الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - تكنولوجيا و صحة - استخدام جديد من نوعه لمعدة الأبقار!

استخدام جديد من نوعه لمعدة الأبقار!

الساعة 04:30 مساءً

 

يمكن للميكروبات التي يتم استخلاصها من معدة الأبقار أن تلتهم أنواعًا معينة من البلاستيك، من بينها بولي إيثيلين تيريفثاليت PET المستخدم في صناعة زجاجات الصودا وتغليف الأطعمة والأقمشة الاصطناعية.

 

وفقا لما نشره موقع Live Science، اكتشف علماء من جامعتي مينيسوتا وفيينا وجود ميكروبات في سائل مستخلص من معدة حيوانات مجترة، تشمل الأبقار والأغنام، التي تعتمد على الكائنات الحية الدقيقة للمساعدة في هضم ما تتناوله من نباتات خشنة.


 

للهضم أو التخمير

تعمل معدة الأبقار كحاضنة للميكروبات، التي إما تهضم أو تخمر الأطعمة التي تستهلكها البقرة أو الحيوانات المجترة الأخرى.

 

اشتبه الباحثون في أن بعض الميكروبات الكامنة في كرش البقرة يجب أن تكون قادرة على هضم مادة البوليستر، وهي مواد ترتبط جزيئاتها بما يسمى مجموعات الـ"إستر".

 

وذلك لأن الأبقار، بسبب نظامها الغذائي الآكل للأعشاب، تستهلك بوليستر طبيعيًا تنتجه النباتات، يسمى "كوتين"، والذي يحمل خصائص مشابهة في بنيته الكيميائية للبوليستر الصناعي PET.

 

مصدر منطقي للإنزيمات

وبحسب ما ذكرته دوريس ريبيتش، الباحثة المشاركة في الدراسة والعالمة المتخصصة في الموارد الطبيعية وعلوم الحياة في جامعة فيينا، يشكل الكوتين معظم القشرة، أو الطبقة الخارجية الشمعية لجدران الخلايا النباتية، ويمكن العثور عليه بكثرة في قشور الطماطم والتفاح، على سبيل المثال، لأنه عندما تحاول "الفطريات أو البكتيريا اختراق مثل هذه الفاكهة، فإنها تنتج إنزيمات قادرة على شق هذا الكوتين"، أو تقسيم الروابط الكيميائية داخل المادة. وعلى وجه التحديد، يمكن لفئة من الإنزيمات تسمى "كيوتيناسيس" أن تؤدي إلى تحلل الكوتين، مما يعني أنها تبدأ تفاعلًا كيميائيًا تقوم خلاله جزيئات الماء بتقسيم المادة إلى أجزاء صغيرة.

 

قامت بروفيسور ريبيتش وزملاؤها بعزل هذه الإنزيمات من الميكروبات في الماضي، وتوصلوا إلى أن الأبقار يمكن أن تكون مصدرًا منطقيًا مماثلًا لأنها تقوم بمضغ البوليستر، حيث أنها "تستهلك وتحلل الكثير من المواد النباتية، لذلك من المحتمل جدًا أن تتواجد مثل هذه الميكروبات" في بطونها.

 

تحلل 3 أنوع من البلاستيك

وفي الدراسة الجديدة، التي تم نشر نتائجها في دورية Frontiers in Bioengineering and Biotechnology، أكد الباحثون توصلهم إلى أن الميكروبات من كرش البقر يمكن أن تؤدي إلى تحلل البوليستر الصناعي بالإضافة إلى نوعين آخرين من البلاستيك، هما "بوليباتيلين أديبيت تيريفاثاليت" PBAT، المستخدم في صناعة الأكياس البلاستيكية القابلة للتحويل إلى سماد، و"فيورانوات البولي إيثيلين" PEF، المصنوع من مواد متجددة مشتقة من النباتات.

 

ولتقييم مدى قدرة ميكروبات معدة الأبقار على تحليل البلاستيك، قام فريق الباحثين بوضع كل نوع من البلاستيك في سائل مستخلص من معدة الأبقار لمدة يوم إلى ثلاثة أيام. وبالفعل تبين أن المادة السائلة أدت إلى تحلل بلاستيك PEF بشكل أكثر كفاءة، مع التأثير بدرجة أقل على PET وPBAT.

 

هندسة الميكروبات وراثيًا

ويأمل الباحثون في دراسة خصائص البكتيريا، التي تتغذى على البلاستيك في سائل معدة الحيوانات المجترة، من أجل تحديد الإنزيمات التي تستخدمها البكتيريا لتحليل البلاستيك. وأشارت بروفيسور ريبيتش إلى أنه إذا أمكن تحديد الإنزيمات، التي يمكن أن تكون مفيدة لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية، فيمكن بعدئذ هندسة الميكروبات وراثيًا لإنتاجها بكميات كبيرة، دون الحاجة إلى جمع الميكروبات المذكورة مباشرة من معدة البقر. وبهذه الطريقة، سيمكن إنتاج الإنزيمات بسهولة وبتكلفة زهيدة.

 

براءة اختراع

في السياق نفسه، حصلت بروفيسور ريبيتش وفريقها البحثي على براءة اختراع لطريقة إعادة التدوير التي تتعرض فيها مواد النسيج لأنزيمات مختلفة بالتسلسل؛ والتي سبق تحديدها في الدراسة السابقة. وأوضحت ريبيتش أنه بهذه الطريقة، سيمكن إعادة تدوير المنسوجات، التي تحتوي على مواد متعددة، دون فصلها أولاً إلى الأجزاء المكونة لها.

 

مزيد من المصادر الطبيعية

ومن جانبه، قال بروفيسور ديفيد ليفين، عالم الأحياء الجزيئية والمتخصص في التكنولوجيا الحيوية في قسم هندسة النظم الحيوية بجامعة مانيتوبا، والذي لم يشارك في الدراسة، اكتشف الباحثون أن معدة الأبقار تحتوي على أنواع من الإنزيمات المفيدة، ولكنها تتوافر أيضا في العديد من الأماكن في الطبيعة.

 

وأضاف قائلًا إنه سبق، على سبيل المثال، تم العثور على أول نوع بكتيريا قادرة على استهلاك مادة البولي إيثيلين تيرفثالات وهي "أيدونيلا ساكينسيز"، علاوة على أن بعض الكائنات البحرية تفرز الـ"كتينازات"، التي يمكن أن تؤدي إلى تحلل المواد البلاستيكية، بنفس الطريقة التي تؤثر بها الفطريات المختلفة على النباتات البرية.

 

التحدي الحقيقي

وقالت بروفيسور ريبيتش إن التحدي الحقيقي الآن يكمن في العثور على إنزيمات يمكنها أن تؤدي إلى تحلل المنتجات البلاستيكية الأكثر إزعاجًا، مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين، والتي تتكون، إلى حد كبير، من روابط قوية بين ذرات الكربون، مما يحد من قدرة الإنزيمات على تحويلها إلي جزيئات تتحلل سريعًا بالماء.