هل ستغضب إذا لم يصل الرد بـ"شكراً" على رسالة بريد إلكتروني من أصدقائك أو زملائك في العمل حتى لو كنت تعلم أنها ستساعد في تقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي؟
فبحسب ما نشرته "صحيفة ديلي ميل" البريطانية، يقول الباحثون إن ملايين الرسائل غير الضرورية التي يتم إرسالها يومياً تضخ آلاف الأطنان من الكربون في الغلاف الجوي.
ويُرجع الباحثون السبب في ذلك إلى الطاقة التي يتم استهلاكها عند إرسال مثل هذه النوعية من البريد الإلكتروني، والتي تساهم بأكثر من 23000 طن من الكربون سنوياً في البصمة الكربونية في بريطانيا، على سبيل المثال.
يشار إلى أن البصمة الكربونية هي إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الانبعاثات الصناعية أو الخدمية أو الشخصية، وقياسها يكون سعياً للحد من الآثار السلبية لتلك الانبعاثات.
انبعاثات عن 81,152 رحلة جوية
ووفقاً لتوصيات الدراسة، ففي حين أن رسائل البريد الإلكتروني هي شكل متكامل من أشكال الاتصال، لكن إذا قام جميع المستخدمين من تقليل رسالة بريد إلكتروني واحدة فقط من التي تتضمن مجرد عبارة شكر يومياً، فربما يوفرون أكثر من 16000 طن من الكربون سنوياً في دولة مثل بريطانيا.
كما يشير الباحثون إلى أن هذه الكمية من الكربون تعادل ما ينبعث عن 81,152 رحلة جوية من لندن إلى مدريد أو عدم السير بحوالي 3334 سيارة بمحرك ديزل على الطرق.
رسائل "أمسية سعيدة" و"لوول"
إلى ذلك توصل الباحثون أيضاً إلى أن 49% من البريطانيين أفادوا بأنهم يقومون بإرسال بريد إلكتروني غير ضروري كل يوم، من بينها رسائل تتضمن عبارات مثل "أتمنى لك ليلة سعيدة" و"تحياتي" و"أعرب عن تقديري"، بالإضافة إلى عبارات أخرى مثل "لوول" (الأحرف الأولى من عبارة أضحك بصوت عالي) أو "هل وصلتك هذه؟".
وعلى الرغم من أن أسلوب المجاملات والسلوكيات النمطية يعد سبباً رئيسياً وراء بعث العديد من رسائل البريد الإلكتروني غير الضرورية، إلا أن الدراسة كشفت أيضاً أن 71% من البريطانيين أكدوا أنهم لن يتضرروا إذا لم يتلقوا عبارة "شكراً" إذا كان السبب هو الحفاظ على البيئة.
ووفق صحيفة "فاينناشال تايمز"، يقوم مسؤولون بريطانيون حالياً بدراسة نتائج الدراسة للأخذ بتوصياتها في الاعتبار أثناء وضع خطط لمعالجة تغير المناخ.
البصمة الكربونية العالمية
كما يؤدي إرسال أي بريد إلكتروني إلى إنشاء بصمة كربونية من مزيج من الكهرباء المستخدمة لتشغيل الأجهزة التي تتم كتابتها وإرسالها منها وتلك التي تستخدم لاستقبالها وقراءتها، بالإضافة للشبكات التي تنقل البيانات ومراكز البيانات التي تخزن بها الرسائل الإلكترونية.
ويقول الخبراء إن مركز البيانات يمثل أقل من 0.1% من البصمة الكربونية العالمية، ولكن من المتوقع أن يزداد هذا الرقم مع زيادة استخدام مكالمات الفيديو والألعاب والبث المباشر بشكل عام، وأثناء أي فترات إغلاق أو حظر تجول بسبب الموجة الثانية من جائحة كورونا.
إسهام محوري لقطاع تكنولوجيا المعلومات
إلى ذلك حذر مايك بيرنرز لي، أستاذ في جامعة لانكستر، والذي استُخدمت أبحاثه لتقدير تأثير تقليص رسائل البريد الإلكتروني، من أن التقديرات تستند إلى حسابات مبسطة تعود إلى عام 2010.
وأوضح أن الفكرة القائلة إن زيادة الكفاءة تؤدي تلقائياً إلى خفض الكربون تبدو "مشكوكاً فيها بشكل لا يصدق"، مؤكداً أنه من المهم الحفاظ على التركيز على كيفية مساهمة قطاع تكنولوجيا المعلومات بشكل أكبر في تقليل انبعاثات الكربون.