أصبح من المشاهد المألوفة في الكثير من الحفلات والمناسبات أن تجد الكثير من الحضور يحملون هواتفهم الذكية ويقومون بتصوير بث مباشر للحدث أو التقاط صور سيلفي لرفعها في التو واللحظة على صفحاتهم وحساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي حتى إنهم يمكن أي يضيقوا زوايا الرؤية لمن يكتفون بمجرد الاستمتاع باللحظة.
لكن، بحسب ما نشرته "ديلي ميل" البريطانية، يقول الخبراء إن تصوير حدث مباشر ونشر الصور ومقاطع الفيديو على منصات مثل إنستغرام ونشر تعليقات على تويتر يمكن أن يحسن التجربة بالفعل ويزيد الشعور بالمتعة.
درس باحثون أميركيون تأثير إنشاء محتوى على شعور الناس بالانغماس خلال أحداث مختلفة، مثل الاستعراضات والأنشطة الترفيهية التي تقام في فترة الاستراحة خلال المباريات الرياضية الكبرى.
وتوصل الباحثون إلى أن هذا السلوك الشائع يمكن في الواقع تحسين التجارب من خلال زيادة المشاركة والشعور باستمتاع أكثر بالوقت.
وقالت غابرييلا تونييتو من جامعة روتجرز في نيوجيرسي الأميركية: "على النقيض من النصائح الشائعة إعلاميا، يكشف هذا البحث عن فائدة مهمة لدور التكنولوجيا في حياتنا اليومية".
وأضافت تونييتو أنه "من خلال إنشاء محتوى ذي صلة بالتجارب الجارية، يمكن للأشخاص استخدام التكنولوجيا بطريقة تكمل تجاربهم بدلاً من أن تتعارض معها".
يواكب الأحداث المباشرة الرئيسية مثل مباريات كأس العالم أو اللقاءات الرياضية أو الحفلات الموسيقية الضخمة بشكل روتيني زيادة هائلة في مشاركات وسائط التواصل الاجتماعي من الأشخاص الذين يتواجدون وسط الحديث أو حتى غيرهم ممن يشاهدونها على التلفزيون.
يزعم بعض الخبراء أن هذا التصرف ينتقص من الاستمتاع بالحدث الفعلي نفسه، والذي يتم تلخيصه ليصبح مجرد خلفية حيث يشغل بال الحضور بمتابعة هواتفهم المحمولة إلى حد أنهم لا يرفعون أعينهم بعيدًا عنها.
ولكن اختبر الباحثون، في سياق الدراسة الجديدة، الفوائد المحتملة لإنشاء المحتوى، أي التقاط الصور الفوتوغرافية والسيلفي ومقاطع الفيديو ونشر تعليقات عبر الحسابات الإلكترونية، عبر مجموعة متنوعة من المناسبات الرياضية والأحداث الفنية والترفيهية. وتباينت مدة المناسبات ما بين بضع دقائق وعدة ساعات بالإضافة إلى تنوع الأنشطة.
خلال التجارب، اكتشف الفريق البحثي أنه بشكل متواصل يتسبب إنشاء المحتوى في تحفيز المشاركين وزيادة حماسهم وانغماسهم مع الحدث بل والشعور بأن الوقت يمر بسرعة أكبر.
ولاحظ الباحثون حدوث تلك الظاهرة بغض النظر عما إذا كان الأشخاص يميلون إلى التعبير بشكل إيجابي أو سلبي عن التجربة.
أدى إنشاء المحتوى أيضًا إلى زيادة استمتاع الأشخاص بالتجارب الإيجابية، على الرغم من أن هذا التأثير لم يمتد إلى زيادة المتعة خلال التجارب السلبية.
كما برز من خلال الدراسة أن الإنترنت تقدم ميزة إيجابية تعني أنه على سبيل المثال أن مشاهدة فيلم ما أو حضور عرض غنائي، الذي يمكن أن يكون تجارب فردية، يصبح جماعيًا وتفاعليًا عندما يشاركه الأشخاص عبر الإنترنت.
ويعتقد الباحثون أن قيام شخص ما ببث مباشر من هاتفه أثناء حضوره لأحد الحفلات لا يعني بالضرورة أنه مشتت أو غير قادر على الانغماس في الحدث.
وقالت الباحثة أليكساندرا باراش من جامعة نيويورك: "وجدنا أنه عندما يختار الناس إنشاء محتوى، فإنهم يميلون إلى القيام بذلك بطريقة بناءة". وأوضحت أن تلك الفائدة تحققت لأن هؤلاء الأشخاص يقومون بإنشاء محتوى وثيق الصلة بتجربتهم الحالية بشكل مباشر، أما في حالة استخدام التقنيات لإنشاء محتوى غير ذي صلة، فلم يكن له مردود على درجة الاستمتاع.
وشرحت باراش قائلة إنه إذا كان هناك شخص ينشر تعليقًا عن آخر فيلم قام بمشاهدته، بينما لا يتطرق إلى من يجلس قريبًا منه على طاولة العشاء، على سبيل المثال، فمن المحتمل أن ينتقص هذا من تجربته الحالية. ولكن إذا كان يستخدم جهاز الهاتف الذكي سواء للتعليق أو بث مقطع مصور للمزاح أو حتى الشكوى من تجربته الحالية، فإنه، بحسب ما توصلت له نتائج الدراسة الجديدة، "ربما يكون أكثر تفاعلاً ويستمتع بهذه التجربة أكثر مما لو احتفظ بهاتفه في جيبه."