كشف فريق من العلماء الألمان النقاب عن خوارزمية تجعل السيارات ذاتية القيادة "مضادة للحوادث" طالما أن السائقين البشر الآخرين يلتزمون بالقواعد المرورية السليمة، وفقا لما نشرته "ديلي ميل" البريطانية.
وطور الباحثون الخوارزمية باستخدام البيانات التي تم جمعها من مركبات تتحرك في العالم الحقيقي ولكن تم اختبارها عبر برامج محاكاة على الكمبيوتر.
وترتكز الخوارزمية المبتكرة على فرضية أن سائقي السيارات الأخرى يلتزمون بقواعد الطريق الآمنة، مع الأخذ في الاعتبار بعض الحالات غير المتوقعة، مثل ظهور راكبي دراجات بشكل مفاجئ على الطرقات.
وأشار الباحثون إلى حقيقة أنه لن يمكن اعتماد المركبات ذاتية القيادة على نطاق واسع ما لم يكن هناك ثقة تامة في أنها تتولى القيادة بأمان أكثر من السائقين البشر. لذا، فإن النجاح في تعليم المركبات ذاتية القيادة كيفية الاستجابة بشكل مناسب عند مصادفة مواقف فريدة بنفس القدرة التي يتمتع بها الإنسان ستمثل نقطة تحول حاسم لانتشارها في كافة شوارع العالم الحقيقي.
يقول فريق العلماء من الجامعة التقنية في ميونيخ في ورقتهم البحثية المنشورة في دورية Nature Machine Intelligence: "تعمل تقنيتنا كطبقة أمان لأطر تخطيط الحركة والسير والاستجابة أثناء تسيير المركبات ذاتية القيادة. وأضاف الباحثون: "تتجلى فوائد تقنية في أنها تحاكي سيناريوهات حرجة تم رصدها وتسجيلها من واقع حركة مرور حقيقية".
وأوضح الباحثون أن نتائج التجارب للخوارزمية المبتكرة تشير إلى "أسلوب التحقق عبر الإنترنت يمكن أن يقلل بشكل كبير من عدد حوادث المرور، بخاصة أن السيارات ذاتية القيادة لا تعاني من سلبيات مثل فقدان التركيز أو التعب أو النوم أثناء القيادة مثل السائق البشري".
الأفضلية للبشر في سرعة الاستجابة
ولكن يتميز البشر بأفضلية في الاستجابة بسرعة وبشكل مناسب للعديد من المواقف الفريدة التي ربما لم تتم برمجة السيارة ذاتية القيادة للتعرف عليها.
ويقول الباحثون: إن "المنعطفات اليسرى عند التقاطعات هي من بين أكثر المناورات خطورة، لأن المركبة ذاتية القيادة يجب أن تأخذ في الاعتبار حق الطريق للمركبات القادمة وأن تستسلم لراكبي الدراجات المحتملين في حاراتهم المخصصة".
واعترف الباحثون بأن السيارات ذاتية القيادة تورطت في بعض الحوادث ولكنها لا ترجع إلى عيوب في التكنولوجيا، وإنما بسبب أخطاء من السائقين البشر الآخرين، مثل التعرض لصدمات متعمدة من الخلف من سيارة أخرى.
يتمثل الجانب السلبي الملحوظ في الخوارزمية في أن مستخدمي الطريق - السائقون والمشاة على حد سواء - غالبًا لا يتصرفون بمسؤولية على الطرق.
وتعقيبًا على نتائج الدراسة الألمانية، يقول دكتور رون كريسلي من مركز ساسكس للعلوم المعرفية: "إن افتراض النظام بأن مستخدمي الطريق الآخرين سيتصرفون بشكل قانوني دائمًا يمكن أن يؤدي إلى حوادث تصادم يمكن أن يمنعها نظام مختلف، استنادًا إلى توقعات بكيفية تصرف البشر على الطرق بشكل واقعي".
ويضيف دكتور كريسلي، الذي لم يشارك في الدراسة، قائلًا إن هناك بعض المشاكل التي يجب التوصل إلى حلول لها، من بينها أن تقييد المركبات ذاتية القيادة بالتزام المسارات القانونية فقط ربما يؤدي إلى وقوع حوادث كان من الممكن تجنب وقوعها.
ويشرح دكتور كريسلي أنه على سبيل المثال ربما "يعد السماح ببعض الخرق غير الضار لقانون القيادة على الطريق السريع من جانب السيارة ذاتية القيادة يساعد في منع وقوع تصادمًا متعدد للمركبات ويحول دون حدوث وفيات متعددة".
أما بروفيسور نويل شاركي، أستاذ الذكاء الاصطناعي والروبوتات بجامعة شيفيلد، فقد وجه نقدًا لاذعًا للدراسة الألمانية قائلًا: إن فريق الباحثين قام بالمبالغة " في الترويج لفائدة الخوارزمية في العالم الحقيقي"، مشيرًا إلى أنها تقتصر على "إجراء محاكاة حاسوبية ولا تتناول ديناميكيات العالم الحقيقي".
وأضاف بروفيسور شاركي أن الدراسة تفترض بالخطأ أن جميع مستخدمي الطريق الآخرين يمتثلون لقواعد المرور والطرق. واختتم قائلًا إنه "على الرغم من أن هذا مشروع مفيد، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل في العالم الحقيقي قبل أن يتم النظر فيه للحصول على اعتماد وشهادة".