي امتدت إلى غالبية محافظات الجنوب العراقي والعاصمة بغداد.
ورغم محاولات الناشط العراقي أمجد المالكي ورفاقه من الناشطين البصريين إلى توعية الأجهزة الأمنية والحكومية بكيفية التعامل مع الاحتجاجات المدنية واحتوائها بطرق سلمية، عقب انتهاء احتجاجات العام الماضي، ومحاولة التنسيق بين الحكومة والمنظمات الأجنبية لتدريب الأجهزة الأمنية، إلا أن كل المحاولات كانت دون جدوى.
واستخدمت مليشيات الأحزاب التابعة لإيران، الصيف الماضي، الرصاص الحي في إنهاء المظاهرات في البصرة، وبحسب إحصائيات رسمية، حصلت عليها (العين الإخبارية) من مصادرها في المديرية العامة لصحة محافظة البصرة، قتل أكثر من ٢٢ متظاهرًا وأصيب أكثر من ٦٠٠ آخرين بجروح خلال تلك الاحتجاجات.
وكشف مسؤول أمني عراقي لـ(العين الإخبارية)، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن "الحكومة العراقية والقوات الأمنية اتخذت خلال الأيام الماضية استعداداتها لمواجهة التظاهرات التي دعا لها ناشطو البصرة، وهناك أوامر بإغلاق كافة منافذ المدينة ومنع دخول أي شخص للمحافظة، ستطبق خلال الأيام المقبل قبل انطلاقة المظاهرات".
في غضون ذلك عبر مجلس عشائر البصرة عن دعمه لدعوات تنظيم تظاهرات عارمة تعيد للمحافظة حقوقها المشروعة.
وقال الشيخ رائد الفريجي، رئيس مجلس عشائر البصرة، لـ(العين الإخبارية): "البصرة لم تنصف حتى الآن رغم أننا التقينا برئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، وأبلغنا أن المحافظة لها الأولوية لكن لم نلتمس أي شيء مما قاله".
ووصف الفريجي حصة البصرة من الموازنة العامة للعراق بأنها "مخجلة"، لكونها لا تتلاءم مع مكانة هذه المحافظة، التي تشكل مواردها نحو ٨٥٪ من ميزانية البلاد".
وتابع: "التظاهرات ستنطلق في البصرة للمطالبة بالحقوق وسنطالب بإقالة رئيس الوزراء لأنه غير قادر على إدارة البلد، هناك خلل وفشل واضح في أداء الحكومة العراقية".
وتعتبر البصرة التي تمثل ثالث أكبر مدن العراق بعد بغداد والموصل، أغنى مدن هذا البلد نفطياً؛ حيث تحتضن ١٥ ألف حقل نفطيا، ثلاثة منها تعتبر الأكبر على مستوى العالم، إضافة إلى أنها المدينة العراقية الوحيدة التي تمتلك موانئ بحرية حيث تطل على الخليج العربي، لكن سياسات إيران ومليشياتها خلال الأعوام الماضية جعلت منها مدينة منكوبة.
وتعاني البصرة من ارتفاع نسب الملوحة والسموم في مياه نهر شط العرب، الذي يقسم المدينة إلى نصفين بسبب المخلفات ومياه البزل المالحة التي يطلقها النظام الإيراني فيه، ما أدى إلى تسمم أكثر من ١٥٠ ألف بصري.
ويطالب البصريون بالخدمات الرئيسية خصوصا الكهرباء والمياه الصالحة للشرب وحصة مالية تتناسب مع موارد المحافظة إلى جانب مطالباتهم بإنهاء النفوذ الإيراني في المحافظة والعراق بشكل عام.