من المؤكد أن الكثيرين يعلمون بمدى أهمية الحفاظ على التنوع الحيوي. ولكن ليس واضحا لماذا يعتبر التنوع الحيوي جزء لا يتجزا من نظام بيئي صحي. وماذا يعطينا هذا التنوع؟
ولماذا نحتاج إلى ثمانية مليون نوع من النباتات والحيوانات إذا لم نرهم حتى مرة واحدة في حياتنا؟
والسبب كما يحدث دائما أعمق بكثير من مجرد الرغبة في تنويع البيئة المحيطة في الواقع. لأن تنوع الحياة (المتغيرات الجينية) على الأرض، تضمن تطور مجموعات سليمة من الكائنات الحية وسلاسل غذائية موثوقة. أي كلما كانت النباتات والحيوانات أكثر تنوعا على كوكبنا ، قلّ احتمال حدوث خلل في النظام بأكمله، بسبب عدم وجود نوع واحد، لأن هناك شبيه جيني له يمكن أن يحل محله، ويعود التوازن.
وتشير مجلة PNAS، إلى أن علماء معهد كاري لبحوث النظام البيئي، اكتشفوا أن تقلص التنوع الحيوي، يزيد من خطورة إصابة الإنسان بأمراض جديدة مصدرها حيواني والأمراض المعروفة فعلا.
وتقول عالمة البيئة فيليتسيا كيزينغ، "توجد أسطورة شائعة تفيد بأن الأمراض تنتشر أسرع في الأماكن البرية ذات التنوع الحيوي الكبير. وكلما زاد تنوع الحيوانات، زادت خطورة مسببات للأمراض. ولكن هذا غير صحيح. لأن التنوع الحيوي ليس خطرا على الإنسان، بل على العكس، يحميه من مواجهة الأنواع القادرة على إصابته".
وكما هو معروف، أن أمراضا مثل "كوفيد-19" والالتهاب الرئوي الشاذ SARS وحمى إيبولا، سببها عوامل أمراض تصيب مختلف أنواع الفقاريات بما فيها البشر. ولكن لا تنقل جميع الحيوانات هذه الأمراض بنفس النشاط، إلى الأنواع الأخرى.
ويقول الباحث ريك أوستفيلد، "تؤكد نتائج الدراسات الأخيرة، على أن الحيوانات الموجودة في المناطق المعدلة بنتيجة النشاط البشري، تحمل العديد من الأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى البشر. بينما الأماكن الأقل تأثرا بالنشاط البشري، حيث توجد أنواع مختلفة من الحيوانات ... ، للتنوع الحيوي تأثير وقائي".
وتعتبر القوارض والخفافيش والحيوانات الظلوفية مثل الأغنام والغزلان، وكذلك العديد من الحيوانات المفترسة، الناقلات الرئيسية للأمراض الحيوانية المنشأ. ويؤكد الباحثون على أن "مسبب المرض المقبل، الذي يشكل خطورة على البشر من المرجح أن يكتشف في الجرذان وليس في وحيد القرن".
ويوضح الباحثون، بأن الحيوانات التي دورة حياتها قصيرة، تكون عادة أنشط في نشر الأمراض. كما أنها تتكاثر أسرع من الحيوانات الأخرى ولها منظومة مناعة ضعيفة، أو حتى لا تحتاجها خلال دورة حياتها القصيرة.
ويشير الباحثون، إلى أن أنواع الحيوانات الكبيرة التي تكون دورة حياتها طويلة، هي أول المتضررين من تقليص التنوع الحيوي. وأما الحيوانات الصغيرة فتتكيف بسرعة مع الظروف الحياتية الجديدة. واكتشف الخبراء، أن الأنواع المهددة بالانقراض نادرا ما تكون من بين الحيوانات التي تنشر الأمراض. وان النشاط البشري، الذي يجبر الحيوانات النادرة على تغيير موطنها والانتقال إلى مكان جديد، يجذب الحيوانات والطيور الأكثر خطورة من ناحية نقل الأمراض إلى الإنسان.
ويشير الباحثون، إلى أنه لا فائدة من القضاء على أنواع معينة من الحيوانات التي تنقل الأمراض مثل القوارض والطيور، لأن هناك أنواعا أخرى من الحيوانات يمكنها نقل هذه الأمراض. ولكن من الضروري تحديد الخصائص الرئيسية، التي تجعلها تنقل مسببات الأمراض. فقد تكون هذه من خصائص نظامها المناعي، أو البيئة التي تعيش فيها، ومقاومتها لتأثير العوامل الخارجية.
ولقد أصبح واضحا أن النشاط البشري هو السبب الرئيسي للأوبئة الحديثة. لذلك، من المهم بشكل خاص الحفاظ على التنوع البيولوجي وزيادته ، ما يمنع انتشار الأمراض الخطيرة.
المصدر: فيستي. رو