نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، صورة للوالد، المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، في الذكرى السنوية لرحيله.
وقال سموه في التغريدة: «في مثل هذا اليوم، السابع من أكتوبر 1990، رحل راشد بن سعيد آل مكتوم.. رحل عن دبي والدها ومهندسها.. تصدعت برحيله الكثير من القلوب، لم يصدق الكثيرون أن من كان أباً لهم قد رحل.. أصعب رحيل هو رحيل الوالد.. يجعلك يتيماً.. لأنه كان سبباً في وجودك.. في حياتك.. في نجاحك.. سبباً في وجود وطنك».
ويؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في تغريدته، الأثر العميق الذي سجله المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في تأسيس الإمارة، ومساعدة أهلها على تخطي الصعوبات التي كانت تكتنف حياتهم، إذ منح إمارتهم الملامح الأساسية التي منها تشكلت هويتها، ومهد لهم سبل العيش الكريم، كما عمل على تأمين أسباب الرفاهية لهم في وقت مبكر من عمر المنطقة.
بدأ ذلك خلال سنوات توليه ولاية العهد، وتواصل بعد وفاة والده المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم عام 1958، إذ انتقل الشيخ راشد بن سعيد مع عائلته للإقامة في قصره، في منطقة زعبيل.
ومنذ توليه الحكم، عمل على تثبيت مركز دبي على خارطة التجارة، لاسيما أن عوائد البترول حينها كانت لا تفي بالتزامات الإمارة، فاهتم بالأسواق، ودعم التجار، وشجّع الاستثمار التجاري في الإمارة، وخطّط لآفاق بعيدة ورؤى مستقبلية لمدينة دبي.
كما اهتم بإنشاء الدوائر التي تقدّم خدماتها للسكان، فتسهّل حياتهم، وتسهم في تطوير الإمارة، كالبلدية، والشرطة، والجمارك، والمحاكم، والكهرباء والمياه، وغيرها من الدوائر.
وكان الشيخ راشد بن سعيد رجل سياسة، فبنى علاقات أخوية طيبة مع حكام منطقة الخليج العربي، وبهذا تمكّن من وضع حجر الأساس لمدينة دبي الحديثة، إذ اهتم بالعمران والتجارة، واستطاع استغلال كل الإمكانات لمصلحة بلاده، فأنشأ دائرة خاصة بشؤون النفط، ودائرة للطيران والقضاء، وأطلق التحولات الحقيقية في حياة دبي، فعمل على توسيع خور دبي، وتعميقه، لأن ضحالة مياه الخور كانت تهدد الملاحة فيه، وتُصعّب على السفن التجارية الكبيرة دخول الخور، بسبب قرب رماله من سطح المياه، وهكذا أصبح خور دبي من أفضل الموانئ التجارية والاقتصادية.
وشهدت دبي طفرة تنموية، شملت إنشاء الطرق والمطار والموانئ، ففي أكتوبر عام 1972 افتُتِح ميناء راشد البحري، وكان داعماً اقتصادياً قوياً لإمارة دبي خاصة والإمارات عامة. وشجع الشيخ راشد التجارة والتجار، وطمح لزيادة الموارد، وتشجيع الخطوط العالمية للمرور بها، فأصبحت مركزاً تجارياً بين الشرق والغرب.
وأدّت دبي بقيادة الشيخ راشد بن سعيد، رجل الحكمة، دوراً كبيراً في مهمة اتحاد الإمارات، واتفقت رؤيته مع رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بضرورة قيام اتحاد يجمع إمارات ساحل الخليج العربي، وأسفرت جهودهما عن توقيع اتفاقية السميح المشهورة في فبراير عام 1968 باتحاد الإمارتين، الذي أكملاه باتحاد الإمارات السبع في الثاني من ديسمبر 1971.
انتقل المغفور له إلى رحمة الله في السابع من أكتوبر عام 1990، بعد فترة حكم حافلة بالإنجازات التي حولت دبي من منطقة بسيطة إلى منطقة تجارية مهمة.
نشأ الشيخ راشد بن سعيد في منطقة الشندغة في كنف والده الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، المعروف بالتقوى والحكمة وسعة الصدر ورجاحة العقل. أما والدته الشيخة حصة بنت المر بن حريز الفلاسي، المعروفة بـ«أم دبي»، كانت لها مكانة خاصة في قلوب أهل الإمارة، إذ عُرفت بقوة تحملها وإرادتها العالية وطموحها، واشتهرت بكرمها وحبها للخير، ومدّ يد العون لكل محتاج.
ومنذ صغره، اتصف الشيخ راشد بن سعيد بنضجه وفكره السابق لعصره، وعُرف بأنه شاب مثابر ومحبّ للبحث والاطلاع، ومن أهم هواياته الصيد بالصقور، وركوب الهجن، والخيل، والرماية.
ارتبط الشيخ راشد بمجلس أبيه، واستفاد منه الكثير، إذ تعلم كيفية إدارة المنطقة وتسيير أمورها، وكان مطّلعاً على كل ما يحدث في هذا المجلس، ليتعرّف أمور الحكم، ويتدرّب على تحمل المسؤولية.
انتقل الشيخ راشد إلى رحمة الله، تاركاً وراءه سجلاً من الأعمال والإنجازات التي حازت احترام العالم لقائد تفانى في خدمة وطنه، وتحقيق حلم الاتحاد